أعلنت منظمات حقوقية مصرية (غير حكومية)، الخميس 10 مارس/آذار 2022، عن تنفيذ السلطات المصرية حكم الإعدام بحق 4 متهمين في القضية رقم 513 لسنة 2016، والمعروفة إعلامياً بخلية "ميكروباص حلوان"، و3 متهمين آخرين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"أجناد مصر"، فيما وصفت منظمات حقوقية تلك الإعدامات الجديدة بأنها ذات "طابع سياسي".
إذ أكدت منصتا "نحن نسجل" و"مركز الشهاب لحقوق الإنسان" الحقوقيتان (غير حكوميتين) أن مصلحة السجون المصرية قامت، الثلاثاء 8 مارس/آذار 2022، بإعدام عبد الله محمد شكري (35 عاماً)، ومحمود محمد عبد التواب (36 عاماً)، ومحمود عبد الحميد أحمد الجنيدي، وأحمد سلامة علي (30 عاماً).
فيما وصفت منظمة "نحن نسجل" تلك الإعدامات الجديدة بأنها "أولى وقائع تنفيذ إعدامات في قضايا ذات طابع سياسي لعام 2022".
بحسب ما وثقته المنظمة الحقوقية، فقد سُلمت ودُفنت 3 جثامين وهم (أحمد سلامة، ومحمود الجنيدي، ومحمود عبد التواب)، ويتبقى جثمان عبد الله شكري.
وقائع إعدام سابقة
في حين قالت "نحن نسجل": "يأتي هذا الحكم متسقاً مع وقائع إعدام سابقة مشابهة اتسمت جميعها بأنها ذات طابع سياسي وتفتقر إلى معايير العدالة".
من جهته، أكد مركز الشهاب أنه "يرفض أحكام الإعدام ضد المعارضين السياسيين، وخاصة في ظل غياب نظام العدالة والتحقيق الشفاف".
قضية "أجناد مصر"
كذلك، نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام بحق 3 متهمين، على ذمة القضية المعروفة إعلامياً بـ"أجناد مصر"، وهم: بلال إبراهيم صبحي، ومحمد حسن عز الدين، وتاج الدين حواش حميدة، بحسب مركز الشهاب لحقوق الإنسان.
كان حكم الإعدام قد صدر في قضية "أجناد مصر" بحق 13 مواطناً على ذمة القضية 3455 لسنة 2014 كلي جنوب الجيزة، وقد نُفذ حكم الإعدام في 10 منهم سابقاً، وقُضي بالسجن المؤبد على 17 مواطناً، والمشدد خمسة عشر عاماً لاثنين، وخمس سنوات لـ7 مواطنين، وبراءة خمسة، ومواطن توفي وانقضت الدعوى الجنائية له، وفق المصدر ذاته.
"استهداف أرواح المصريين"
بدورها، استنكرت جماعة الإخوان المسلمين ما وصفته بـ"الفعل الإجرامي الذي أقدم عليه النظام، بإعدامه مواطنين لمعارضتهم سياساته القمعية، في نهج متكرر للعدوان على حق الإنسان في الحياة".
وقالت، في بيان لها وصلت إلى "عربي بوست" نسخة منه: "إن استهداف أرواح المصريين -كل المصريين- وقتلهم بمحاكمات هزلية لم تتوفر لها أدنى معايير النزاهة والعدالة يؤذن بخراب البلاد".
في حين أردفت الإخوان: "ما استمرار الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعاني ويلاته الشعب، إلا نذير لكل ظالم لا يقيم العدل أو ساكت لا يرفض الظلم".
بينما لم تعلق السلطات المصرية حتى الآن على تلك الاتهامات الحقوقية، ولم تكشف عن تفاصيل تنفيذ الإعدامات.
لائحة الاتهامات
كانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت يوم الإثنين، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بإعدام 7 مواطنين منهم 4 حضورياً، والسجن المشدد 15 عاماً لثلاثة مواطنين، والمشدد 10 أعوام لخمسة عشر مواطناً، وبراءة 7 آخرين في قضية "ميكروباص حلوان"، وقد أيدت محكمة النقض الأحكام، الثلاثاء 13 أبريل/نيسان 2021.
جدير بالذكر أن أحد المواطنين المحكوم عليهم بالإعدام في هذه القضية قد توفي في محبسه في وقت سابق، وبعض المحكومين غيابياً قد قبض عليهم وتعاد محاكمتهم.
يذكر أن النيابة العامة المصرية كانت قد وجهت للمتهمين تهماً عدة، منها "الانضمام لجماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون والدستور، وحيازة أسلحة ومفرقعات، وتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية، والقتل العمد لرجال الشرطة، واغتيال ضابط و7 أمناء شرطة من قسم شرطة حلوان، وارتكاب عمليات إرهابية بمنطقة المنيب بمحافظة الجيزة".
كما وجهت لهم النيابة تهم السطو المسلح على مكتب بريد حلوان، وسرقة مبلغ 82 ألف جنيه مصري، يوم 6 أبريل/نيسان 2016، بحسب تلك الاتهامات التي نفاها المتهمون ومحاموهم.
اتهامات للنظام المصري
كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد اتهمت النظام المصري، في بيانات سابقة، باستخدام السلطة القضائية لملاحقة المعارضين السياسيين وسجنهم وإعدامهم، مشدّدة على ضرورة وقف الإعدامات في مصر.
يشار إلى أن محكمة النقض، أعلى محكمة طعون في مصر، كانت قد أيّدت، يوم الإثنين 14 يونيو/حزيران 2021، حكماً نهائياً بإعدام 12 شخصاً، بينهم قيادات في جماعة الإخوان، عقب إدانتهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ"اعتصام رابعة" شرقي القاهرة.
هذا الحكم الباتّ شمل لأول مرة بعض قيادات الجماعة، منهم عبد الرحمن البر (مفتي الجماعة)، ومحمد البلتاجي، وأسامة ياسين (وزير سابق)، وصفوت حجازي (داعية)، وأحمد عارف (المتحدث باسم الجماعة).
وفق القانون، لا يُنفذ حكم الإعدام إلا بعد تصديق رئيس البلاد عليه، ويحق له أيضاً إصدار عفو أو تخفيف العقوبة خلال 14 يوماً، وهو ما لم يحدث رغم انقضاء هذه الفترة.
"أسوأ أزمة حقوقية"
بحسب منظمات حقوقية دولية، تشهد مصر في ظل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، أسوأ أزمة حقوقية منذ عقود؛ فلا يزال عشرات الآلاف من منتقدي الحكومة، ومن بينهم صحفيون ومدافعون حقوقيون، مسجونين بتهم ذات دوافع سياسية، والعديد منهم في الحجز المطول قبل المحاكمة.
كما تستخدم السلطات غالباً تهم الإرهاب ونشر أخبار كاذبة ضد النشطاء السلميين، وضايقت واعتقلت أقارب معارضين في الخارج.
في حين أدى تفشي فيروس كورونا المستجد إلى تفاقم الأوضاع المزرية بالسجون المكتظة.
غير أن القاهرة عادةً ما تنفي صحة الانتقادات الموجهة إلى سجلها الحقوقي، وتؤكد احترامها الكامل للحريات والحقوق باستمرار، معتبرةً أن بعض المنظمات الحقوقية الدولية تروِّجها في إطار "حملة أكاذيب" ضدها.
كان السيسي قد أعلن، الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول، إلغاء تمديد حالة الطوارئ التي كانت سارية في البلاد منذ سنوات، مؤكداً أن بلاده أصبحت "بفضل شعبها ورجالها المخلصين، واحةً للأمن والاستقرار في المنطقة".
تجدر الإشارة إلى أنه في 14 أغسطس/آب 2013، فضَّت قوات من الجيش والشرطة اعتصامين لأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، وفق تقارير محلية.
فيما أسفرت عملية الفض عن سقوط 632 قتيلاً، منهم 8 من رجال الشرطة، حسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر (حكومي)، فيما قالت منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) إن أعداد الضحايا تجاوزت هذا العدد.