لبنان يتوصل لاتفاق مشروط مع صندوق النقد للخروج من أزمته الاقتصادية، وتشكيك بقدرته على تحقيق إصلاحات

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/07 الساعة 23:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/07 الساعة 23:38 بتوقيت غرينتش
رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي / صفحة ميقاتي على فيسبوك

قال صندوق النقد الدولي، الخميس 7 أبريل/نيسان 2022، إنه توصل إلى مسودة اتفاق مع لبنان بشأن تسهيل تمويل ممتد، مدته أربع سنوات، على أن تنفذ بيروت مجموعة إصلاحات اقتصادية، سيقرر مجلس الصندوق بناءً عليها، ما إذا كان سيوافق على الاتفاق.

يُنظر إلى الاتفاق مع الصندوق، على نطاق واسع، على أنه أمر حيوي للبنان كي يبدأ في الخروج من انهيار اقتصادي ومالي شل مناحي الحياة به منذ عام 2019، مما أدى إلى تجميد ودائع المدخرين وانهيار قيمة العملة، وتسبب في ارتفاع نسبة الفقر، في أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى 1990.

وقال صندوق النقد في بيان، إن اتفاق التمويل الممتد سيستمر على مدى 46 شهراً، وإن لبنان طلب الحصول على ما يوازي نحو ثلاثة مليارات دولار.

لكن الاتفاق يتوقف على إجراء بيروت إصلاحات تشمل خطواتٍ فشلَ زعماؤها السياسيون في تنفيذها منذ اندلاع الأزمة، كتحديد المتسبب في خسائر النظام المصرفي البالغ حجمها 70 مليار دولار.

وبينما أشاد القادة اللبنانيون بالاتفاق المبدئي وقالوا إنهم مستعدون لإنجاحه، شكك محللون فيما إذا كان بإمكان الساسة تنفيذ ذلك بعد جمود دامَ أكثر من عامين.

حيث قال وفد الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، الخميس، إن الاتحاد يرحب بالإعلان عن الاتفاق الذي وصفه بأنه "خطوة رئيسية نحو برنامج تعافٍ اقتصادي شامل قائم على الإصلاحات".

وأضاف الوفد على تويتر: "نحن على استعداد لتقديم الدعم".

كما رحبت آن جريلو، سفيرة فرنسا في بيروت، بمسودة الاتفاق ووصفته بأنه "خطوة أولى مهمة" نحو اعتماد برنامج صندوق النقد.

بنود مسودة الاتفاق 

وقال الصندوق إن السلطات اللبنانية وافقت على تنفيذ ثمانية إجراءات إصلاحية قبل أن ينظر مجلس صندوق النقد ما إذا كان سيوافق على الاتفاق.

تشمل هذه الإجراءات خطة للتصدي للخسائر الفادحة في النظام المالي الذي انهار عام 2019، بسبب الديون العامة الهائلة التي تراكمت بسبب فساد وهدر على مدى عقود.

قال الصندوق إن مجلس الوزراء يجب أن يعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع المصري ويعالجها مقدماً، في طريقة تحمي صغار المودعين وتحد من اللجوء إلى الموارد العامة.

كما يتعين على الحكومة الموافقة على "استراتيجية إعادة هيكلة المالية العامة والديون، وهي ضرورية لاستعادة القدرة على تحمل الديون". وتخلّف لبنان عن سداد ديونه السيادية، من بينها سندات دولارية قيمتها 31 مليار دولار، في مارس/آذار 2020.

كما شملت الإجراءات موافقة البرلمان على تعديل قانون السرية المصرفية، واستكمال تدقيق وضع الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي، "والشروع في تقييم مدعوم من الخارج لأكبر 14 بنكاً كل على حدة".

ولم يحدد البيان جدولاً زمنياً للاتفاق على برنامج، مشيراً إلى أن "السلطات تدرك الحاجة للشروع في إصلاحات بأسرع وقت ممكن".

انعدام الثقة

من جانبه، أكد الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي، "التعاون بشكل وثيق لضمان التطبيق السريع للإجراءات المتفق عليها بما في ذلك إقرار التشريعات الضرورية الهادفة إلى إنجاح هذا البرنامج، بالتعاون مع مجلس النواب".

فيما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، إن المجلس مستعد للعمل "بجدية كبيرة" لإنجاح البرنامج.

وقال توفيق كسبار، المستشار السابق في صندوق النقد الدولي ووزارة المالية اللبنانية، إنه حتى لو تم تنفيذ نصف الإصلاحات "فسيلقى ذلك صدىً طيباً بين اللبنانيين".

لكنه أضاف أن الإجراءات "ستشكل مصدر قلق رئيسياً للسلطات، لأنه يتعين عليها تنفيذ العديد من الإصلاحات حتى قبل عرض الاتفاق على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي".

وتابع قائلاً: "هذا تحدٍّ سياسي كبير، والقائمة الطويلة للإصلاحات الجوهرية التي ينبغي تنفيذها حتى قبل تقديم الاتفاق إلى مجلس الإدارة تعكس حقاً انعدام الثقة في السلطات".

ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في 15 مايو/أيار 2022، وبعدها سيتعين تشكيل حكومة جديدة، وهي عملية تستغرق عادةً عدة أشهر في لبنان، ومن المحتمل أن يشكل ذلك عقبة أخرى أمام تنفيذ الاتفاق.

وقال بيان صندوق النقد الدولي إن التسهيل سيعتمد أيضاً على تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى استعادة الاستدامة المالية وتعزيز الحوكمة والشفافية وإزالة العوائق التي تحول دون نمو خلق فرص العمل.

سيشمل ذلك توحيد البنك المركزي أسعار الصرف، التي يوجد العديد منها حالياً "لمعاملات الحساب الجاري المصرح بها، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي… وسيتم دعمه من خلال تطبيق ضوابط رسمية على رأس المال".

وفشل البرلمان مراراً في إقرار ضوابط رسمية على رأس المال.

وإلى جانب الانهيار المالي، يواجه لبنان شللاً سياسياً وأزمة دبلوماسية في العلاقات مع دول الخليج العربية، التي كانت يوماً مانحاً رئيسياً له، بسبب معارضتها لنفوذ حزب الله المدعوم من إيران في بيروت.

واستدعى عدد من دول الخليج العربية سفراءها في بيروت العام الماضي، لكن في إشارة إلى تحسن محتمل في العلاقات، أعلنت السعودية والكويت، مساء اليوم، عودة سفيريهما إلى بيروت.

تحميل المزيد