قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته يوم الأحد 3 أبريل/نيسان 2022 إنه رغم لجوء بايدن إلى فتح احتياطيات النفط الاستراتيجية الأمريكية، فقد استمر أكبر حليفين له من منتجي النفط وهما السعودية والإمارات في غلق خزانهما بإحكام.
الصحيفة قالت في تقريرها كذلك إن أبوظبي والرياض تواصلان صد الرئيس الأمريكي في الوقت الذي يحاول فيه مواجهة أسعار النفط التي تسبب في ارتفاعها الهجوم الروسي على أوكرانيا، وأعرب البلدان بصراحة غير اعتيادية عن رفضهما التدخل.
تدهور في علاقات أمريكا مع السعودية والإمارات
دفع هذا الرفض السعودي والإماراتي لإنقاذ بايدن- أو حتى الرد على اتصالاته- بالعلاقات بين دولتي الخليج وواشنطن إلى تدهور غير مسبوق، كذلك دفع التدفق غير الاعتيادي للثروات الروسية إلى دبي، في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة وأوروبا خنق اقتصاد بوتين، إلى مزيد من تأجيج الوضع.
أضف إلى ذلك المحادثات التي لا تزال متعثرة بين واشنطن وطهران، والتي قد تشهد إرجاء العقوبات مقابل عودة إيران إلى الاتفاق النووي الذي أُبرم في عهد أوباما.
نهاية الطريق مع بايدن
أحد الدبلوماسيين الغربيين قال لصحيفة The Guardian إن مسؤولاً سعودياً قال: "هذه نهاية طريقنا مع بايدن، وربما مع الولايات المتحدة أيضاً".
يشاركه محللون سعوديون وإماراتيون بارزون الرأي نفسه. إذ اختار رئيس تحرير موقع قناة العربية السابق، محمد اليحيى، صحيفة Jerusalem Post لنشر آرائه عن هذه الأزمة.
حيث كتب: "العلاقة السعودية الأمريكية تمر بأزمة عميقة. ويزعجني انعدام واقعية النقاش الأمريكي عن هذا الموضوع، الذي يخفق غالباً في الاعتراف بمدى عمق وخطورة الخلاف".
محمد اليحيى قال كذلك: "من الضروري أن يركز نقاش أكثر واقعية على كلمة واحدة: الطلاق. فحين تفاوض باراك أوباما على اتفاق نووي مع إيران، فهمنا نحن السعوديين أنه يسعى لهدم زيجة دامت 70 عاماً. فكيف لا نفعل نحن؟ وعيوب هذا الاتفاق شديدة الوضوح في النهاية. فهو يمهد الطريق أمام إيران لصنع قنبلة نووية. ويملأ خزائن حرب الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، الذي ينشر ميليشياته المسلحة بذخائر دقيقة التوجيه لتشويه وقتل الأشخاص الذين كانوا يعتمدون على أمريكا في السابق لضمان سلامتهم في العالم العربي".
كذلك قال أيضاً في مقاله الذي نشره في صحيفة إسرائيلية: "فلماذا قد يساعد حلفاء أمريكا في المنطقة واشنطن على احتواء روسيا في أوروبا في الوقت الذي تعمل فيه واشنطن على تقوية روسيا وإيران في الشرق الأوسط؟".
مقارنة بين دبلوماسية أمريكا والصين
في السياق ذاته، قارن اليحيى مطالب واشنطن بدبلوماسية بكين اللامشروطة، قائلاً: "السياسة الأمريكية تشوبها تناقضات محيرة على عكس السياسة الصينية الواضحة والمباشرة. فبكين تقدم للرياض صفقة بسيطة: بِيعونا نفطكم واختاروا ما شئتم من أسلحتنا؛ وفي المقابل، ساعدونا على استقرار أسواق الطاقة العالمية".
أضاف: "بعبارة أخرى، يقدم الصينيون ما يبدو شبيهاً بالصفقة الأمريكية السعودية التي عملت على استقرار الشرق الأوسط طيلة سبعين عاماً".
صعوبات إماراتية أمريكية
من جانبه، قال البروفيسور عبد الخالق عبد الله، الباحث البارز في العلوم السياسية، إن علاقة الإمارات بأمريكا تواجه صعوبات لم تواجهها منذ "50 عاماً" وكتب في صحيفة النهار اللبنانية قائلاً: "علاقة الإمارات بالشريك الأمريكي على المحك، وعلى مفترق طرق. ومن المؤكد أن مهمة إصلاح سوء التفاهم تقع على عاتق إدارة بايدن، التي قد تكون على وشك خسارة شريك إقليمي يزداد ثقة بنفسه ويزداد حضوراً إقليمياً وعالمياً".
كذلك فقد قال عبد الخالق عبد الله: "لقد استثمرت الإمارات الكثير في علاقاتها مع واشنطن. فقد خصصت الجزء الأكبر من استثمارات صناديقها السيادية الضخمة في الأسواق الأمريكية، دون الآسيوية والأوروبية، وحرصت على زيادة حجم التبادل التجاري مع واشنطن".
كذلك فقد أضاف أن واشنطن لم تظهر التقدير للإمارات حين تلكأت في إتمام صفقة طائرات إف-35، وأن الإمارات غاضبة من بايدن الذي اتخذ موقف المتفرج عن بعد خلال هجوم الحوثيين على أبو ظبي وقال: "وما زاد الطين بلة اعتراض إدارة بايدن على قرارات إماراتية سيادية، مثل استقبال بشار الأسد.. وممارسة الضغط على أبوظبي لزيادة إنتاجها من النفط خارج سياق اتفاق أوبك".
ختم عبد الخالق عبد الله مقاله بالقول: "يأتي كل ذلك في وقت لم تعُد فيه أمريكا القوة الوحيدة العظمى في العالم، ما دفع الإمارات والدول الأخرى إلى تنويع الشركاء".