انتشرت حالة من الغضب بين العاملين بالسياحة وأصحاب البازارات في محافظة الأقصر بصعيد مصر، وذلك بعد حملة كبيرة شنَّتها قوات الأمن على متاجر المدينة خلال الأيام الماضية، وأسفرت عن اعتقال بعض العاملين في مجال السياحة هناك، طبقاً لما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 11 أبريل/نيسان 2022.
حيث قال شهود عيان إن ضباط شرطة اقتحموا البازارات ومصارف تحويل العملات في المدينة؛ بحثاً عن العملات الأجنبية، ومن سموهم بـ"مُكتنزي الدولار والعملات الأجنبية".
فيما دخلت قوات الشرطة عشرات المحلات وأخذت ما فيها من نقود أجنبية، واعتقلت عاملين بعد اتهامهم بالاتجار غير المشروع في العملات الأجنبية.
كان بازار "هاميس"، الذي يقع في السوق السياحية الرئيسية بالأقصر، من المتاجر التي اقتحمتها قوات الأمن يوم الأربعاء 6 أبريل/نيسان. واتهم صاحب البازار الشرطة بأنها أخذت أموالاً من المتجر "بطريقة غير قانونية".
مصادرة الأموال
من جهته، قال سمير علي، صاحب البازار، لموقع Middle East Eye البريطاني، إن قوات الأمن "اقتحمت المحل وأمرت المُحاسب بفتح الخزانة وأخذوا كل الأموال التي كانت فيها. وأنا لا أدري لماذا فعلوا ذلك!". وبعد أن أخذت قوات الشرطة أموال المتجر، وضمنها العملات الورقية الأجنبية، ألقوا القبض على المحاسب.
كان محاسب البازار واحداً من عدة أشخاص أُلقي القبض عليهم في ذلك اليوم (الأربعاء)، بتهمة حيازة عملات أجنبية، والاتجار فيها بطرق مخالفة للقانون.
في حين أكد "عليّ" إن المحاسب احتُجز في البداية 4 أيام، ثم جُدد حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق.
حيازة العملات الأجنبية
كما أضاف شهود عيان أن مرشداً سياحياً كان على وشك الدخول إلى مكتب صرافة لتحويل العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري، اعتُقل أيضاً واتُّهم بحيازة عملات أجنبية بطرق غير مشروعة ومخالفة للقانون.
يأتي ذلك على الرغم من أن القانون المصري لا يجرِّم حيازة العملات الأجنبية، إلا أن أنه يحظر بيع العملات الأجنبية أو شراءها خارج النظام المصرفي ومكاتب الصرف الأجنبي المرخصة في البلاد.
على أثر المداهمات، سادت حالة من القلق بين أصحاب البازارات، مثل علي وآخرين في صناعة السياحة في الأقصر، من أن تؤول بهم الأمور إلى السجن إذا قُبض عليهم وبحوزتهم عملات أجنبية.
تعقيباً على ذلك، أضاف أحد زملاء المرشد السياحي الذي قُبض عليه: "لقد أصابنا الخوف بعد اعتقال زميلي". وقال علي إنه سيبدأ في مطالبة عملائه بالدفع له بالجنيه المصري بدلاً من العملات الأجنبية، "فمع أن السياح عادةً ما يدفعون بعملة بلادهم، إلا أن احتمال حدوث هذه المداهمات مرات أخرى في المستقبل يدفعني إلى عدم قبول أي عملات أجنبية في متجري".
حرب أوكرانيا
بينما دافع نواب بالبرلمان عن المداهمات التي شنَّتها قوات الشرطة على المتاجر بالأقصر، وقالوا إنها بدأت بعد أن تلقت الشرطة معلومات تفيد بأن بعض بازارات المدينة مشاركة في الاتجار غير المشروع بالعملة الأجنبية، في غمار أزمة مالية تشهدها البلاد بسبب الحرب على أوكرانيا.
بدورها، استطردت أماني الشولي، سكرتيرة لجنة السياحة بمجلس النواب المصري، قائلة إن "البازارات والمحلات التجارية التي تبيع منتجات للسياح لا يمكنها تخزين العملات الأجنبية بالمخالفة للقانون".
في السياق ذاته، وثقت الشبكة المصرية (منظمة حقوقية غير حكومية)، في بيان، حملة المداهمات التي نفذتها مباحث الأموال العامة بالأقصر بعدد من مقرات شركات الصرافة والبازارات السياحة، موضحةً أنه "عندما حاول عدد من كبار الشخصيات بالأقصر التدخل للإفراج عمن تم اعتقالهم قيل لهم مباشرة إنها أوامر سيادية، وبلاش تتدخلوا".
فحسب مصادر لـ"الشبكة المصرية"، فوجئ العاملون بالمجال السياحي في مدينة الأقصر بمشهد يسيء إلى قطاع السياحة والعاملين بها في المدينة بعد اقتحام شرطة مباحث الأموال العامة عدداً من البازارات السياحية وتفتيشها، والبحث عن أي عملات أجنبية، مما أصاب العاملين بالدهشة؛ نظراً إلى طبيعة عمل البازارات التي تتعامل مع السياح بالعملة الأجنبية".
بيان الشبكة لفت إلى أن "مثل هذه الإجراءات التي شملت اعتقال وترويع العاملين بالسياحة تمثل حرباً على قطاع عريض من المصريين العاملين بهذا المجال، الذي يعد من أهم مصادر الدخل القومي"، مستنكراً "محاربة المواطنين في أرزاقهم في ظل الهزات الاقتصادية التي تعرضت لها مصر مؤخراً".
من جهة أخرى، تأتي مداهمات الشرطة للبازارات السياحية ومكاتب الصرافة بالأقصر في وقت تشهد فيه المدينة إقبالاً من السياح الأجانب، على خلاف الانخفاض العام في أعداد السياح بالبلاد، فقد تضرر قطاع السياحة بشدة من الحرب الجارية في أوكرانيا.
يشار إلى أن نسبة إشغال الفنادق في الأقصر تتراوح بين 60% و70%، ويعزو العاملون في السياحة ارتفاع أعداد السائحين، عكس الحالة العامة، إلى استقلال الأقصر عن التدفقات السياحية الوافدة من روسيا وأوكرانيا، إذ يتوجه هؤلاء عادةً إلى منتجعات شرم الشيخ والغردقة على البحر الأحمر، وهي أشد المناطق تضرراً بنقص السياح منذ بداية الحرب.