تسعى إيطاليا لتوقيع صفقة غاز جديدة مع الجزائر، في إطار جهود روما والقوى الدولية الأخرى لتقليل الاعتماد على النفط الروسي؛ حيث سيزور رئيس الوزراء ماريو دراغي الجزائر، الإثنين 11 أبريل/نيسان 2022 لتوقيع الصفقة، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني.
الموقع أشار إلى أن الصفقة المنتظرة تمثل آخر خطوة في سلسلة تحركات دولية تسعى لعزل روسيا عن الاقتصاد العالمي، بعد الأزمة التي خلَّفها الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، والعقوبات الدولية المفروضة على موسكو.
الجزائر تعوِّض الغاز الروسي
وفقاً لمعظم التقديرات الحديثة، يأتي نحو 40% من إجمالي استهلاك الغاز في إيطاليا من مصادر روسية. بينما وفرت الجزائر، ثاني أكبر مورّد، 31% تقريباً. ومع ذلك، ستشهد هذه الصفقة رفع واردات الطاقة من الجزائر ارتفاعاً هائلاً.
فيما نقلت صحيفة The Financial Times عن مسؤول إيطالي قوله إنَّ خط الأنابيب العابر للبحر المتوسط، الذي ينقل الغاز من الجزائر إلى إيطاليا، يعمل بنحو ثلثي طاقته فقط. وأوضح المسؤول أنَّ ذلك يترك مجالاً لزيادة سريعة في الإمدادات.
أضاف المسؤول: "يمكن أن يكون لهذا تأثير فوري؛ فلسنا بحاجة إلى بناء المزيد من خطوط الأنابيب أو غيرها من البنية التحتية الجديدة". وقال إنَّ هناك احتمالية أن تحل الواردات الجزائرية على الفور تقريباً محل ما لا يقل عن ثلث الإمدادات الروسية.
إذ يزداد إصرار دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى على إيجاد طرق لإنهاء التجارة وغيرها من الاتفاقيات مع روسيا، في ظل استمرار عمليتها الوحشية في أوكرانيا في انتهاك للمعايير الدولية.
"تنويع مصادر الطاقة" في أوروبا
شدد دراغي على ضرورة تنويع إيطاليا إمداداتها من الطاقة على الفور، لا سيما بالنظر إلى خطر انتقام روسيا من عقوبات الاتحاد الأوروبي بوقف تدفق الغاز إلى أوروبا.
إذ قال دراغي للمشرِّعين الشهر الماضي: "تنويع إمدادات الطاقة لدينا شيء نستهدفه بغض النظر عمّا يحدث لإمدادات الغاز الروسي في المستقبل القريب. لا يمكننا أن نعتمد على قرارات دولة واحدة فقط؛ لأنَّ هذا يعرض حريتنا للخطر، وليس فقط ازدهارنا".
بينما أصبحت ليتوانيا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تغلق الإمدادات الروسية، بعدما أعلنت الأسبوع الماضي قطعها تماماً. وفي الوقت نفسه، تستعد العديد من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لفعل نفس الشيء.
فيما قالت ألمانيا إنها تسعى لأن تكون "مستقلة فعلياً" عن النفط الروسي بنهاية العام الجاري وعن الغاز بحلول منتصف 2024.
في هذا السياق، وقّعت برلين مؤخراً اتفاقية طويلة الأجل مع قطر لتوريد الغاز الطبيعي المسال، التي قال وزير الاقتصاد روبرت هابيك إنها ستقلل من اعتمادها على الإمدادات الروسية.
زيارة هامة واستقبال حافل
سيضم الوفد الإيطالي إلى الجزائر، بقيادة دراغي، وزير الخارجية لويجي دي مايو، ووزير التحول البيئي روبرتو سينغولاني، بالإضافة إلى رئيس شركة الطاقة الإيطالية "إيني"، التي تربطها علاقات قوية مع شركة الطاقة الجزائرية "سوناطراك".
وسائل إعلام جزائرية قالت إن الضيف الإيطالي الذي سيكون مرفوقاً بوزير الخارجية، لويجي دي مايو، ووزير التحول البيئي روبرتو تشينجولاني، سيحظى بحفاوة لافتة.
حيث سيستقبل خلال هذه الزيارة من قِبل الرئيس عبد المجيد تبون، قبل أن يلتقيا على مأدبة عشاء ليلة الإثنين إلى الثلاثاء، في خطوة تؤكد متانة العلاقات بين الجزائر وروما.
كان رئيس الوزراء الإيطالي قد أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الجزائري، وشكلت أزمة الطاقة العالمية محورها، ولا سيما اتفاقية الطاقة والاستراتيجية بين البلدين، فضلاً عن الملفات الثنائية والمتعددة الأطراف، بما في ذلك التحضير للقمة الحكومية المقبلة في الجزائر.
كما طلب دراغي من تبون زيادة شحنات الغاز بنحو 9 مليارات متر مكعب من الغاز في السنة، وهو الطلب الذي تجاوبت معه الجزائر، "في رسالة مشفرة إلى الشريك الآخر، إسبانيا، التي خسرت المعاملة التفضيلية في أسعار الغاز" وفق صحيفة "الشروق" المحلية.