هل تكسب سياسة النفَس الطويل معركة دخول طرابلس؟ الوقت يقلل حظوظ الدبيبة في البقاء

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/20 الساعة 14:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/21 الساعة 07:50 بتوقيت غرينتش
معركة دخول طرابلس

تنتظر طرابلس على صفيح ساخن وتستعد لمعركة حاسمة عقب تأجيل الانتخابات وتداعياتها، يأتي هذا وسط حالة انقسام سياسي تشهدها ليبيا، بعد تنصيب مجلس النواب بطبرق (شرق) باشاغا رئيساً لحكومة جديدة، بدلاً عن حكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا حكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب فمن يحسم معركة دخول طرابلس؟

أشارت تقارير إلى أن فرص رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا أكبر من نظيره الدبيبة؛ نظراً لأن الفصائل المسلحة في مصراتة "وهي الأكبر والأكثر تأثيراً في المشهد" لم تكن قد حسمت أمرها بعد بشأن المرشحين وإن كانت تبدو وكأنها تنحاز إلى باشاغا. 

أصدر القائدان الميدانيان في مدينة مصراتة محمد الحصان ومختار الجحاوي بياناً طالبا فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا بأن يبقى الصراع بينهما سياسياً، وحمَّلاهما مسؤولية أي دم يسيل من أبناء ليبيا، كان البيان يشير إلى أن الحل السياسي يجب أن يتقدم الحل العسكري وأن يأتي أولاً.

باشاغا.. معركة نَفَس طويل 

وبرأي مراقبين، يحاول باشاغا اتباع سياسة النفس الطويل لحشد أنصار على الأرض، إذ تواصل بعد منحه الثقة مع  كل الأطراف الفاعلة في ليبيا بدون استثناء، وركز على القيادات الفاعلة في المشهد خاصة حفتر، وعقيلة صالح، وخالد المشري، وقيادات عسكرية في المنطقتين الغربية والشرقية، موسعاً نطاق المقابلات واللقاءات هذه للإقليمي والدولي فتواصل مع الحكومة الإيطالية والمصرية والقطرية، وزار تركيا أكثر من مرة، والمبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز، آخذاً شعار "توحيد ليبيا دون حرب" لجمع الفرقاء. 

التركيز على القيادات الاجتماعية لسم معركة دخول طرابلس

حاول باشاغا أن ينطلق من الرسالة التي روج لنفسه بها فور توليه المنصب المكلف به من البرلمان ليتسع بدائرة لقاءاته من لقاءات عسكرية وسياسية، إلى اجتماعية، فركز في توحيد شيوخ القبائل في عموم ليبيا من الفكرة ذاتها "حكومة تضم طرفي النزاع" حتى حصل على تأييد كامل في المنطقتين الجنوبية والشرقية، وأصبحت الآن الحكومة تعمل وتمارس مهامها في المنطقتين بشكل طبيعي وتسلمت مهامها وأصبحت المنطقة الغربية هي المنطقة المتبقية التي يحاول أن يدخلها دون صراع.

ردود فعل الدبيبة تزيد من رصيد باشاغا 

دار اجتماع في تونس جمع باشاغا و3 من أبرز قادة الكتائب المسلحة بمدينة مصراتة، هم: مختار الججاوي، وعبد السلام عليلش، ومحمد الحصان.

بعد الاجتماعات التي أدارها باشاغا مع القيادات العسكرية في تونس وقبل صدور بيانها قامت قوات تسمى بقوات حماية الدستور قُدرت بمئات العربات المسلحة بإغلاق مداخل وجنوب غرب طرابلس، تم تشكيل هذه القوة من قِبل عبدالحميد الدبيبة بحجة قطع الطريق على باشاغا حال نيته دخول طرابلس. 

يعتبر مراقبون أنها تصعيد عسكري كبير وينافي البيان الذي صدر عن القيادات العسكرية التي اجتمعت مع فتحي باشاغا في تونس في اليوم ذاته. 

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يخرق فيها الدبيبة بياناً تم الاتفاق عليه، إذ قام بالتحشيد الإعلامي والعسكري ضد فتحي باشاغا بعد صدور قرار البرلمان بتكليفه، تلاه عرض عسكري حشده في طرابلس لوَّح فيه باستخدام القوة العسكرية ضد الرئيس المكلف من البرلمان، الأمر الذي استنكرته أطراف دولية، من بينهم السفير الأمريكي والبعثة الأممية والخارحية المصرية ورأوة فيه أنه تعقيد وإفشال لمسار السياسي وطالبوا الطرفين بحل الأمر سياسياً. 

معركة دخول طرابلس

إغلاق المجال الجوي بين معيتقة وبيبنة.. 

في مطلع مارس/آذار الجاري، أغلق الدبيبة المجال الجوي في ليبيا أمام الرحلات المدنية الداخلية بين الشرق والغرب بعدما كان قد تم فتحه بعد تكليف حكومته، وعقب تكليف برلمان طبرق فتحي باشاغا لرئاسة حكومة جديدة بدلاً من حكومة الوحدة الوطنية، عاد الدبيبة بإغلاق المجال الجوي مرة أخرى للضغط عليه.

في وقت وجَّه فيه باشاغا اتهامات للدبيبة بغلق المجال الجوي لمنع وصول حكومته إلى طرابلس وتسلمها الحكم، وسط مطالبات من بعثة الأمم المتحدة والسفير الأمريكي لدى ليبيا بفتحه، وهو إغلاق استمر لنحو شهر.

حكم العائلة والفساد المالي.. 

تصاعدت وبشكل متواتر الاتهامات الموجهة إلى حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا،  بممارسة الفساد والتورط في إهدار المال، لخدمة المصالح الخاصة، آخر هذه الاتهامات، تلك التي وجهها الجيش الليبي إلى رئيس الحكومة أمس، أكدّ فيها أن "الدبيبة صرف منذ توليه منصبه قبل عدة أشهر ما يزيد على 80 مليار دينار، منها 20 ملياراً على تنمية الفساد بدلاً من تنمية الوطن"، متهماً إياه بمنع صرف رواتب لمدة 4 أشهر، ووصلت العلاقة بين الحكومة والجيش إلى طريق متأزم.

بالإضافة إلى اتهامات بالفساد المالي، الذي وضع الرجل في موقف محرج، زادت بعدما أقر النائب العام حبس وزيرين على ذمة تحقيقات بشبهات فساد مالية من تولي الحكومة، وهما وزير التربية والتعليم موسى المقريف، لاتهامه بالإهمال والمحسوبية في أزمة تأخر طباعة الكتاب المدرسي، ووزيرة الثقافة والتنمية المعرفية مبروكة توغي، على خلفية الحصول على منافع وتزوير مستندات تتعلق بأوجه صرف المال العام.

هذه الاتهامات دفعت السفير الأمريكي والمبعوثة الأممية بإصدار توصيات لمصرف ليبيا المركزي بوقف صرف أي تسهيلات لحكومة الدبيبة بدون تفنيد واضح لبنود صرفها.

يواجه حالياً الدبيبة أزمة مالية وسياسية، فالمصرف المركزي أغلق أبواب صرفه عليه، فيما أزمات سياسية تلاحقه نتيجة الحشد العسكري الذي واجه به باشاغا فور تكليفه من البرلمان.

كل هذه المواقف جعلت الأنظار تتجه للدبيبة على أنه يحاول تحقيق مكاسب شخصية على حساب منفعة عامة، وهو ما زاد رصيد باشاغا بالتبعية ليجعل فرصه تبدو أكبر لدخول طرابلس وللحصول على دعم القوات العسكرية في مصراتة وطرابلس. 

تحميل المزيد