أثار الرئيس التونسي قيس سعيد الجدل، عقب تعيينه ضيغم بن حسين، وهو أحد رموز نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الثلاثاء 15 مارس/آذار 2022، في خطوة تشهد فيها الحكومة انضمام شخصيات أمنية جديدة، بعد أن شهدت تقلصاً كبيراً خلال الأشهر الأخيرة.
وتولى ضيغم بن حسين منصب مدير الأمن الخارجي بوزارة الداخلية خلال السنوات الأخيرة من عهد زين العابدين بن علي، وعمِل في جهاز الأمن الوطني برئاسة الجمهورية، حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، قبل أن يتقاعد، حسب موقع Africa Intelligence الفرنسي.
قضية اغتيال
على صعيد آخر، وفي تحقيق أجراه موقع "نواة" Nawaat الإلكتروني التونسي، فقد ورد اسم الرجل في قضية اغتيال السياسي التونسي محمد البراهمي عام 2013، في وقت كان فيه ضيغم لا يزال مديراً للأمن الخارجي.
وزعم هذا التحقيق أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد حذرت الأمن الخارجي من مؤامرة لاغتيال زعيم حزب التيار الشعبي التونسي.
ويذكر أن اسم ضيغم برز عقب اغتيال السياسي التونسي البراهمي، وهو الدافع وراء ردود فعل غاضبة عبّر عنها تونسيون في مواقع التواصل عقب تعيينه مستشاراً للرئيس.
تتشابه سيرة حسين إلى حد ما مع سيرة خالد اليحياوي، مستشار الأمن القومي ورئيس الأمن الرئاسي، الذي خدم في الأمن الرئاسي للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وساعد الرئيس الحالي في تنظيم انقلاب مؤسسة الرئاسة على مؤسسات الحكم المنتخبة، في 25 يوليو/تموز من العام الماضي.
ولم تُحدد بعد المهمات الموكلة إلى حسين ونطاقها، إلا أن تعيينه يأتي في وقت تحتدم فيه التوترات السياسية في تونس، مع تشديد سعيد الخناقَ الأمني على معارضيه، مستعيناً بوزارة الداخلية التي يتولى رئاستها توفيق شرف الدين. وقد بات شرف الدين يحمل الآن مكانةً أكبر من مكانته في أي وقت مضى في الفريق الرئاسي، بعد أن أُقيلت نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي السابقة، في نهاية يناير/كانون الثاني.
أول استقالة بحكومة نجلاء
يشار إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيد كان قد قبل أول استقالة في حكومة رئيسة الوزراء نجلاء بودن، الثلاثاء 8 مارس/آذار 2022، حينما أعلنت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة عائدة حمدي، دون توضيح أسباب الاستقالة.
فضلاً عن استقالة نادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي قبل نحو شهرين، بسبب ما وصفته بـ"خلافات جوهرية" مع الرئيس سعيد حول الوضع العام في البلاد.
وكان سعيد قد كلف أواخر سبتمبر/أيلول الماضي رئيسة الحكومة الحالية "بودن"، الأستاذة الجامعية المتخصصة في الجيولوجيا، وغير المعروفة في الأوساط السياسية، بتشكيل الحكومة الجديدة لتكون أول تونسية تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ البلاد.
وأعلنت بودن تشكيل حكومتها، منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من 24 وزيراً وكاتبة دولة وحيدة هي "حمدي" التي استقالت مؤخراً.
أزمات حادة
تعاني تونس منذ شهور من أزمة سياسية متواصلة، حينما أعلن الرئيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، قرارات شملت تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، كما أصدر تشريعات شتى بمراسيم رئاسية. ومن جانب آخر أقال رئيس الحكومة وترأس النيابة العامة، على أن يتولى هو السلطة التنفيذية بمعاونة الحكومة.
ورداً على تلك الإجراءات أعلنت العديد من الأحزاب والقوى السياسية رفضها وإدانتها قرارات سعيد، بينما وصفت حركة "النهضة" التونسية ذلك بأنه "انقلاب"، مقابل تأييد قوى سياسية أخرى للقرارات ذاتها، معتبرة أنها "تصحيح لمسار ثورة 2011".
تتزامن وطأة الأزمة السياسية مع ارتفاع حدة أزمات أخرى اقتصادية وصحية في ظل كورونا، بعد أكثر من عقد على الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي حكم البلاد بشكل منفرد بين 1987 و2011.