نشر موقع "بي بي سي"، الأربعاء 23 مارس/آذار 2022، تقريراً حول فرار "العشرات" من المقاتلين الأجانب من ساحات الحرب في أوكرانيا ضد القوات الروسية، تضمن شهادات بعضٍ منهم التقتهم "بي بي سي" في بولندا، أوضحوا أنهم تلقوا "أوامر من القوات الأوكرانية بخصوص التعامل مع أسرى الحرب الروس"، فضلاً عن إجبارهم على توقيع عقد يتضمن بنوداً عدة من ضمنها تسليم جواز السفر وعدم مغادرة أوكرانيا إلى حين انتهاء الحرب.
المتحدثون للموقع كشفوا عن عقد تلزمهم القوات الأوكرانية التوقيع عليه قبل الانضمام لفيلق المقاتلين الأجانب الذي شكلته كييف بدعوة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ بدء الهجوم الروسي على البلاد 24 فبراير/شباط الماضي، ويضم الآلاف من المقاتلين الأجانب من أكثر من خمسين دولة.
بعد أن يعبر المقاتلون الأجانب من بولندا إلى أوكرانيا براً يجدون أنفسهم أمام مكاتب تابعة لإدارة هذا الفيلق الدولي، تستقبل المتطوعين للقتال تمهيداً لنقلهم إلى أوكرانيا.
"أوامر بقتل الأسرى الروس"
مقاتل بريطاني تطوع للقتال إلى جانب القوات الأوكرانية، رفض الكشف عن اسمه، أكد أنه ورفاقه المتطوعين "تلقوا أوامر بعدم الإبقاء على أي أسير روسي".
وقال لـ"بي بي سي" إن السبب وراء ذلك "يعود لعدم قدرة القوات الأوكرانية على الاحتفاظ بالأسرى مع ما يتطلبه ذلك من ترتيبات يصعب القيام بها في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
ريس بيرن (27 عاماً) وهو مقاتل متطوع من أيرلندا، قال إنه رفض التوقيع على العقد أو تسليم جواز سفره، الأمر الذي جعل القوات الأوكرانية تشتبه به وتظنه جاسوساً روسياً، قبل أن تعدل عن ذلك بعد التحقق من أمره، وتنقله من مدينة لفيف نحو موقع عسكري غربي العاصمة كييف.
ومع ذلك، قرر بيرن في النهاية مغادرة أوكرانيا بعد ستة أيام فقط من دخولها عبر بولندا، مؤكداً أن "المغادرة كانت مستحيلة لو أنني سلمت جواز سفري للسلطات الأوكرانية".
يقول بيرن حسب "بي بي سي"، إنه حسم أمره وقرر مغادرة أوكرانيا، "بعد الأوامر التي تلقاها في حال اعتقال أو استسلام أي جنود روس خلال المعارك".
ويشرح أن "إجراءات عملنا في الميدان كانت تنص بالأساس على أن أي جندي أو شخص روسي يستسلم ويتم أسره، يصبح سجين حرب، ربما نستفيد من المعلومات التي لديه".
لكنه يضيف أن "ذلك تغير، إذ تم إخبارنا بألا نتبع هذا الإجراء مع أسرى الحرب، وأُمرنا بقتلهم في الميدان. سواء استسلموا أم لا. وهذا يعني أنه عندما يخرج أي جندي روسي رافعاً يديه في الهواء وملوحاً بالعلم الأبيض، يجب علينا قتله".
وكان قد عبر الحدود مع ثلاثة من أصدقائه البريطانيين، كاشفاً أن أحدهم وقع العقد بالفعل مع الفيلق الدولي بأوكرانيا، ليُنقل إثر ذلك إلى دونباس التي تعتبر من أكثر المناطق سخونة بسبب المعارك الدائرة هناك.
كييف "تنفي"
في المقابل، نفت كييف الادعاءات التي تحدثت عن أوامر أوكرانية للمقاتلين بقتل أسرى الحرب الروس، حيث رفض المتحدث باسم فيلق المقاتلين الأجانب، داميان مارغو، هذه "الاتهامات" التي يمكن تصنيفها على أنها "جرائم حرب".
مارغو قال إن الفيلق الأجنبي والجيش الأوكراني "يعاملون أسرى الحرب معاملة حسنة وفقاً لما تنص عليه القوانين الإنسانية، لكن الجانب الآخر (روسيا) هو من يخرق اتفاقية جنيف"، معرباً عن استغرابه أن يصدر أمر كهذا "فنحن نعلم جميعاً أن قتل أسرى الحرب غير مشروع".
وأكد أنه "لو أعطى شخص أمراً من هذا النوع فعلاً، فسأكون مهتماً بمعرفة من هو، وأؤكد أنه سيحال إلى تأديب ويحول إلى محكمة عسكرية كما ينبغي أن يحدث".
لكن تصريحات مارغو لم تكذب ادعاءات أخرى تحدث حول ضرورة تسليم جواز السفر وعدم مغادرة أوكرانيا قبل انتهاء الحرب، وأوضح حسب "بي بي سي"، أن "بنود التعاقد الأساسية مع المتطوعين الأجانب فاعلة خلال فترة الحرب، وعندما يوقع المتطوعون على تلك العقود فهم سيخدمون بشكل تلقائي حتى نهاية الحرب".
وتابع "كجزء من الجيش يجب على المتطوعين اتباع القواعد والانضباط مثل أي فرقة أخرى داخل الجيش الأوكراني. وهذا يشمل نظريا أنه لا يجوز لك أن تترك الحرب وترحل".