أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة تشكيل لجنة من شخصيات مستقلة تجري حواراً لجمع ملاحظات حول مشروع قانون الانتخابات والقاعدة الدستورية لها في لجنة أطلق عليها لجنة عودة الأمانة للشعب
جاء ذلك في ضوء حالة الانقسام الشديد التي تشهدها ليبيا وسط تخوفات من انجرارها لحرب أهلية على خلفية تنصيب فتحي باشاغا رئيساً لحكومة جديدة من قبل مجلس النواب بدلاً من حكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب، لكن يظل السؤال الأبرز هل تنجح اللجنة بالفعل في تغيير القانون؟ وما الهدف الرئيسي للدبيبة منها؟
الغرض من إنشاء اللجنة
يقول المحلل السنوسي إسماعيل لـ"عربي بوست" إن كل جهة تحاول أن تتمسك بالسلطة وترفض تسليمها رغم أنها حكومة غير منتخبة، لكنها منحت الثقة من المجالس التشريعية، ويرى أن الدبيبة يسعى لرفع شعار الانتخابات ليبرر تشبثه بالسلطة، لأن المشروع الذي طرحه والخاص بتعديل قانون الانتخابات يحتاج إلى جهات تشريعية من اختصاصها أن تقوم بمثل هذه المشاريع، ويضيف: "هذه الأمور ليس من السهل أن تصاغ من قبل سلطة تنفيذية، فليس من القانوني صياغة القوانين من جهة تنفيذية منتهية ولايتها أصلاً".
يشير إسماعيل إلى أن "اللجنة تحاول الاستعانة بالمجلس الرئاسي، وأن المجلس الرئاسي نفسه منتهية ولايته ولا ينبغي أن نقيس تجارب دول أخرى على تجاربنا.
أعتقد أن خارطة الطريق التي لم تعجب الدبيبة يريد أن يطرح لها بديلاً ليكسب مزيداً من الوقت، حتى يتمسك بالسلطة، هناك توافق قد حصل تم بموجبه تعديل الدستور بين مجلس الدولة والبرلمان، لكن الدبيبة يريد أن يقفز عليه".
يؤكد أنه من الأفضل أن يكون هناك توافق بين القوى السياسية أفضل من أن يكون لدى الدبيبة سيناريو من جهة واحدة وهي جهة تنفيذية وبالأساس ليس لها سيادة على كافة التراب الليبي.
هل لديها صلاحيات؟
وحسب إسماعيل، فإنه لا يمكن أن يتم إجراء انتخابات إلا في طرابلس وما حولها، وهذه مشكلة أخرى يجب أن يتم النظر إليها بعين الاعتبار، كيف سيتم انتخابات في الجنوب وفي الشرق الليبي في ظل هذه الأجواء رغم أن الدبيبة لا يملك السيطرة عليهما، لذلك يرى أن كل ما يفعله الرجل يعتبر انقلاباً على القوانين الليبية؛ لأنه كان مكلفاً بمهمة معينة وفشل في تحقيقها والآن يحاول الخروج من المأزق بهذه الإجراءات.
عضو اللجنة.. إذا لم نعدل الدستور بأكمله سأنسحب
من جانبه، يرى سامي الأطرش، عضو لجنة عودة الأمانة للشعب، أن العمل في اللجنة يجري على قدم وساق لجمع ملاحظات من كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى لتقديم مقترح فعال وليس محاولة شكلية للتغيير.
يقول الأطرش لـ"عربي بوست": "إذا كان قانون الانتخابات وحده هو ما سيتغير فأنا سأنسسحب من اللجنة، لا يمكن أن نغير جزءاً في كل غير صالح، الدستور بأكمله بحاجة إلى تعديل، واللجنة كملت إجراءاتها الشكلية في التواصل مع الجهات الأخرى، والآن هي في مرحلة النظر فيما لديها من ملاحظات لتقديم نموذج لتعديل الدستور يضمن رغبات الشعب الليبي.
يشير إلى أن "اللجنة عبارة عن أداة تواصل بمنظمات المجتمع المدني والأحزاب والقوى الوطنية حتى تسمع منهم رأيهم في هذه المسارات؛ الدستور والجانب الأمني، ومن ثم تخرج بمقترح لتعديل قانون الانتخابات، لاسيما أن الرؤية مختلفة بيننا وبين المجلس الرئاسي، فقانون الانتخابات لا يمكن أن يتم تعديله منفرداً، ينبغي أن نعدل الوضع الدستوري القائم في ليبيا، اللجنة لن تكون أداة شكلية لا تنقل مطالب الشعب الليبي.
يرى الأطرش أن هناك معايير ديمقراطية ودستورية لأي قانون، وأن أي مادة تتعارض مع المفاهيم الدستورية والانتخابية تحتاج إلى تعديل؛ لأن هناك مواد تتعمد تهميش أطراف على حساب أخرى.
هل تنجح في مهمتها؟
يقول الأطرش: "اللجنة مريضة بنفس المرض الذي ينخر ليبيا كلها، لا توجد تفاهمات واتفاقات مبنية على أسس منطقية حتى نتمكن من الوصول إلى نتيجة فعالة، أعضاء اللجنة الـ19 من خلفيات مختلفة وأيديولوجيات متنوعة، لكن كي نصل إلى اتفاق على مفهوم الديمقراطية يجب أن يكون لدينا أرض ثابتة، بعض أعضاء اللجنة يريدون أن يبنوا دولة مدنية ولا يريدون أن يضعوا قيماً دستورية وليس لديهم دستور يحدد أبجديات هذه الدولة المدنية، لذلك أعتقد أن الحد الأدنى من الاتفاق على القاعدة الدستورية غير موجود؛ لذا لا أعرف إن كانت ستنجح اللجنة في مهمتها أم لا".
وكان قد أكد الدبيبة أن مبادرته ستنهي كل الأجسام الموجودة ومن بينها حكومته، معلناً عن تفاصيلها في 21 من الشهر ذاته.
وبالتوازي مع ذلك هناك مبادرة أممية أخرى أعلنت عنها مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز، وتهدف لإجراء انتخابات بليبيا في القريب، متمثلة في لجنة "توافقية" من مجلسي النواب والدولة تضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات.
وجراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية بشأن قانوني الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية، تعذر إجراء انتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ضمن خطة ترعاها الأمم المتحدة.