قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء 16 مارس/آذار 2022، إن محادثات السلام تبدو أكثر واقعية، لكن ثمة حاجة إلى مزيد من الوقت، فيما قتلت ضربات جوية روسية خمسة أشخاص في العاصمة كييف، ووصل عدد اللاجئين جراء غزو موسكو إلى ثلاثة ملايين.
فيما أبدى مسؤولون أوكرانيون آمالاً في انتهاء الحرب في وقت أقرب من المتوقع، ربما بحلول مايو/أيار المقبل، قائلين إن موسكو ربما تدرك فشلها في فرض حكومة جديدة بالقوة وأنها لم تعد لديها قوات جديدة.
زيلينسكي يلمح لـ"تسوية محتملة"
قال زيلينسكي، في خطاب مصور قبل الجولة المقبلة من المحادثات: "الاجتماعات تتواصل، وتم إبلاغي بأن المواقف خلال المفاوضات تبدو بالفعل أكثر واقعية. لكن لا تزال هناك حاجة إلى وقت لكي تكون القرارات في صالح أوكرانيا".
في تلميح إلى تسوية محتملة، قال زيلينسكي في وقت سابق إن أوكرانيا مستعدة لقبول ضمانات أمنية من الغرب لا تصل إلى حد تحقيق هدفها طويل الأمد بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
بينما ترى موسكو أن عضوية أوكرانيا في التحالف الغربي تمثل تهديداً، وطالبت بضمانات بعدم انضمامها أبداً. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن من السابق لأوانه التنبؤ بإحراز تقدم في المحادثات. وأضاف: "العمل صعب، وفي الوضع الحالي فإن مجرد استمرار (المحادثات) ربما يكون نقطة إيجابية".
فيما تصف روسيا أفعالها بأنها "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا و"تخليصها من النازية". وتصف أوكرانيا والحلفاء الغربيون ذلك بأنه ذريعة لا أساس لها لشن حرب عن عمد أثارت مخاوف من صراع أوسع نطاقاً في أوروبا.
بايدن في أوروبا للقاء الحلفاء
من جهة أخرى، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيقوم بأول زيارة له إلى أوروبا منذ غزو روسيا لأوكرانيا لمناقشة الأزمة مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي الأسبوع المقبل.
سيحضر بايدن اجتماع قادة الحلف في مقر التحالف العسكري ببروكسل في 24 مارس/آذار. كما من المقرر أن يحضر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن من المتوقع أن يعلن بايدن عن مساعدات أمنية إضافية لحكومة زيلينسكي بقيمة 800 مليون دولار.
كما قال مسؤولون ودبلوماسيون إن حلف شمال الأطلسي سيطلب من قادته العسكريين اليوم وضع خطط لتبني طرق جديدة لردع روسيا عن أي عمل عسكري في المستقبل، بما يشمل زيادة القوات والدفاعات الصاروخية في شرق أوروبا.
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ قال للصحفيين الثلاثاء 15 مارس/آذار: "نحن بحاجة لإعادة ضبط وضعنا العسكري من أجل هذا الواقع الجديد… سيبدأ الوزراء مناقشة هامة تتناول إجراءات ملموسة لتعزيز أمننا على المدى الطويل في جميع المجالات".
بينما أرسل ما لا يقل عن عشرة من أكبر الحلفاء في حلف شمال الأطلسي، منهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مزيداً من القوات والسفن والطائرات الحربية إلى الجناح الشرقي للحلف، ووضعوا المزيد من الجنود في حالة تأهب.
قتلى في العاصمة الأوكرانية
تشير الأمم المتحدة إلى أن ما يزيد قليلاً عن ثلاثة ملايين شخص فروا من أوكرانيا، ووصل أكثر من 1.8 مليون منهم إلى بولندا المجاورة. وزار رؤساء الوزراء في كل من بولندا وسلوفينيا والتشيك كييف الثلاثاء لإبداء التضامن.
كما قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن تسعة من كل عشرة أوكرانيين قد يواجهون الفقر والتضرر الاقتصادي الشديد إذا استمرت الحرب لعام مقبل، إذ سيقضي على المكاسب الاقتصادية التي شهدها العقدان الأخيران.
في كييف، فر حوالي نصف السكان البالغ عددهم 3.4 مليون، وأمضى البعض ليالي في محطات المترو. وقالت السلطات المحلية إن قصف كييف الثلاثاء أسفر عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، حيث اندلعت نيران في المباني ودفن أناس تحت الأنقاض. وتنفي روسيا استهداف المدنيين.
كما قال المجلس المحلي إن نحو ألفي سيارة غادرت مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية المحاصرة، وهي موقع أسوأ أزمة إنسانية.
غير أن نائبة رئيس الوزراء إرينا فيريشوك قالت إن قافلة محملة بإمدادات إلى ماريوبول، التي يحتمي سكانها من قصف روسي متكرر ويحتاجون بشدة للطعام والماء، علقت في برديانسك المجاورة.
عزلة اقتصادية لروسيا
يتسبب الصراع في عزلة اقتصادية لروسيا، وتجلت الكلفة الاقتصادية بالكامل اليوم، إذ صارت حكومتها التي تئن تستهدفها العقوبات على شفا أول تخلف عن سداد الديون الدولية منذ الثورة البلشفية.
فقد كان من المقرر أن تدفع موسكو 117 مليون دولار فوائد على سندات سيادية مقومة بالدولار كانت قد باعتهما في 2013، لكنها تواجه قيوداً على سداد المدفوعات وأشارت لإمكانية الدفع بالروبل، وهو ما قد يؤدي إلى تعثر في السداد.
كما يتمثل الشعور بالأزمة في ارتفاع تكاليف الطاقة في العديد من الدول الغربية مع اعتماد بعضها بشكل كبير على الصادرات من روسيا وبعد حظر الولايات المتحدة واردات النفط من البلاد.
فقد أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا مزيداً من العقوبات أمس، بينما ردت موسكو بوضع بايدن ومسؤولين أمريكيين آخرين على قائمة لمنعهم من دخول روسيا.
تشمل أحدث عقوبات الاتحاد الأوروبي حظراً على استثمارات قطاع الطاقة، وتصدير السلع الفاخرة إلى موسكو، وحظر واردات منتجات الصلب من روسيا.
كما شملت تجميد أصول المزيد من قادة الأعمال الذين يُعتقد أنهم يدعمون الحكومة الروسية، منهم مالك نادي تشيلسي لكرة القدم رومان أبراموفيتش.