قالت تقارير حقوقية ووسائل إعلام مصرية، الأحد 10 أبريل/نيسان 2022، إن الباحث الاقتصادي أيمن هدهود، توفي في "ظروف غامضة"، وذلك بعد نحو شهرين من إخفائه قسرياً وتعذيبه، وهو ما نفته السلطات المصرية لاحقاً عقب تداول تلك الأنباء على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي.
حيث أوضح موقع "مدى مصر" الإخباري المستقل أن أسرة هدهود تلقت، السبت، مكالمة هاتفية من أحد أفراد قسم مدينة نصر ثان يبلغهم بوفاته، ويطالبهم بالحضور لتسلم جثمانه صباح اليوم من مستشفى العباسية للأمراض النفسية، حسب تصريحات نقلتها عن عمر هدهود، شقيق أيمن الذي يبلغ من العمر 42 عاماً.
كان أيمن قد اختفى منذ 5 فبراير/شباط الماضي، وفي اليوم الرابع من اختفائه، "حضر أحد رجال الأمن لمنزل الأسرة ليخبرهم بوجود أيمن في مقر الأمن الوطني بالأميرية، وعليهم الذهاب لتسلمه"، طبقاً لما أوردته صحيفة "المنصة" المحلية عن عمر هدهود.
كما قال عمر: "بعد ذهاب شقيقي عادل للمقر استجوبه الأمن الوطني، وأخبروه أن أيمن سيظهر خلال أيام، لكن بعد أيام وصل إلينا من مصادر غير رسمية نقل أيمن لمستشفى العباسية لمعاناته من اضطرابات نفسية، ليصل إلينا خبر وفاته بالأمس".
على إثر ذلك، تقدم رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، الذي ينتمي إليه أيمن، ببلاغ للنائب العام ووزير الداخلية ورئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، مشيرة خطاب، كما التقى بالنائب العام، الجمعة 8 أبريل/نيسان الجاري، للحديث عن اختفاء أيمن.
في غضون ذلك، أمرت نيابة مدينة نصر ثانٍ بالقاهرة، الأحد، بتشريح جثمان أيمن هدهود.
محاولات من البحث بلا جدوى
من جهتها، قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إن "أحد أمناء الشرطة حضر إلى منزل الأسرة بعد أيام من اختفاء أيمن وأبلغهم بتحفظ الأجهزة الأمنية عليه، ولكن من دون تفاصيل، لتعلم الأسرة لاحقاً أنه كان محتجزاً في قسم شرطة منطقة الأميرية لعدة أيام، ثم احتُجز في مبنى الأمن الوطني بالمنطقة ذاتها لاستجوابه والتحقيق معه، ثم تأكدت الأسرة من مصادر لها بوجوده في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية".
فيما أضاف بيان للشبكة غير الحكومية أن "شقيق هدهود عندما ذهب إلى المستشفى لزيارته، أنكر المستشفى وجوده في البداية، ثم أقروا بالأمر بعد إلحاح شديد، وأُبلغ بأنه محتجز بأوامر من الشرطة تحت الملاحظة لمدة 45 يوماً، ولن يسمح بزيارته من دون إذن النيابة العامة".
في حين توجهت أسرته إلى مكتب النائب العام لاستخراج تصريح بالزيارة، وقوبل الطلب بالرفض، وعدم إمكانية استخراج تصريح زيارة له، لأن أيمن هدهود ليس محبوساً على ذمة أي قضية.
كما تقدمت الأسرة مرة أخرى ببلاغات إلى النائب العام ووزارة الداخلية والمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، لإعلامهم باختفاء ابنهم والمطالبة بالكشف عن مصيره، ولكن من دون جدوى، وفق ما أوردته الشبكة المصرية.
السلطات المصرية تنفي
لكن في المقابل، نفى مصدر أمني، في بيان أصدرته وزارة الداخلية المصرية، "صحة ما تداولته بعض الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الزعم باختفاء المواطن أيمن هدهود قسرياً".
بحسب البيان الأمني، الذي جاء مقتضباً "أكد المصدر أنه بتاريخ السادس من فبراير/شباط 2022، تبلغ من حارس أحد العقارات بمنطقة الزمالك بالقاهرة، بتواجد المذكور داخل العقار ومحاولته كسر باب إحدى الشقق وإتيانه بتصرفات غير مسؤولة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية في حينه وإيداعه بأحد مستشفيات الأمراض النفسية بناءً على قرار النيابة العامة".
يذكر أن هدهود كان قد تخرج من كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية، ثم حصل على ماجستير إدارة الأعمال من نفس الجامعة، وكان يعمل فيها مراقباً مالياً كما عمل أيضاً ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة لمحاربة الفساد والرشوة.
بالإضافة إلى ذلك، انضم أيمن لحزب الإصلاح والتنمية ليصبح واحداً من مؤسسي الحزب، وقرر خوض انتخابات البرلمان في 2010 بدائرة الزيتون أمام زكريا عزمي، رئيس ديوان الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي أطاحت به ثورة يناير/كانون الثاني، التي انتهت بخسارته، وكان يكتب تحليلات اقتصادية حول الشأن المصري.
"أسوأ أزمة حقوقية"
بحسب منظمات حقوقية دولية، تشهد مصر في ظل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أسوأ أزمة حقوقية منذ عقود؛ فلا يزال عشرات الآلاف من منتقدي الحكومة، ومن بينهم صحفيون ومدافعون حقوقيون، مسجونين بتهم ذات دوافع سياسية، والعديد منهم في الحجز المطول قبل المحاكمة.
كما تستخدم السلطات غالباً تهم الإرهاب ونشر أخبار كاذبة ضد النشطاء السلميين، وضايقت واعتقلت أقارب معارضين في الخارج.
في حين أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى تفاقم الأوضاع المزرية بالسجون المكتظة.
غير أن القاهرة عادةً ما تنفي صحة الانتقادات الموجهة إلى سجلها الحقوقي، وتؤكد احترامها الكامل للحريات والحقوق باستمرار، معتبرةً أن بعض المنظمات الحقوقية الدولية تروِّجها في إطار "حملة أكاذيب" ضدها.
كان السيسي قد أعلن، الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلغاء تمديد حالة الطوارئ التي كانت سارية في البلاد منذ سنوات، مؤكداً أن بلاده أصبحت "بفضل شعبها ورجالها المخلصين، واحةً للأمن والاستقرار في المنطقة".
تجدر الإشارة إلى أنه في 14 أغسطس/آب 2013، فضَّت قوات من الجيش والشرطة اعتصامين لأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، وفق تقارير محلية.
فيما أسفرت عملية الفض عن سقوط 632 قتيلاً، منهم 8 من رجال الشرطة، حسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر (حكومي)، فيما قالت منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) إن أعداد الضحايا تجاوزت هذا العدد.