تايوان تتأهب لهجوم صيني محتمل تزامناً مع حرب أوكرانيا.. أخضعت جنود الاحتياط لتدريب “صارم”

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/17 الساعة 18:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/17 الساعة 18:33 بتوقيت غرينتش
جنود من القوات التايوانية خلال تدريبات عسكرية على شواطئ الجزيرة، أرشيفية/ رويترز

بدأت تايوان في إخضاع أفراد جنود الاحتياط لتدريب صارم جديد يمتد لـ14 يوماً؛ من أجل الاستعداد لهجوم محتمل من الجيش الصيني، تزامناً مع الهجوم الروسي على أوكرانيا، وفق ما ذكره تقرير لشبكة CNN الأمريكية الخميس 17 مارس/آذار 2022.

الشبكة الأمريكية قالت إن محامين، ومهندسي برمجة، وحدادين، ارتدوا هذا الأسبوع الأزياء العسكرية، وأطلقوا نيران البنادق الهجومية على أهدافٍ مرقمة، وخرجوا في مسيرات طويلة مرتدين عتادهم العسكري كاملاً.

حيث ضمّت القوة 400 فرد من جنود الاحتياط التايوانيين، الذين كانوا من أوائل الخاضعين لجدول التدريب الصارم، وقدمت الحكومة الجدول الجديد خلال الشهر الجاري، بدلاً من الجدول السابق الذي كان يمتد لسبعة أيامٍ فقط؛ وذلك لتعزيز الجاهزية القتالية للجزيرة.

فيما أثارت التدريبات الإضافية حفيظة بكين، لكن المحللين العسكريين والمشرعين يحذّرون من أن تلك الخطوات لن تكون كافيةً لصدّ الهجوم المحتمل من جانب أحد أقوى جيوش العالم. 

رغم أن الحرب في أوكرانيا تحدث على الجانب الآخر من الكوكب، فإنها أثارت الجدل في الجزيرة حول ما يُمكن لتايوان فعله من أجل الاستعداد.

ما الذي تفعله تايوان الآن؟

أجرت بكين مناورات للجاهزية القتالية بجوار الجزيرة خلال الأشهر القليلة الماضية، بينما ردّت تايبيه بتخصيص مبلغٍ قياسي للإنفاق الدفاعي في العام الجاري، إضافة إلى 8.7 مليار دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة، لتعزيز قدرات الحرب غير المتكافئة. 

كما تشمل تلك الجهود أيضاً تطوير صواريخ جديدة بعيدة المدى لاستهداف المنشآت العسكرية الصينية في حالة اندلاع الحرب.

فيما تبحث حكومة الجزيرة أيضاً مسألة زيادة حجم جيشها الذي يضم 160 ألف فرد في الرتب المهنية التطوعية بالكامل. إذ إنّ حجم جيش تايوان يُساوي أقل من عُشر حجم جيش التحرير الشعبي الصيني، رغم امتلاك تايوان أكثر من مليون فرد من جنود الاحتياط الذين يمكن استدعاؤهم عند الحاجة.

جنود من القوات التايوانية خلال تدريبات عسكرية على شواطئ الجزيرة، أرشيفية/ رويترز
جنود من القوات التايوانية خلال تدريبات عسكرية على شواطئ الجزيرة، أرشيفية/ رويترز

حيث أشارت الرئيسة تساي إينغ ون إلى أن قوات الاحتياط يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في دفاعات تايوان في حال حدوث غزو، مما يُشبه الوضع في أوكرانيا التي قامت حكومتها بتسليح المواطنين العاديين؛ للمساعدة في حماية المدن من القوات الروسية المهاجمة.

أضافت تساي: "تُطبِّق هذه المهمة التدريبية روح (الدفاع الشامل). ويجب على كل جندي احتياط… أن يفترض احتمالية وقوع الحرب داخل مدينته".

استعدادات لتعبئة عامة

تهدف مبادرة (الدفاع الشامل) إلى رفع مستوى المعرفة العسكرية العامة داخل الجزيرة الاسيوية الصغيرة، مما سيُمكّن الحكومة من تعبئة العامة إذا لزم الأمر.

كما تُلزم القوانين الحالية جميع الرجال التايوانيين المؤهلين، بين عمر 19 و36 عاماً، بالخضوع لأربعة أشهر من التدريب العسكري الإلزامي.

ينضم بعضهم إلى قوات الاحتياط عقب انتهاء فترة التدريب الإلزامي، ليجري تكليفهم بعدها بالمشاركة في تدريباتٍ إضافية، مثل التدريبات التي انضم لها جنود الاحتياط في الأسبوع الجاري وتستمر لمدة 14 يوماً.

كما يهدف نظام التدريب الجديد إلى تبديد المخاوف حول أن جنود الاحتياط ليسوا جاهزين للقتال، لكن الخبراء العسكريين يقولون إنهم يحتاجون في الواقع لفترة تدريبٍ إلزاميةٍ أطول.

إذ صرّح شانغ يان تينغ، النائب السابق لقائد القوات الجوية التايوانية، لشبكة CNN الأمريكية، قبل أربعة أشهر، بأن التدريب الإلزامي "ليس كافياً على الإطلاق".

هل تُعتبر تدابير تايوان كافية؟

ليس شانغ وحيداً في هذا الرأي. إذ دعا عددٌ من المشرعين من مختلف الأحزاب الأسبوع الماضي، إلى تمديد فترة التدريب الإلزامي داخل البلاد، مستشهدين بالحاجة إلى تكوين قوات احتياطٍ قوية.

حيث قال وو سيز-هواي، المشرع من حزب الكومينتانغ، إن الرجال المؤهلين في تايوان يجب أن يخضعوا لعامٍ كامل من التدريبات العسكرية.

كما دعا حزب السلطة الجديدة أيضاً إلى إشراك النساء في برامج التدريب غير القتالية، خاصةً برامج اللوجستيات العسكرية.

في حين صرّح المكتب الرئاسي التايواني للشبكة الأمريكية، يوم الأحد 13 مارس/آذار، بأن السلطات تدرس ما إذا كان عليها تمديد فترة التدريب العسكري الإلزامي بالجزيرة. ويأتي ذلك في أعقاب تداول وسائل الإعلام تقارير حول صدور توجيهات شخصية من الرئيسة تساي لوزارة الدفاع بدراسة إمكانية التمديد، بعد أن شهدت طريقة تعبئة المدنيين في أوكرانيا.

بينما قال جان مايكل كول، الزميل البارز المقيم في تايبيه مع مؤسسة Global Institute Taiwan البحثية، إن الجزيرة يجب أن تُعزّز قدراتها العسكرية وتستعد لأي حالات طوارئ محتملة.

أردف قائلاً: "التطورات في روسيا لا تعني أنّ شي جينبينغ سيستيقظ غداً ليقرر استخدام القوة ضد تايوان، ولن يفعل ذلك لمجرد أن صديقه في موسكو قرر فعل ذلك مع أوكرانيا. لكن تلك التطورات خير دليل على وجود احتماليةٍ -ولو بسيطة- بأن تُقرر الأنظمة الاستبدادية فجأةً استخدام القوة ضد دولةٍ ديمقراطية، بناءً على حساباتها الشخصية ولأسبابها الشخصية".

الدروس المستفادة من أوكرانيا

يتفق الخبراء على وجود أوجه اختلافٍ كبيرة بين الهجوم الروسي على أوكرانيا وشكل أي غزوٍ محتمل من الصين لتايوان.

إذ إن تايوان جزيرةٌ عكس أوكرانيا، مما يعني أن بكين ستضطر على الأرجح إلى شن أكبر هجومٍ برمائيٍّ في التاريخ. ولا شك في أن الغزو المحتمل سيثير رد فعلٍ إقليمياً بفضل قرب تايوان جغرافياً من اليابان وأهميتها بالنسبة للأخيرة، حيث تقع على بعد 100 كيلومتر فقط من تايوان.

كما تُعَدُّ تايوان دولةً رائدة عالمياً في توريد رقاقات أشباه الموصلات التي نحتاجها لتشغيل كل شيء، بدايةً بالهواتف الذكية ووصولاً إلى السيارات. ولهذا فإنّ غزواً من هذا النوع ستكون لها آثارٌ رجعية مضاعفة في جميع أنحاء العالم.

مع ذلك فهناك دروسٌ يمكن الخروج بها من الوضع في أوكرانيا لمساعدة تايوان على الاستعداد، بحسب المحللين، حيث قال شانغ: "الدروس المستفادة من أوكرانيا واضحة. يجب أن نتحمل مسؤولية الدفاع عن بلادنا بأنفسنا".

تحميل المزيد