باشر علي القطراني، النائب الأول لرئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، فتحي باشاغا، الأربعاء 16 مارس/آذار 2022، العمل من مبني ديوان حكومة الوحدة بمدينة بنغازي (شرق)، دون أن تُجرى عملية تسليم وتسلُّم للمهام، فيما حذَّرت الأمم المتحدة من احتمالية تفاقم مخاطر الأزمة الليبية خلال الفترة المقبلة.
حيث قال مصدر مقرب من القطراني، لمراسل وكالة الأناضول، إن "القطراني باشر مهامه رسمياً، الأربعاء، من مقر ديوان رئاسة الوزراء في بنغازي"، لافتاً إلى أنه "لم تجرِ عملية تسليم وتسلُّم للمهام بين القطراني و(خاله) نائب رئيس حكومة الوحدة، حسين القطراني، لوجود الأخير خارج البلاد".
المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، أوضح أن "حسين القطراني لا يريد أن يضع نفسه في موقف محرج بإجراء تسليم وتسلُّم رسمي أمام الإعلام، لكنه غير رافض لتسليم المبنى لابن شقيقته علي القطراني".
فيما قال شهود عيان إن "علي القطراني تسلَّم بالقوة مبنى ديوان حكومة الوحدة في بنغازي"، مؤكدِين أن "قوة أمنية طوَّقت الليلة الماضية مقر الحكومة بمنطقة بوعطني في بنغازي، الذي دخله علي القطراني".
بينما لم يحدد شهود العيان هوية القوات المصاحبة لعلي لقطراني وقت دخوله مبنى الحكومة، إلا أن نشطاء تداولوا مقطعاً مصوراً يُظهر أن مرافقيه حضروا إلى المكان بسيارات تابعة لقوة فرض القانون.
هذه القوة عبارة عن قوات شرطة تتبع مباشرةً فرج قعيم، وكيل وزارة داخلية بحكومة الوحدة الوطنية، الذي أعلن قبل أيام، استعداده لتسليم موقعه إلى حكومة باشاغا.
في حين تابع الشهود أن علي القطراني أمر بإزالة شعار حكومة الوحدة من على جدار المبني فور دخوله.
هل سيسلم نائب الدبيبة مهامه؟
كان نشطاء على موقع "فيسبوك" قد تداولوا قبل أيام، قراراً منسوباً إلى حسين القطراني، نائب الدبيبة، يعلن فيه استعداده لتسليم ديوان الحكومة في بنغازي إلى ابن شقيقته، علي القطراني، نائب حكومة باشاغا.
لكن حسين القطراني قال إن الورقة المتداولة المنسوبة إليه "مزورة"، وإنه "يوجد في تونس للعلاج حالياً".
كما أردف: "لا صحة لتعرُّضي لأي ضغوط من البرلمان أو رئيسه عقيلة صالح أو القيادة العامة للجيش (يقصد قوات خليفة حفتر) أو حتى قبيلتي لتسليم مهامي"، مضيفاً: "ما زلت أعمل باسم حكومة الوحدة، ومبنى الديوان في بنغازي لا يزال تحت إدارتي".
لكن لم تصدر إفادة عن حكومة الوحدة الوطنية بشأن مصير مقرها في بنغازي، وذلك حتى الساعة الـ16:00 بتوقيت غرينتش.
تحذيرات أممية
من جهتها، قالت مسؤولة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة لمجلس الأمن، الأربعاء، إن أزمة النزاع على السيطرة على السلطة التنفيذية في ليبيا قد تؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد وتشكيل حكومات موازية.
إذ ذكرت روزماري ديكارلو: "تواجه ليبيا الآن مرحلة جديدة من الاستقطاب السياسي، مما يهدد بتقسيم مؤسساتها مرة أخرى وتبديد المكاسب التي تحققت خلال العامين الماضيين".
واستطردت ديكارلو قائلة: "لقد لاحظنا تزايد لغة التهديد وتصاعد التوتر السياسي وانقسام الولاءات بين الجماعات المسلحة في غرب ليبيا"، منوهة إلى أن "هناك أيضاً تطورات مثيرة للقلق، من بينها تعليق الرحلات الداخلية في ليبيا وتحرُّك قوى داعمة لكل جانب، الأسبوع الماضي، باتجاه العاصمة".
خلافات متصاعدة
يُذكر أن حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، جددت، الثلاثاء 1 مارس/آذار 2022، تمسُّكها باستمرار عملها، متهمةً مجلس النواب في طبرق بـ"التزوير" خلال منح الثقة لحكومة جديدة برئاسة باشاغا، الذي قال إن حكومته ستتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها.
كان مجلس نواب طبرق قد كلف، في 10 فبراير/شباط الماضي، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة، رغم أن الدبيبة يتمسك باستمرار حكومته، استناداً إلى مخرجات ملتقى الحوار السياسي، الذي حدد مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية بـ18 شهراً تمتد حتى 24 يونيو/حزيران 2022.
جاءت خطوة مجلس النواب بعد أن تعذَّر إجراء انتخابات رئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية حول قانوني الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية.
كان الدبيبة قد أعلن، في 21 فبراير/شباط الماضي، خطة لإجراء انتخابات برلمانية والاستفتاء على مسودة مشروع الدستور بالتزامن، قبل 24 يونيو/حزيران المقبل.
بينما لم يتم الاتفاق، حتى الآن، على تاريخ جديد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يأمل الليبيون أن تساهم في إنهاء نزاع مستمر منذ سنوات في بلدهم الغني بالنفط.
يشار إلى أن ليبيا عانت لسنوات صراعاً مسلحاً وانقساماً في المؤسسة العسكرية، جرّاء منازعة ميليشيا حفتر للحكومات المعترف بها دولياً على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
ورغم نجاح الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في توحيد العديد من المؤسسات الليبية مؤخراً، فإن الانقسام ما زال يسود المؤسسة العسكرية.