أعلنت وزارة الثقافة الجزائرية، السبت 2 أبريل/نيسان 2022، منع التعامل باللغة الفرنسية في المراسلات والنشاطات الرسمية، مقابل تعميم استعمال اللغة العربية، في خطوة مماثلة لثلاث وزارات أعلنت الأمر ذاته خريف العام الماضي (2021).
ونشرت الوزارة مراسلةً وجهتها إلى الإدارات والمؤسسات التابعة لها، في بيان على مواقع التواصل.
وورد في البيان أنه "تطبيقاً لأحكام الدستور وقانون تعميم استعمال اللغة العربية، يطلب منكم التقيد إلزاماً باستعمال اللغة العربية في كل أعمال الاتصال والتسيير الإداري والمالي والتقني (الفني)".
وفق المراسلة، فإن الإجراء يشمل أيضاً تحرير كل الوثائق والمراسلات الإدارية والتقارير والمحاضر والاتفاقيات.
وأضافت: "كل المناقشات والمداولات في الاجتماعات الرسمية والملتقيات والندوات (المؤتمرات) والتظاهرات لا بد أن تكون باللغة العربية باستثناء الدولية التي يمكن فيها استعمال اللغات الأجنبية إلى جانب العربية".
المراسلة حملت توقيع وزيرة الثقافة صورية مولوجي، منوهة إلى أنها "تولي أهمية قصوى لتنفيذ محتوى الوثيقة".
3 وزارات سبقتها بهذه الخطوة
في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلنت وزارات التكوين (التدريب) المهني، والشباب والرياضة، والعمل إنهاء استعمال اللغة الفرنسية في تعاملات موظفيها الداخلية والخارجية، تزامناً مع أزمة تصاعدت مع باريس بسبب تصريحات للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وصفت بالمسيئة بحق الجزائر.
وطعن ماكرون -آنذاك- في تاريخ الجزائر، ما أدى سحب الأخيرة سفيرها في باريس، ومنع تحليق الطيران العسكري الفرنسي في أجوائها.
في تلك الأثناء كانت معلومات متداولة داخل وزارات بوجود تعليمات شفهية من أعلى السلطات في البلاد لإنهاء التعامل باللغة الفرنسية داخل القطاعات الحكومية، حسب "الأناضول" التي أشارت إلى أنها لم تتأكد من وجود قرار رسمي بهذا الشأن.
وتسبب الاستعمار الفرنسي للجزائر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، بفرض اللغة الفرنسية على الجزائريين من قبل سلطات الاستعمار التي حكمت البلاد طيلة 132 عاماً، مع محاربة اللغة العربية، فضلاً عن تأخر تطبيق قوانين لتعريب الإدارة والتعليم بعد الاستقلال.
لكن في مطلع العام 1991، أصدرت السلطات الجزائرية قانوناً يقضي بتعميم استعمال العربية في المعاملات كلها داخل القطاعات الحكومية، لكن تطبيقه بقي معلقاً لأسباب يقول معارضون إنها تعود إلى نفوذ ما يُسمى اللوبي الداعم لفرنسا في الجزائر، حسب الأناضول.
وباستثناء وزارتي الدفاع والعدل، عادةً ما تستعمل كل الوزارات في الجزائر اللغة الفرنسية في أغلب مراسلاتها الداخلية وحتى في بياناتها الرسمية، على الرغم من أن الدستور ينص على أن "العربية هي اللغة الوطنية والرسمية الأولى، كما أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية ووطنية ثانية".
عزم جزائري على إنهاء التعامل بالفرنسية
وفي خريف العام الماضي (2021)، كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، أن الجزائر تعتزم إلغاء استعمال اللغة الفرنسية في كل دوائرها الرسمية مع نهاية السنة القادمة (2022).
وأضاف المصدر أن قرار التخلي عن اللغة الفرنسية في المؤسسات الرسمية الجزائرية سيتم تدريجياً وسيمسّ وزارات وقطاعات أخرى أكثر أهمية من وزارة التكوين المهني والشباب والرياضة.
وتستعمل جلّ المؤسسات الرسمية اللغة الفرنسية إلى جانب اللغة العربية في مراسلاتها وبياناتها، وهناك دوائر حكومية تستعمل الفرنسية فقط.
وكان قانون "التعريب" الذي أعلن في الجزائر عام 1992، جُمّد عقب الإطاحة بالرئيس الراحل الشاذلي بن جديد. وقانون التعريب، الذي ينص على التعامل باللغة العربية فقط، يثير الجدل في الجزائر.
وعطّل كل من الرئيسين محمد بوضياف وعلي كافي بعد ضغوطات فرنسية، قانون التعريب، حسب تصريحات تلفزيونية لوزير التعليم في تلك الفترة أحمد بن محمد، الذي أوكلت إليه مهمة إعداد القانون للشروع في تطبيقه، ابتداءً من 5 يوليو/تموز 1992 الموافق لتاريخ استقلال الجزائر عن فرنسا.
وظل قانون التعريب محل مزايدات سياسية لاسيما عشية كل انتخابات رئاسية، إذ تُقدم وعود برفع التجميد كلياً عن القانون، لكن ضغوطات اللوبي الفرنسي في الجزائر كانت دائماً تتصدى لأي قرار يساهم في تراجع اللغة الفرنسية على حساب العربية.