يبدأ الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون، ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، الإثنين 11 أبريل/نيسان 2022، حملة محمومة لإقناع الناخبين غير المتحمسين للمواجهة بين المرشحين والذين لا يمكن توقع ردة فعلهم، فيما انقسم بقية المرشحين الخاسرين حول دعمهما.
يأتي هذا فيما سيتواجه ماكرون ولوبان في الجولة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية، يوم 24 أبريل/ نيسان 2022، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
ركز كلّ من معسكري ماكرون ولوبان على أهمية الأسبوعين المقبلين قبل الدورة الثانية من الانتخابات الفرنسية، التي تتوقع استطلاعات الرأي، فوز الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون فيها بفارق أصغر بكثير من الفارق بينه وبين لوبان في انتخابات 2017.
تصدر ماكرون نتائج الدورة الأولى من الانتخابات، الأحد 10 أبريل/ نيسان 2022، بحصوله على 27 إلى 28 % من الأصوات، متقدماً على لوبان (23 إلى 24 %).
كذلك أظهرت الاستطلاعات الأولى التي أجريت مساء أمس الأحد حول نوايا التصويت في الدورة الثانية، تقدم ماكرون بحصوله على نسبة تراوح بين 51% و54% من الأصوات وهي نسبة أدنى بكثير مما حصد العام 2017 (66%).
من جانبه، قال الناطق باسم الحكومة غابريال أتال عبر إذاعة "فرانس انتر" الإثنين 11 أبريل/نيسان 2022: "هذا الفوز يجب أن نعمل بجهد لتحقيقه، لأن الأمر غير محسوم".
كان ماكرون الذي دخل معترك الانتخابات متأخراً، تعرض لانتقادات لأنه لم يخض حملة فعلية في الدورة الأولى.
من جهته، قال جوردان بارديلا، رئيس التجمع الوطني الذي تتزعمه لوبان، إنه على ثقة أن مرشحة اليمين المتطرف ستتلقى دعماً في صفوف "نسبة 70% صوتت" ضد الرئيس المنتهية ولايته.
بدورهم، دعا ثلاثة مرشحين يساريين لم يحالفهم الحظ في الدورة الأولى، ناخبيهم إلى التصويت لصالح ماكرون، والمرشحون هم المدافع عن البيئة يانيك جادو (أقل من 5% من الأصوات)، والشيوعي فابيان روسيل (2 إلى 3%)، والاشتراكية آن إيدالغو (أقل من 2%)، فضلاً عن مرشحة اليمين فاليري بيكريس.
ينبغي على ماكرون ولوبان حشد الناخبين لا سيما أن نسبة كبيرة امتنعت عن التصويت وبلغت 25.14% في الدورة الأولى من التصويت.
استمالة ناخبي اليسار
سيضع المتأهلان إلى الدورة الثانية نصب أعينهم أيضاً وبشكل خاص، استمالة ناخبي مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشوسن، الذي حل ثالثاً بحصوله على 22% من الأصوات تقريباً، وبفارق بسيط عن لوبان وبات يظهر في موقع الحكم.
شدد ميلانشون، زعيم "فرنسا المتمردة"، مراراً يوم الأحد 10 أبريل/نيسان 2022، على ضرورة عدم تجيير "أي صوت" لليمين المتطرف، من دون أن يدعو صراحة إلى التصويت لصالح ماكرون.
كذلك كرر المسؤول الثاني في حركة ميلانشون، أدريان كانتينز، الموقف نفسه صباح اليوم الإثنين، مضيفاً أن "المسؤولية الكاملة لما سيحصل في الدورة الثانية تقع على عاتق الطرف الرئيسي فيها، إيمانويل ماكرون".
كانتينز أوضح أن اهتمام حزبه ينصب على الانتخابات التشريعية في يونيو/حزيران 2022 و"فرض التعايش" على ماكرون.
تُشير الوكالة الفرنسية إلى أن مطاردة أصوات ناخبي اليسار بدأت فعلياً اليوم الإثنين؛ إذ شدد المتحدث باسم الحكومة أتال على سجل ماكرون على الصعيد الاجتماعي، وقال: "لقد بذلنا الكثير من أجل تقليص التباين"، رغم ذلك لا يزال ماكرون يعاني صعوبة في التخلص من صورة "رئيس الأغنياء".
أما لوبان، فتتمتع باحتياطي من الأصوات أقل بشكل ملحوظ عن ماكرون، فيمكنها الاعتماد على دعم مرشح اليمين المتطرف الآخر إريك زمور الذي حصل على 7% تقريباً من الأصوات.
كذلك دعا المرشح السيادي نيكولا دوبون-إينيان الذي حصل على 2% من الأصوات، إلى التصويت للوبان.
المناظرة التلفزيونية
وستتجه الأنظار في فرنسا إلى المناظرة التلفزيونية المرتقبة بين ماكرون ولوبان، وتشكل المناظرة محطة حاسمة في حملة الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة.
في العام 2017، كانت المناظرة كارثية للوبان التي بدت متوترة وغير ملمة جداً بالملفات، ما ساهم في هزيمتها أمام ماكرون، لكن هذه السنة تبدو لوبان أفضل استعداداً.
كانت لوبان قد خاضت حملة على الأرض منذ البداية ركزت خلالها على القوة الشرائية التي تمثل الشاغل الرئيسي للناخبين، في حين أن إيمانويل ماكرون الذي انشغل بالحرب في أوكرانيا، لم يشارك كثيراً في حملة الدورة الأولى.
قد يكون لفوز لوبان تداعيات دولية مهمة، نظراً إلى مواقفها المعادية للتكامل الأوروبي ورغبتها مثلاً في سحب فرنسا من القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما أن فوزها سيمثل سابقة مزدوجة، فلم يسبق أن تولت امرأة الرئاسة الفرنسية كما لم يحكم اليمين المتطرف البلاد من قبل.