تولى مالك نادي "مانشستر سيتي" الإنجليزي، الشيخ منصور بن زايد، ملف إدارة العلاقات مع الأثرياء الروس الراغبين في نقل ثرواتهم إلى الإمارات منذ الهجوم على أوكرانيا، وفقاً لتقرير نشرته وكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس 28 أبريل/نيسان 2022.
واشتهر الشيخ منصور بن زايد آل نهيان خارج الإمارات العربية المتحدة؛ لكونه مالك نادي كرة القدم الإنجليزي البطل مانشستر سيتي، أما في الداخل، فهو يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ويُعَدُّ فرداً نافذاً في العائلة الملكية الإماراتية، بحسب تقرير الوكالة الأمريكية.
وظيفة خلف الكواليس
لكن الشيخ منصور له دورٌ آخر وراء الكواليس، وقد زادت أهمية هذا الدور في الأشهر الأخيرة: المساعدة في إدارة العلاقات مع الأثرياء الروس المتطلعين إلى نقل أموالهم للإمارات، وفقاً للعديد من الأشخاص المطلعين على تعاملات أبوظبي مع الروس، والذين طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم؛ لسرية المعلومات.
إذ يشارك الشيخ منصور منذ زمنٍ بعيد، في تنمية العلاقات الإماراتية-الروسية، لكن أهمية وتعقيدات منصبه بدأت تزيد منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، بحسب المصادر.
ورغم القيود المالية الجديدة التي فرضتها واشنطن والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، على روسيا، مما يجعلها الدولة الأكثر تعرضاً للعقوبات في العالم، لم تفرض الإمارات العربية المتحدة أي قيود عليها.
لكن هذا النهج أثار مخاوف بعض المسؤولين الغربيين القلقين من وجود ثغرات في برامج العقوبات الخاصة بهم.
مخاوف واشنطن
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعرب نائب وزير الخزانة الأمريكي، والي أدييمو، عن مخاوف واشنطن إزاء نقل أباطرة الأعمال الروس أصولهم إلى الإمارات، وذلك خلال مكالمةٍ هاتفية مع المسؤولين الإماراتيين مطلع الشهر الجاري، بحسب شخصين مطلعين على المداولات.
بينما تتزايد أعداد المسؤولين البارزين في الحكومة، ورجال الأعمال الأثرياء، والمسؤولين التنفيذيين الروس الذين يتواصلون مع الشيخ منصور ومكتبه من أجل مساعدتهم في المعاملات الحكومية الإماراتية، بحسب عدة أشخاص مطلعين.
المصادر أضافت أيضاً أن اهتمام الروس بالاستثمار في الدولة الشرق أوسطية قد زاد في أعقاب الهجوم على أوكرانيا، حيث يتسوق بعضهم لشراء شقق في دبي، بينما يريد آخرون شراء سياراتٍ فارهة، أو يحتاجون إلى مساعدةٍ في فتح حسابات مصرفية وشركات مالية.
وأردفت المصادر أن وزارة شؤون الرئاسة، التي يقودها الشيخ منصور، قدمت مساعدات أكبر لأولئك الأثرياء منذ بداية الهجوم.
المسؤولون الإماراتيون يرون في جهود الشيخ منصور جزءاً من استراتيجية الحكومة الأوسع لجذب الشركات العالمية، والحفاظ على علاقات استراتيجية مع الشرق والغرب، وفقاً للعديد من الأشخاص المطلعين.
ولا شك في أن العلاقات الروسية-الإماراتية تحظى بأهميةٍ خاصة؛ نظراً إلى تعاونهما في نطاق تحالف "أوبك+" للدول المصدرة للنفط، بحسب المصادر.
ويُمكن القول إن جهود الشيخ المتواصلة تكشف الستار عن جهود الموازنة الحساسة التي يحاول مسؤولو الإمارات تحقيقها.
إذ يريدون من ناحيةٍ أن يواصلوا الترحيب بتدفق الأموال الروسية التي يمثل أباطرة الأعمال جزءاً منها، بينما سيكون الجزء الأكبر من نصيب المواطنين العاديين الذين لا علاقة لهم بالكرملين.
ومن ناحيةٍ أخرى، يهتم مسؤولو الإمارات بنظرة الحلفاء الغربيين إليهم بعد أن فرضوا عقوباتٍ سريعة على فلاديمير بوتين والعديد من الشركات والأفراد الروس.
حيث قال عبد الخالق عبد الله، الأكاديمي الإماراتي: "لدينا صراعٌ بين أصدقائنا وحلفائنا. ولا نريد أن نخرج عن مسارنا لإثارة استياء واشنطن، ولكننا لا نريد أن نرضخ لهم أيضاً. فهناك كثير من أفراد الأوليغارشية الذين يمتلكون استثمارات في الغرب أيضاً".
الملياردير "منصور بن زايد"
يُعتبر الشيخ منصور (51 عاماً)، من أكثر أفراد العائلة الملكية نفوذاً في البلاد، فهو شقيق الحاكم الفعلي الشيخ محمد بن زايد ومستشار الأمن القومي طحنون بن زايد.
وكان يرافق محمد بن زايد إلى مختلف الاجتماعات مع الشركات الروسية قبل الهجوم على أوكرانيا. كما كان حاضراً في عام 2019 حين التقى محمد بن زايد مع بوتين في أبوظبي.
لكن المصادر أوضحت أن محمد بن زايد يظل مصدر القرارات النهائية في العلاقات الدبلوماسية رفيعة المستوى مع بوتين والروس.
وفضلاً عن كونه مليارديراً ثرياً، يشغل الشيخ منصور أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات المركزي.
وهو عضوٌ أيضاً في مجالس إدارة العديد من الشركات الأخرى، مثل عملاقة النفط الحكومية "أدنوك" وصندوق الثروة السيادية "جهاز أبوظبي للاستثمار"، الذي يشرف على أصولٍ تتجاوز قيمتها 800 مليار دولار، وفقاً لبيانات شركة Global SWF.
ويُعَدُّ راعياً للرياضة داخل البلاد، إذ يدعم مختلف الفعاليات الشهيرة بدايةً من كرة القدم وحتى سباقات الخيل والعَدو لمسافات طويلة. كما عاد نادي مانشستر سيتي إلى مقدمة الأضواء وفاز بالعديد من الألقاب منذ استحواذ الشيخ منصور عليه عام 2008، ليصبح من أهم قلاع كرة القدم العالمية.
زيادة الزيارات
احتل الروس المرتبة الرابعة على قائمة أكثر السياح زيارةً لدبي خلال أول شهرين من عام 2022، حيث وصلت أعدادهم إلى نحو 137 ألف سائح، أي أكثر من ضعف السياح الذين زاروها في الفترة نفسها العام الماضي، وإن كان الرقم أقل من معدلات ما قبل الجائحة، وفقاً لحكومة دبي.
بينما حاول بعض الإماراتيين ومنهم رئيس صندوق "مبادلة" السيادي خلدون المبارك، والسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، طمأنة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمسؤولين الأوروبيين، رغم تعليق الإمارات نسألة فرض العقوبات على روسيا.
إذ صرح المبارك، خلال مؤتمرٍ مالي عُقِد في دبي، الشهر الماضي، بأن صندوق "مبادلة"، الذي يمتلك استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، سيتجنب الاستثمار داخل روسيا في الوقت الراهن. ليصبح بذلك أول رئيس صندوق سيادي شرق أوسطي يدلي بتصريحات علنية عن الهجوم الروسي. لكنها تظل خطوةً تجاريةً بحتة ولا يجب اعتبارها قراراً سياسياً، بحسب أحد الأشخاص المطلعين على المسألة.
– هذا الموضوع مُترجم عن وكالة Bloomberg الأمريكية.