بعد سنوات من قتال فرع تنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء، يحرز الجيش المصري، بدعم من مقاتلين من القبائل، تقدُّماً في تطهير المنطقة من المسلحين؛ ما دفعه إلى دعوة المواطنين للعودة إلى القرى التي أجبروا على مغادرتها.
حيث استعادت قوات الجيش مؤخراً، آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء، مما يسمح لسكانها بالعودة.
هروب أهالي سيناء بسبب داعش
كانت مئات العائلات من قريتي متلا والحسينات في شمال سيناء شرقي بلدة الشيخ زويد، قد هربوا من منازلهم قبل بضع سنوات عندما اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية المناطق وكان يتوسع في مناطق متفرقة من المحافظة، موجِّهاً ضرباتٍ شديدة للجيش والشرطة وفق تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني يوم الخميس 21 ابريل/نيسان 2022.
حيث أُجبِرَ آلاف القرويين في سيناء على مغادرة بلداتهم منذ 2013، بسبب سياسة الجيش المصري المتمثلة في هدم المنازل في المحافظة باسم مكافحة الإرهاب.
في حين نجحت حملة الجيش في استعادة السيطرة على القريتين بعد الاستعانة بمقاتلي العشائر. وقد تمكنوا معاً من إحكام سيطرتهم على طرق إمداد "داعش" وطرد أعضائه من معظم الأراضي.
لكن الانتصارات المعلنة للجيش المصري على الجماعة تأتي وسط سلسلة من الهجمات التي شنها مسلحون ضد عناصر تابعة للجيش في مناطق متفرقة بشمال سيناء، وضمن ذلك اختطاف بعض زعماء القبائل.
قتل اثنين من البدو
ففي أوائل أبريل/نيسان 2022، قتل مسلحو "داعش" اثنين من البدو بعد اتهامهما بالتعاون مع الجيش، مما أثار مخاوف من أن مثل هذه الهجمات قد تشكل إحياءً لنشاط التنظيم حتى بعد تقلص وجوده بشكل ملحوظ في المنطقة.
يُذكر أن التمرد المسلح بشمال سيناء قد تصاعد في عام 2013، عندما أطاح الجيش الرئيس الإسلامي المُنتَخَب محمد مرسي.
أما في مارس/آذار 2021، فقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن حكومته نقلت 41 كتيبة، نحو 25 ألف جندي وفقاً لخبراء عسكريين، إلى سيناء لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وفي عام 2018، أطلقت الحكومة عملية سيناء، وهي حملة شاملة ضد المسلحين تضمنت مشاركة القوات البرية والقوات الجوية والبحرية.
انتقادات ضد الجيش المصري
لكن الحملة تعرضت لانتقادات باعتبارها وسيلة للجيش لفرض سيطرته في المنطقة المضطربة من خلال القوة الوحشية والإجراءات القاسية التي كانت لها عواقب وخيمة على السكان المحليين.
من جانبها لم تصدر القاهرة إحصاءات رسمية، لكن منظمة هيومن رايتس ووتش تعتقد أن أكثر من 100 ألف من سكان شمال سيناء البالغ عددهم 450 ألفاً، قد نزحوا أو غادروا المنطقة منذ العام 2013.
كما أفادت هيومن رايتس ووتش في عام 2021، بأنه بين أواخر 2013 ويوليو/تموز 2020، هدم الجيش ما لا يقل عن 12.350 مبنى، ودمَّر 6 آلاف هكتار (14.400 فدان) من الأراضي الزراعية، معظمها منذ منتصف العام 2016، في المحافظة.
حيث برَّرت القاهرة عمليات الهدم والإخلاء بأنها ضروريةٌ في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي نفذ هجمات ضد أهداف مدنية وعسكرية.
انطلاق العمليات المسلحة ضد داعش
يذكر أنه عندما بدأت العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في أواخر عام 2013، كانت مصر حريصة على إبعاد قبائل سيناء عن القتال لعدة أسباب، من ضمنها انعدام الثقة طويل الأمد بين القاهرة والبدو.
لكن على مرِّ السنين، وجدت قبائل سيناء، التي يعيش بعضها في المنطقة منذ مئات السنين، نفسها منغمسةً في القتال عن غير قصد، لا سيما عندما بدأ تنظيم الدولة الإسلامية في قتل قادتها ومسؤوليها.
في حين انتهزت قيادة الجيش هذه الفرصة لدمج القبائل في حملتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتسليح وتدريب أفرادها. وتعمل جمعية قبائل سيناء، وهي اتحاد قبائل سيناء متورطة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ضد الجماعة المتشددة منذ عدة سنوات حتى الآن.
حيث يشارك مقاتلو القبائل في مداهماتٍ مع الجيش والشرطة على أوكار ومعاقل تنظيم الدولة الإسلامية. وشاركوا في استعادة قريتي متلا والحسينات، وتطهير مباني القريتين من الألغام.
من جانبها قالت جمعية القبائل، في 19 أبريل/نيسان 2022، إن مقاتليها شاركوا في غاراتٍ للجيش على عدة قرى بشمال سيناء، استولى خلالها على كمياتٍ هائلة من الأسلحة والصواريخ.
فيما أطلقت الجمعية حملةً لتشجيع قادة وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية على الاستسلام؛ لتجنب الموت أو السجن، ونجحت الحملة حتى الآن في إقناع بعض قادة وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية بالانحياز إلى الجمعية والجيش.