السفير السعودي يصل بيروت قريباً وتنسيق مع جعجع وجنبلاط للانتخابات.. عودة خليجية مرتقبة إلى لبنان

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/23 الساعة 12:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/23 الساعة 12:57 بتوقيت غرينتش
الرئيس اللبناني ميشال عون والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز (صفحة ميشال عون على فيسبوك)

بعد مرور أكثر من خمسة أعوام على قرار السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي سحب سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية من لبنان، يبدو أن الأمور بدأت تأخذ منحنى أكثر ودية مرة أخرى.

فوفقاً لمصادر دبلوماسية عربية رفيعة لـ"عربي بوست"، فإن السعودية تتجه لإعلان موقف إيجابي من لبنان، بالإضافة لخطوة منتظرة ستقوم بها وهي إعادة سفيرها وليد البخاري إلى بيروت خلال أيام قليلة.

وأعلنت الرياض مساء الثلاثاء 22 مارس/آذار في بيان صادر عن وزارة الخارجية، ترحيبها بما تضمنه بيان رئيس الوزراء اللبناني من نقاط إيجابية، وتأمل بأن يُسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيًا ودوليًا، وتتطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والنماء والازدهار.

القرار الخليجي السابق بسحب سفرائهم وبعثاتهم الدبلوماسية من لبنان كاد يتسبب في فرط عقد الحكومة اللبنانية، لولا تدخلات فرنسية ورفض أمريكي لإحداث أي فراغ حكومي في لبنان.

أما اليوم، فيبدو أن هناك أفقاً جيداً لحلول سياسية بين لبنان ودول الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية. فما هي ملامح العودة السعودية إلى لبنان؟

تحريك المياه الراكدة

كانت دول الخليج وضعت أسساً ضمن المبادرة الكويتية التي طرحها وزير الخارجية الكويتي مطلع العام الحالي على المسؤولين اللبنانيين، والتي ضمت بنوداً يتوجب على لبنان الالتزام بها تجاه الخليج والسعودية، أبرزها وقف تحويل بيروت لمنصة استهداف للسعودية.

تشير المصادر الدبلوماسية العربية لـ "عربي بوست" إلى أن السعودية أبدت تفهمها لعدم قدرة لبنان على تطبيق بعض بنود المبادرة الكويتية، وخاصة ما يتعلق بالقرار 1559 القاضي بسحب سلاح حزب الله، والذي يعتبر أكبر من قدرة اللبنانيين على تنفيذه.

بالمقابل، فإن الإمارات التي تشاورت مع السعودية، قررت تعيين سفير جديد لها في بيروت خلفاً لسفيرها السابق وإعادة العلاقات مع لبنان خلال الأسابيع القادمة.

فيما أبلغت الكويت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبر وزير خارجيتها استعدادها لإعادة سفيرها في حال جرى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين يضمن وقف لبنان أي أعمال عدائية تجاه دول الخليج.

اجتماع فرنسي – سعودي

تشير مصادر سياسية لـ"عربي بوست" إلى أنه جرى لقاء دبلوماسي رفيع بين مسؤولين فرنسيين وسعوديين في الرياض منذ أيام.

ضم الوفد السعودي الوزير نزار العلولا والسفير السعودي في بيروت وليد البخاري، أما الوفد الفرنسي فترأسه المستشار باتريك دوريل والسفير إيمانويل بون.

ويشير المصدر إلى أن الاجتماع بحث نقاطاً أساسية متعلقة بالانتخابات البرلمانية وضرورة إعادة الحضور السياسي السعودي في الساحة اللبنانية وتحديداً السنية، بالإضافة لضرورة العمل على تقديم المساعدات الغذائية والصحية والتعليمية لمؤسسات لبنانية غير رسمية.

وأشار المصدر نفسه إلى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ضرورة العودة للبنان لإحداث نوع من التوازن السياسي في ظل اختلال هذا التوازن.

وأوضح المصدر أن اجتماعاً جديداً لخليّة الأزمة المشتركة الفرنسية-السعودية سيُعقد في الأيام المقبلة لتنسيق المزيد من الخطوات الانتخابية والسياسية، مع اقتراب عودة السفير السعودي إلى لبنان التي أصبحت جدّيّة وقريبة، وقد تكون بحلول شهر رمضان.

فيما يشير الصحفي والمحلل السياسي منير الربيع إلى أن هذا الاجتماع جرى بعد ساعات من دعوات لبنانية لمسؤولي دول الخليج، وتحديداً السعودية، لإعادة الاهتمام بالملف اللبناني، وليبدأ هذا الاهتمام بعودة البخاري إلى بيروت وعقد لقاءات، كتمهيد لتقديم الدعم المعنوي والسياسي والمالي للانتخابات.

ويأتي ذلك في ظل المزيد من الرسائل التي تلقاها الرئيس سعد الحريري حول ضرورة وقف أي نشاط سياسي يقوم به المحسوبون على تيار المستقبل، لعرقلة عمل الرئيس فؤاد السنيورة في تشكيل لوائح انتخابية لسد ثغرة غياب الحريري وانكفائه عن الساحة اللبنانية.

فؤاد السنيورة وسعد الحريري
فؤاد السنيورة وسعد الحريري

وفود أمنية خليجية في بيروت

وتمهيداً للعودة الخليجية القريبة لبيروت تشير مصادر حكومية لبنانية إلى أن مبعوثين، الأول قطري والثاني إماراتي، زارا بيروت منتصف الأسبوع المنصرم، وأجريا لقاءات سياسية وأمنية بهدف التحضير لعودة السعودية ودول الخليج إلى لبنان.

ويؤكد المصدر أن الموفدين التقيا كل على حدة قيادات من حزب الله لتهدئة الأوضاع والأجواء، مشيراً إلى أن الحزب أعطى إشارات إيجابية حول العلاقة مع السعوديين، وأبدى حرصه على إعادة العلاقة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي في ظل تقدم الحوار بين السعودية وإيران.

الاتصالات الخليجية

أوضح الدكتور خلدون الشريف، المستشار السابق لرئيس الحكومة اللبنانية، أن إرهاصات عودة دول الخليج والسعودية إلى لبنان تنطلق من مجموعة عوامل رئيسية، أهمها أن حزب الله قد أبلغ جهات دولية فاعلة، أنّه وحلفاءه لا يرغبون في الاستحواذ على الغالبية المطلقة في البرلمان، ما يعتبر خطوة على طريق تطمين الدول العربية وتحديداً السعودية.

بالمقابل، يشير الشريف إلى أنّ فرنسا تسعى إلى تشكيل خلية أزمة تتصل بلبنان تضم المملكة العربية السعودية ومصر.

وأشار إلى أن التواصل بين وإيران وحزب الله في آن معاً لإخراج لبنان من عنق الزجاجة يعني اقتراب الإعداد لصفقة تعيد التوازن إلى لبنان، موضحاً أن الأمريكيين لا يمانعون ولا يعترضون ولا يعارضون الحركة الفرنسية الناشطة لإيجاد حل جذري للأزمة.

ويرى المحلل السياسي حسين أيوب أن تحريك المياه الراكدة في ملف العلاقات اللبنانية الخليجية قد بدأ، إذ تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعوة إلى زيارة رسمية إلى دولة قطر حيث سيرافقه الوزير ناصر ياسين وسيشاركان في منتدى الدوحة الذي سيفتتحه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ويعتبر أيوب أن المؤشر الثاني كان في إعطاء وزير خارجية الكويت أحمد ناصر المحمد الصباح أول إشارة خليجية إيجابية غداة الاجتماع الوزاري العربي الذي ترأسه لبنان في القاهرة، والإشارة الكويتية التي تلقاها ميقاتي "يُفترض أن تُترجم بعودة متدرجة لبعثات خليجية إلى بيروت، بدءاً من الأسبوع المقبل".

ويشدد أيوب على أنه كان لافتاً للانتباه البيان الصادر في الساعات الأخيرة عن رئاسة الحكومة اللبنانية والذي تجدد فيه التزامها "باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التَّعاون مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التَعاون الخليجي"، و"التزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية والشرعية الدولية"، والتزام لبنان "العمل الجدي والفعلي لمتابعة واستكمال تنفيذ مندرجاتها بما يضمن السِّلم الأهلي والاستقرار الوطني للبنان وتحصين وحدته".

التوازن الإقليمي

ووفقاً لأيوب وربطاً بالانفراجات الخليجية تجاه لبنان، يرى أن ثمة إشارات لافتة للانتباه مؤخراً على المستوى الإقليمي، وخاصة أن الجولة الخامسة السعودية الإيرانية التي كانت مقررة هذا الأسبوع في بغداد تأجلت.

لكنه يرى أن التأجيل لا يعني الإلغاء، فوفقاً لأيوب، فإن جدول الأعمال بين الجانبين سيتمحور حول ثلاث نقاط حتى الآن: توفير مخرج للسعوديين يحفظ ماء وجههم في اليمن، وإيجاد مخرج للانسداد السياسي في العراق حتى لو أدى ذلك لاحقاً إلى حل البرلمان الجديد والدعوة إلى انتخابات تشريعية مجدداً، ولا مانع من نفوذ سياسي واقتصادي خليجي في سوريا.

ولعل البداية تكون بتطبيع إماراتي ـ سوري بزيارة بشار الأسد إلى الإمارات والتي قد تعقبها خطوة كبيرة على خط دمشق- الرياض، خلال الأسابيع القليلة المقبلة التي تنعكس حكماً على لبنان.

لقاءات سياسية في الرياض ومباركة للسنيورة

بالمقابل، فإن العودة السعودية للبنان ينبغي أن تتلازم مع تواصل ستجريه مع مكونات لبنانية تدور في فلكها.

هذا التواصل- وفقاً لمصادر "عربي بوست"- بدأ بتحديد مواعيد لقيادات لبنانية على رأسهم الوزير وائل أبوفاعور موفداً من زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والوزير ملحم رياشي موفداً من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

وتشير المعلومات إلى أن الموفدين سيناقشان مع المسؤولين السعوديين الإجراءات الرامية لعودة السفير السعودي إلى بيروت والتحضيرات الجارية للتحالفات الانتخابية بين القوات والاشتراكي بالتحالف مع الحركة السياسية التي يجريها الرئيس فؤاد السنيورة في الساحة السنية.

بالمقابل، فإن السعودية التقت الرئيس فؤاد السنيورة في باريس منذ أيام عبر رئيس مخابراتها خالد الحميدان، حيث استمع الحميدان لشرح حول الواقع الانتخابي وضرورة عودة السعودية للعب دور مفصلي في الانتخابات وما بعدها.

وتشير مصادر "عربي بوست" إلى أن السنيورة سمع من المسؤول الأمني السعودي مباركة سعودية لخطوته في منع سيطرة حزب الله على مقاعد السنة في البرلمان.

تحميل المزيد