فور عودته إلى بيروت بدأ السفير السعودي في لبنان وليد البخاري بتكثيف نشاطه الدبلوماسي والسياسي في كل الاتجاهات، وخاصة بعد الضربات التي تلقاها الشارع اللبناني والسني خاصة، وآخرها انسحاب الحريري من المعادلة السياسية دون تسليم الراية لأي شخصية سياسية أخرى.
ويرى متابعون أن الحضور الخليجي، والسعودي خصوصاً، كانت له دائماً تأثيرات على المزاج السياسي والانتخابي في لبنان، وخصوصاً لدى الطائفة السنّية ومرجعياتها السياسية والدينية والاجتماعية.
نشاطات السفير السعودي في لبنان.. تكريس بلاده كلاعب دائم
استأنف البخاري نشاطه السياسي بزيارات ولقاءات مع مرجعيات روحية؛ حيث زار دار الفتوى، للقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، كذلك التقى بخاري بنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ علي الخطيب، كذلك التقى بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنا، وبالبطريرك الماروني بشارة الراعي.
وهذا النشاط استكمل بمواقف بدت لكثيرين أنها عودة لممارسة دور سياسي في البلاد؛ حيث نجح السفير السعودي وليد البخاري بجذب الأنظار إلى حركته وسلسلة الإفطارات التي يقيمها في دار السفارة السعودية في بيروت. محاطاً بعدد من السفراء من بينهم الأمريكي والفرنسي، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة يوانا فرونتيسكا وسفراء بريطانيا وألمانيا وقطر والكويت.
أطلق البخاري سلسلة مواقف أشار فيها إلى أن العلاقات السعودية لم تكن مقطوعة مع لبنان بل استمرت، ولكن عملية سحب السفراء كانت تعبيراً عن موقف اعتراضي، وهو موقف دبلوماسي للتعبير عن موقف كان مسيئاً للمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، وفيما بعد تعهد لبنان بالالتزام بالشروط المطلوبة للحفاظ على العلاقات الأخوية واستعادة دوره ومكانته.
دعم للحلفاء
في الإطار السياسي والانتخابي تشير مصادر سياسية مطلعة لـ"عربي بوست" إلى أن السفير وليد بخاري زار مساء الأحد وبعيداً عن الإعلام منزل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بحضور السفير الكويتي عبد العال القناعي، وجرى استعراض التطورات السياسية في ظل الحركة السياسية الناشطة التي يقودها السنيورة لمنع سيطرة حزب الله على المقاعد السنية بعد انسحاب الحريري من المشهد السياسي، وتشير المعلومات إلى أن البخاري أكد للسنيورة أن الرياض تدعم الحراك الانتخابي الذي يقوم به لعدم ترك الساحة خالية أمام حزب الله.
وتشير المصادر إلى أن عودة السفير ولقاءاته تعبير عن عدم تحبيذ السعودية للمقاطعة السنية للانتخابات، وضرورة أن تكون الطائفة السنية جزءاً من المشهد الانتخابي، وهو ما بدأ ينعكس ارتياحاً لدى بعض القوى السياسية السنّية التي تراهن على أن يُساعد النشاط السعودي في تحفيز السنّة على المشاركة في الانتخابات والتصويت لملء الفراغ الذي خلّفه غياب الحريري.
بالمقابل، فإن المصادر نفسها شددت على أن البخاري سيتجه لعقد لقاءات مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لبحث آلية توحيد الجهود السياسية الرامية لعدم وقوع البلاد تحت سيطرة حزب الله وحلفائه، وخلق مظلة سياسية تحدث توازناً سياسياً في وجه التمدد الجاري للحزب في البلاد ومساعيه لإختراق البيئة السنية.
سفير قطري جديد
بالمقابل، كان لافتاً وصول سفير قطري جديد للبنان بعد انتهاء مدة عمل السفير السابق للدوحة في بيروت، والسفير القطري الجديد إبراهيم عبد العزيز السهلاوي الذي وصل لبيروت صباح الإثنين تزامناً مع عودة سفراء السعودية والكويت شارك أمس بالإفطار الذي دعا له السفير السعودي على شرف شخصيات لبنانية ودبلوماسيين عرب وأجانب.
حزب الله واختراق سُني
بالمقابل، يرى المحلل السياسي منير الربيع أن الساحة السنية غير بعيدة عن اهتمام حزب الله. فهو الذي رتب لوائح حلفائه في مناطق عدة كلائحة النائب فيصل كرامي في طرابلس مع النائب جهاد الصمد والمصالحات التي أجراها بين حلفائه السنة، وهذا لتحقيق خروق واسعة في طرابلس باجتياحها سياسياً وفي عمليات توزيع مساعدات وخدمات مستمرة.
ويشير الربيع إلى أن لحزب الله هدفاً مركزياً هو في اختراق طرابلس والتي تمثل ثقلاً سنياً كبيراً، بالإضافة لعكار غير البعيدة من طرابلس، حيث عمل الحزب على المساعدة في تشكيل لائحة التيار الوطني الحر، بالتحالف مع الحزب السوري القومي الاجتماعي وشخصيات مقربة من نظام الأسد.
ويعتقد الربيع أن اهتمام حزب الله بعكار يعود إلى فترة سابقة نظراً لقربها من الأراضي السورية. وهو عمل على ربط شخصيات ومجموعات عدة به هناك. واستمر المسار بتوزيعه الدعم المالي، وفي اليومين الماضيين زار المنطقة نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم. وهذا مؤشر على حجم اهتمام حزب الله بعكار لتسجيل المزيد من الاختراقات في البيئة السنية.