حضّ قادة دول أوروبية، الخميس 21 أبريل/نيسان 2021، الفرنسيين على دعم الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، في مواجهة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، بالجولة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية المرتقبة نهاية الأسبوع الجاري.
وتنطوي دعوة قادة ألمانيا والبرتغال وإسبانيا، على تدخّل غير اعتيادي على الإطلاق في شؤون السياسة الداخلية لبلد عضو بالاتحاد الأوروبي، بحسب ما وصفتها إذاعة "مونت كارلو" الفرنسية، الخميس.
الدعوة جاءت في مقالة مشتركة للمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيسي الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا والإسباني بيدرو سانشيز، نشرتها صحيفة "لوموند" اليومية الفرنسية، قالوا فيها: "إن الجولة الحاسمة، الأحد، في فرنسا ليست بالنسبة إلينا كغيرها من الانتخابات".
في المقالة، شدّد القادة الأوروبيون على أن فرنسا عليها أن "تختار بين مرشّح ديمق
راطي، ومرشّحة اليمين المتطرف التي تقف علناً في صف أولئك الذين يهاجمون حريتنا وديمقراطيتنا".
فيما أعربوا عن أملهم بأن يحسن الفرنسيون الاختيار؛ لكي تبقى فرنسا "منارة للديمقراطية".
وقال القادة الثلاثة أيضاً، إن شخصيات شعبوية ويمينية متطرفة في كل أنحاء أوروبا تعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "نموذجاً ايديولوجياً وسياسياً".
كما شددوا على ضرورة "عدم نسيان" مواقف هؤلاء "حتى وإن حاول هؤلاء السياسيون حالياً النأي بأنفسهم عن المعتدي الروسي".
كان الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته قد اتّهم لوبان، الأربعاء، خلال مناظرة تلفزيونية مع منافسته في الدورة الانتخابية الحاسمة، بـ"التبعية للسلطة الروسية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، وذلك بسبب قرض مالي حصلت عليه المرشّحة اليمينية المتطرّفة من بنك روسي.
وردّت لوبان بنفي هذا الاتّهام بحدّة، مؤكدةً أنها "امرأة حرّة تماماً وقطعاً"، ومبرِّرةً لجوءها إلى البنك الروسي بأن ما من مصرف فرنسي وافق على منحها قرضاً.
خوف من فشل ماكرون
وحذَّر كبار الحلفاء السياسيين لإيمانويل ماكرون، من الاطمئنان إلى انتصار مضمون في السباق الرئاسي الفرنسي، وأشاروا إلى أن فوزه في الانتخابات ليس محسوماً بعد، وإن كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقدُّمه بالأصوات على حساب منافِسته مارين لوبان.
جاء ذلك بحسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 19 أبريل/نيسان 2022، والتي أشارت إلى أن جان كاستكس، رئيس الوزراء الفرنسي، قال للإذاعة الفرنسية، قبل خمسة أيام من الجولة الثانية من الانتخابات: "المعركة الانتخابية لم تنته ولا اتَّضح مآلها".
كاستكس أضاف أنه "بالتأكيد لا يمكننا أن نركن إلى نتيجة، مفادها أن هذه الانتخابات قد حُسمت بالفعل؛ بل يجب علينا إقناع الفرنسيين بأن برامج إيمانويل ماكرون هي الأصلح لفرنسا ولهم. لقد وُضع ماكرون ومارين لوبان في المستوى نفسه، إلا أن الحقيقة أن هناك اختلافات شديدة بينهما".
في موقف مشابه، قال إدوارد فيليب، رئيس الوزراء السابق ورئيس بلدية مدينة لو هافر، إنه "لا ينبغي النظر إلى نتيجة الانتخابات على أنها أمر مفروغ منه، لاسيما أن هناك أشياء كثيرة غير محسومة"، وخصَّ بالذكر احتمال الإقبال المنخفض على التصويت في الجولة الثانية.
من جانبه، قال فرانسوا بايرو، وهو سياسي بارز آخر من مؤيدي ماكرون، لموقع La République des Pyrénées، إن "أي مرشح يمكنه الفوز في هذه المرحلة، فكل شيء ممكن. لقد رأينا جميعاً ناخبين يميلون إلى خيارات يصفها المؤرخون لاحقاً بأنها كانت خيارات مجنونة".
كان ماكرون قد أوضح بنفسه، مساء الإثنين 18 أبريل/نيسان 2022، أنه لا يرى أنه انتصر في الانتخابات حقاً، واستذكر الزلازل السياسية التي وقعت في عام 2016، حين اختار الناخبون البريطانيون مغادرة الاتحاد الأوروبي، وكيف أوصل الناخبون الأمريكيون ترامب إلى البيت الأبيض.
ماكرون وفي حديث إلى برنامج C à vous التلفزيوني، قال أيضاً: "تذكَّر ما كان يقوله المواطنون البريطانيون قبل ساعات من الاستفتاء الذي أفضت نتيجته إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو قبل الانتخابات التي أتت بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد كان كثير منهم يقولون: (أنا لن أصوّت، ما الداعي؟ النتيجة محسومة)".
أضاف ماكرون: "أزعم أنهم في اليوم التالي ندموا على ما فعلوه. ومن ثم، إذا أردت أن تتجنب ما لا قِبَل لك بتصوُّره أو لا قدرة لك على تحمُّله، فعليك أن تختار لنفسك".
يأتي هذا بينما يبلغ متوسط التقدم المتوقع لماكرون في الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات يوم الأحد 24 أبريل/نيسان 2022 ثماني أو تسع نقاط مئوية في جميع استطلاعات الرأي، وقد أشار أحدث هذه الاستطلاعات، والذي نُشرت نتائجه يوم الثلاثاء 19 أبريل/نيسان 2022، إلى اتساع الفارق من ثماني إلى اثنتي عشرة نقطة مئوية منذ يوم الجمعة 15 أبريل/نيسان 2022.