أحيت سراييفو الذكرى الثلاثين لأطول حصار عسكري في التاريخ الحديث على يد قوات صرب البوسنة المدعومة من صربيا المجاورة والذي حدث يوم 6 أبريل/نيسان عام 1992 وأشادت بصمود مواطنيها الذين نجوا من هذا الحدث.
سراييفو تذكرت أولئك الذين ماتوا جراء الحصار، وقال كثير من الناجين إن الذكرى الثلاثين لبدء حصار العاصمة البوسنية أصعب من كل مرة، لأنها تتزامن مع ما وصفوه بالمعاناة المماثلة التي يعيشها المدنيون في أوكرانيا بعد هجوم روسيا عليها، وفق تقرير نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية يوم الثلاثاء 5 أبريل/نيسان 2022.
حصار مدينة سراييفو
كانت قوات صرب البوسنة، المسلحة والمدعومة من صربيا المجاورة، فرضت حصاراً على سراييفو في 6 أبريل/نيسان عام 1992، خلال تفكك يوغوسلافيا الذي شابته مذابح دموية. وطوال الأشهر الـ46 التالية، ظل حوالي 350 ألف ساكن محاصرين في مدينتهم متعددة الأعراق، وكانوا يتعرَّضون لقصف يومي وهجمات قناصة، وانقطعت عنهم الكهرباء والغذاء والماء والأدوية والعالم الخارجي. وعاشوا على الإمدادات الإنسانية المحدودة التي قدمتها الأمم المتحدة، ومياه الآبار وجمع الطعام من مصادر طبيعية.
في حين قُتل أكثر من 11 ألف شخص، بينهم أكثر من 1000 طفل، برصاص القناصة وقذائف الهاون أثناء ممارستهم حياتهم اليومية في سراييفو أثناء الحصار، وجُرح آخرون بأعداد مهولة.
من جانبها، تقول أريجانا دجيديليا (52 عاماً)، التي كانت معلمة شابة معينة حديثاً حين بدأ حصار سراييفو، وانضمت في الحال إلى جهود تطوعية محلية لتعليم عشرات الآلاف من الأطفال الذين ظلوا محاصرين في المدينة: "كان العالم يشاهدنا نعاني والآن نكتفي بمشاهدة الأوكرانيين يعانون ولا شيء يمكننا فعله لمساعدتهم".
انعدام مقومات الحياة
في حين قال الدكتور دراغان ستيفانوفيتش، وهو طبيب باطني تقاعد مؤخراً، إنه قضى سنوات الحرب في علاج مئات المرضى والجرحى من المدنيين والجنود في واحد من المستشفيين الرئيسيين في المدينة.
أضاف كذلك دراغان ستيفانوفيتش: "لم يكن لدينا كهرباء ولا معظم الأشياء الأخرى التي يحتاجها أي مستشفى حديث وغرف العمليات العادية. لا إضاءة، ولا تدفئة، ولم نتمكن من تعقيم الأدوات الطبية بشكل سليم، ولم يكن لدينا مصاعد، ولا أي شيء".
فيما استدرك سريعاً: "لكننا ارتجلنا، وفعلنا ذلك ببراعة". وقال إن الجراحين أجروا عمليات جراحية في قبو مستشفاه الخالي من النوافذ، وأحياناً على ضوء الشموع، وكان الأطباء والممرضات يغلون الأدوات الجراحية والشراشف في براميل مياه كبيرة لتعقيمها.
أضاف ستيفانوفيتش، الذي كان شاهداً مباشراً على المعاناة الجسدية التي عاشها سكان مدينته، أنها كانت تجربة مؤلمة، لكنه فخور بها أيضاً.
فيما يروي ميرساد باليتش (58 عاماً) كيف أنجبت زوجته في مايو/أيار عام 1993 طفلهما الأول، في عيادة مؤقتة في قبو مبنى الإدارة المحلية في الحي الذي كانوا يقطنون فيه بمدينة سراييفو.
حيث قال: "كنت مرتعباً لأنني لم أتصور أن يولد طفلي الأول في قبو مظلم، على سطح مكتب خشبي، لكن الأمر تم في 20 دقيقة وعدنا إلى المنزل مع طفلنا".