تتنامى المخاوف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بعد تضرر إمدادات القمح، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأجيج الاضطرابات، خاصة أن روسيا وأوكرانيا توردان ربع صادرات القمح العالمية، فيما تعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 7 مارس/آذار 2022.
كما يأتي ما يقرب من نصف واردات القمح في تونس من أوكرانيا، وقد أدى الهجوم الروسي إلى ارتفاع الأسعار إلى أعلى مستوى لها خلال 14 عاماً، وبالرغم من أن الدولة التونسية تضبط سعر الخبز، فإن الناس يخشون تأثرهم بهذه الأزمة.
في هذا الإطار، يقول خميس عمّاني، وهو عامل باليومية في مدينة تونس: "إذا ارتفع سعر الخبز، فسيعني ذلك تقليل إمداداته في أماكن أخرى. ونحن نحتاج الخبز".
فيما يستورد اليمن، الذي دمرته الحرب التي بدأت عام 2014، كل استهلاكه من القمح تقريباً، ويأتي أكثر من ثلثه من روسيا وأوكرانيا. وهو يعتمد اعتماداً كبيراً على الخبز، الذي يُعتقد أنه يشكل أكثر من نصف السعرات الحرارية التي تتناولها الأسرة العادية.
"تأثير مضاعف"
من جهتها، حذرت راما حنسراج، مديرة منظمة أنقذوا الأطفال في اليمن، من "تأثير مضاعف" عالمي يمكن أن يطلق العنان لما وصفه بـ"أهوال إضافية" في البلدان الضعيفة الأخرى.
أما في لبنان، الذي يعاني أزمة اقتصادية وارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، فعادة ما يستورد نصف احتياجاته من القمح من أوكرانيا. ونُقل يوم الجمعة الماضي 4 مارس/آذار عن وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام قوله إن البلاد لديها ما يكفي من القمح "لشهر أو شهر ونصف".
في حين أضاف سلام أن الحكومة اللبنانية تتفاوض مع موردين آخرين، مثل الولايات المتحدة، "أعربوا عن استعدادهم للمساعدة إذا احتجنا إلى استيراد كميات كبيرة من القمح".
يُشار إلى أن أسعار القمح تشهد زيادات متسارعة، بفعل الأزمة الأوكرانية، إذ تعد روسيا أكبر مصدّر للقمح حول العالم بمتوسط سنوي 44 مليون طن، بينما أوكرانيا خامس أكبر مصدّر بـ 17 مليون طن.
مصر في الواجهة
كانت التصريحات الرسمية المصرية بدأت تخرج بشكل تدريجي حول تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على اقتصاد البلاد، وإمدادات البلاد من القمح، وبعض المواد الرئيسية الأخرى كالحديد، خاصة أن معظم القمح المستورد من الخارج مصدره طرفا الصراع الحالي (روسيا وأوكرانيا).
من جانبه، قال وزير المالية المصري محمد معيط، في تصريحات صحفية، الأحد، إن ارتفاع أسعار القمح حول العالم سيزيد من كلفة الواردات بمقدار 12 – 15 مليار جنيه (770 – 960 مليون دولار)، في ميزانية العام الجاري.
اشتعال الأسعار
في غضون ذلك، قفزت أسعار الخبز السياحي غير المدعم في مصر بنسبة 50% خلال الأيام الماضية، بعد أن قفز سعر طن الدقيق لأعلى مستوى له.
كذلك ارتفع بيع رغيف الخبز الصغير من 50 قرشاً إلى 75 قرشاً، بينما ارتفع سعر رغيف الخبز الكبير من 1 جنيه إلى 1.5 جنيه.
وحتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعد ارتفاع الأسعار بنسبة 80% بين أبريل/نيسان عام 2020 وديسمبر/كانون الأول عام 2021، قالت الحكومة المصرية إنها تخطط لرفع تكلفة الخبز المدعوم لأول مرة منذ عقود.
كان آخر تحريك لسعر الرغيف عام 1988، وتم رفعه إلى 5 قروش، وكانت تكلفة رغيف الخبز حينها 17 قرشاً، بينما اليوم تكلفة الرغيف على الدولة 65 قرشاً، بحسب رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي.
تأتي هذه الارتباكات في إمدادات القمح العالمية لمصر، مع قرب حلول شهر رمضان، والذي يشهد بعض العادات التي قد تؤثر بالزيادة على طلب القمح والدقيق.
بدورها، أشارت عبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي في القاهرة، إن التوقعات العالمية مقلقة، مضيفة: "الحرب تؤدي إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي، وانعدام الأمن الغذائي يزيد من فرص الاضطرابات والعنف. ولذلك فالحرب في أوكرانيا تؤدي إلى الجوع وتدفع الناس إلى انعدام الأمن الغذائي يمكن أن تثير اضطرابات وعنفاً في مناطق أخرى. وفي الحقيقة، العالم لا يمكنه تحمُّل حرب أخرى".