شنَّ خصوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هجماتٍ محتدمة، الأحد 27 مارس/آذار 2022 على سجلِّه الرئاسي في التعامل مع الجريمة والهجرة وتدني مستويات المعيشة، سعياً منهم إلى كبح مسيرته نحو ولاية رئاسية ثانية، ولإنقاذ حملاتهم المتعثرة قبل بدء الانتخابات الرئاسية.
صحيفة The Times البريطانية، قالت الإثنين 28 مارس/آذار 2022، إن أنصار المرشح اليميني المتطرف المناهض للإسلام، إريك زمور، اتهموا ماكرون بأنه "قاتل" بدعوى أنه عاجز عن استعادة القانون والنظام.
من جانبه، قال زمور إن ماكرون سمح لـ"الأشرار والمجرمين والمحتلين بالشغب"، وندَّد بما وصفه بتراجعه "أمام الإسلاموية"، وسعى زمور إلى بث روح جديدة في حملته بتقديم نفسه على أنه المرشح الوحيد الذي لا يمنعه شيء من التصريح بمخاطر الإسلام، والتشديد على أنه المستودع الحقيقي لقيم تيار اليمين في فرنسا.
كذلك هاجم جان لوك ميلينشون زعيم حزب "فرنسا الأبيَّة" اليساري الراديكالي، الرئيس ماكرون، واستنكر ما قال إنه ازدراء رئيس البلاد للطبقات العاملة، واتهم ماكرون ببث الفوضى في المدارس بمنهجه في إصلاح التعليم.
اعتبر ميلينشون أن ماكرون والمرشحة اليمينية مارين لوبان متشابهان تشابهاً تاماً، غير "أن الأول يزدري الطبقات الاجتماعية الدنيا، والثانية تزدري الأعراق الأخرى"، وفق قوله.
أما مارين لوبان، مرشحة حزب "التجمع الوطني" اليميني الشعبوي، فاتهمت ماكرون بسوء التعامل مع الأزمة الصحية الناجمة عن وباء كورونا، قبل أن يقتحم عدة عشرات من الناشطين اليساريين تجمعها الانتخابي ويلقون الزجاجات عليها ويتدافعوا مع فريق حملتها.
توقعات بتفوق ماكرون
يأتي هجوم المرشحين الرئاسيين على ماكرون قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 10 أبريل/نيسان 2022، وتذهب التوقعات إلى أن ماكرون أقرب المرشحين إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، بحسب الصحيفة البريطانية.
يُشير استطلاع للرأي أجرته شركة "إبسوس" أن ماكرون حصل على نسبة 28.5% من أصوات الجولة الأولى، متقدماً على لوبان التي حصلت على نسبة 17.5 %، وميلينشون بنسبة 14.5 %، وزمور بنسبة 11%، وفاليري بيكريس مرشحة الحزب الجمهوري بنسبة 10%.
خلص منظمو الاستطلاع إلى أن ماكرون في طريقه للفوز على لوبان في الجولة الثانية في 24 أبريل/نيسان، بنسبة 58% مقابل 42%.
كانت لوبان قد ألمحت الأحد 27 مارس/آذار 2022، إلى أن محاولتها الثالثة للوصول إلى الرئاسة ربما تكون الأخيرة لها إذا لم تُكلَّل بالنجاح في الانتخابات المقبلة، وفقاً لما أوردته وكالة رويترز.
في سياق متصل، تحدثت صحيفة The Guardian البريطانية الأحد 27 مارس/آذار 2022 عن الخطاب المعادي للإسلام في الانتخابات الفرنسية، واقتبست عن شمس الدين حافظ، عميد مسجد باريس الكبير، قوله إن تصاعد هذا الخطاب يهدِّد بخلق "دوامة من الكراهية".
أضاف حافظ: "أنا مهموم. نحن في مجتمع ممزق يبحث عن نفسه، مجتمع ضعيف ومذعور بعد الوباء. وهذه ليست أول مرة يبحث فيها المجتمع بحالته هذه عن كبش فداء، فهناك سوابق لذلك: في عام 1930، عندما بدأت أصابع الاتهام في الإشارة إلى اليهود الذين تحولوا إلى (مشكلة مجتمع بأكمله)، واليوم لم يعد الأمر يتعلق باليهود، وإنما المسلمون"، وفق قوله.
كان حافظ قد نشر كتاباً هذا الشهر، حمل عنوان "مع كل الاحترام، نحن أبناء الجمهورية" للتصدي لما سماه الخطاب المعادي للمسلمين الذي يجتاح اليمين الفرنسي خلال الحملة الانتخابية.
في حديثٍ لصحيفة The Guardian، قال حافظ: "منذ سنوات وإلى الآن، يتحدث بعض المرشحين في كل انتخابات في فرنسا عما يسمونه (مشكلة) الإسلام، ويربطون الإسلام بالهجرة أو بالإرهاب".
في مقابل خطاب الكراهية للمسلمين، كانت آن هيدالغو، مرشحة الحزب الاشتراكي التي تستبعدها الترشيحات من الفوز بالانتخابات، قد زارت مسجد باريس الكبير مؤخراً، وحذرت مرشحي الرئاسة من "اتخاذ المسلمين كبش فداء"، وأعربت عن قلقها الشديد من الخطاب السياسي "المحرض على الكراهية" الذي أخلَّ بـ"الأخوة" بين المواطنين في فرنسا.
يُشار إلى أن الحملة الرسمية للانتخابات الرئاسية الفرنسية تبدأ في 28 مارس/آذار 2022 حيث يطبَّق مبدأ المساواة في الأوقات المخصصة للمرشحين على وسائل الإعلام بشكل صارم، وسيحصل المرشحون على دعم مالي لحملاتهم الانتخابية بقيمة 200 ألف يورو.