كشف عاملان في موقع تشيرنوبل النووي الأوكراني لوكالة رويترز الثلاثاء 29 مارس/آذار 2022 أن الجنود الروس الذين استولوا على الموقع في 24 شباط/فبراير عبروا بعرباتهم المدرعة في منطقة عالية السمية تسمى "الغابة الحمراء" حول تشيرنوبل دون أي معدات وقاية من الإشعاع؛ مما أثار سحباً من الغبار المشع.
أحد العاملين في المحطة النووية شبه ما فعله الجنود بـ"الانتحار"؛ لأن الغبار المشع الذي استنشقوه في "الغابة الحمراء" وهي الجزء الأكثر تلوثاً إشعاعياً في المنطقة المحيطة بمحطة الطاقة، وتقع على بعد نحو 100 كيلومتر شمال كييف من المحتمل أن يسبب مشاكل إشعاع داخلي في أجسادهم، وفقاً لما نشرته صحيفة The Independent البريطانية.
ما حدث بعد سيطرة الروس على تشيرنوبل
ووفقاً لعاملين أوكرانيين كانا في الخدمة عندما دخلت الدبابات الروسية تشيرنوبل، فإن الجنود الذين تحدثا إليهما أثناء عملهما في المنشأة لم يكونوا على دراية بطبيعة الموقع ولم يسبق لهم أن سمعوا عن الانفجار.
وأشارت الوكالة البريطانية إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بعبور الغابة الحمراء وفقاً للموظفين، بل إن القوات الروسية بالعموم لم تستخدم أي معدات مضادة للإشعاع أثناء وجودها في الموقع.
وسمُيَت الغابة الحمراء بهذا الاسم؛ لأنَّ عشرات الكيلومترات المربعة من أشجار الصنوبر تحولت إلى اللون الأحمر بعد امتصاص الإشعاع الناجم عن الانفجار، وهي تعتبر شديدة التلوث لدرجة أنه حتى عمال المحطة النووية لا يُسمَح لهم بالذهاب إلى هناك.
قال فاليري سيدا، القائم بأعمال المدير العام لمصنع تشيرنوبل، الذي لم يكن موجوداً وقت الغزو الروسي: "لا أحد يذهب إلى هناك… ولا يوجد أي أحد هناك"، وقال الموظفان إنَّ القافلة العسكرية الروسية مرت بالمنطقة. وأشار أحدهما إلى أنَّ القافلة استخدمت طريقاً مهجوراً.
فيما قال أحد المصادر: "سارت قافلة كبيرة من المركبات العسكرية على طول طريق خلف منشأتنا مباشرة، ويمر هذا الطريق عبر الغابة الحمراء"، وأضاف: "القافلة أثارت عموداً كبيراً من الغبار. وأظهر العديد من أجهزة استشعار السلامة من الإشعاع مستويات تتجاوز حد الأمان".
قلق غربي من محطة تشيرنوبل
فيما قالت هيئة التفتيش النووية الحكومية الأوكرانية، في 25 فبراير/شباط، إنَّ مستويات الإشعاع في تشيرنوبل زادت بسبب المركبات العسكرية الثقيلة التي تزعج التربة، لكن حتى الآن، لم تظهر تفاصيل ما حدث بالضبط.
وأضاف العاملان أن المتخصصين المدربين على التعامل مع الإشعاع التابعين للجيش الروسي لم يصلوا إلى الموقع إلا بعد حوالي أسبوع من وصول القوات الروسية، وهم أيضاً لم يرتدوا ملابس واقية.
وقالت رويترز إنه لم يتسن لها التحقق بشكل مستقل من رواية العاملين اللذين تحدثا للوكالة عبر الهاتف شرط إبقاء هويتهما مجهولة حفاظاً على سلامتهما فيما لم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلبات التعليق.
وكان الجيش الروسي قد قال في وقت سابق بعد سيطرته على المحطة إن الإشعاع كان ضمن المستويات الطبيعية وإن تحركاته حالت دون وقوع "استفزازات نووية" محتملة من قبل القوميين الأوكرانيين. كما نفت روسيا في السابق أن تكون قواتها قد عرّضت المنشآت النووية داخل أوكرانيا للخطر.
ويُشار إلى أن خبر سيطرة القوات الروسية على مفاعل محطة تشيرنوبل أثار ذعراً في جميع أنحاء أوروبا وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها فقدت الاتصال بأنظمة المراقبة في محطة تشيرنوبل النووية، القريبة من العاصمة الأوكرانية كييف وتخضع لسلطة روسيا.
إذ قالت الوكالة، في بيان، إن محطة تشيرنوبل "توقفت عن إرسال أي معلومات" معربة عن قلقها إزاء سلامة موظفي المحطة العاملين تحت سيطرة القوات الروسية.
ولا يزال هناك أكثر من 200 من الفنيين والحراس الأوكرانيين عالقين في الموقع وهم يعملون منذ 13 يوماَ متواصلاً تحت المراقبة الروسية.
ووفقاً لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المدرجة على موقع الوكالة على الإنترنت، تبلغ المستويات الآمنة 1 مللي سيفرت سنوياً لعامة السكان و20 مللي سيفرت سنوياً لأولئك الذين يتعاملون مع الإشعاع بشكل احترافي -ويساوي 1 مللي سيفرت 1000 ميكرو سيفرت.