قفزت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا 25% في جميع تعاملات الإثنين 7 مارس/آذار 2022 لتصل إلى مستويات قياسية جديدة، وذلك بعد الحديث عن فرض عقوبات أشد على صادرات الطاقة الروسية، مما سيترك انعكاساً كبيراً على أسعار مختلف البضائع والحاجات الأساسية في القارة والعالم.
وارتفعت عقود الغاز الآجلة لشهر أبريل/نيسان 2022 وفقاً لمؤشر تي تي إف الهولندي إلى 242 يورو (263 دولاراً) للميغاواط/ساعة، بعد أن كان سعر الإغلاق الجمعة 4 أبريل/نيسان 192.55 يورو. ويعد ذلك أكبر بـ14 ضعفاً من أعلى الأسعار خلال عام، بحسب ما قال موقع Investing العالمي للشؤون الاقتصادية، الإثنين.
كما كشفت تغيرات أسعار الطاقة درجة اعتماد أوروبا اقتصادياً، أكثر من أي منطقة أخرى، على مصادر الطاقة الروسية، حيث وصل سعر اليورو إلى أقل مستوياته خلال عامين، منذ بداية الهجوم الروسي، في خضم توقعات بأن البنك المركزي الأوروبي سوف يعلق أو يبطئ تحركاته لسحب الحوافز النقدية الكبيرة التي قدمها في بداية الجائحة.
إيجاد بديل يحتاج وقتاً أطول
تعد روسيا مسؤولة عن حوالي نصف واردات الغاز في أوروبا وأكثر من ربع إجمالي مستلزمات الطاقة في القارة العجوز، مما يعني أن فرض أي حظر فعلي على شراء النفط الروسي يمكن أن يثير معه تدافعاً هائلاً على بدائل أخرى.
واستمر تدفق الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب الحالية التي تمد أوروبا حتى خلال الهجوم الروسي في أوكرانيا، الذي وصل إلى يومه الثاني عشر.
إلا أن المشترين الأوروبيين قلصوا بالفعل مشترياتهم من النفط الروسي خلال الأيام الأخيرة، برغم الثغرة التي تسمح لهم بتنفيذ عمليات الشراء، ويُعزى هذا التقليص بنسبة كبيرة إلى المخاوف الأخلاقية ومخاطر الإضرار بسمعة المشترين.
تشير بيانات إلى أن عطاءات التصدير الشهرية من كبار منتجي النفط الروسي، مثل شركة Surgutneftegas وشركة Lukoil الروسيتين، لم تجذب أي مزايدين في الأسبوع الماضي.
الجمعة، واجهت شركة شل الأمريكية موجة غاضبة من الانتقادات بعد تأكيدها أنها اشترت النفط الروسي في أحد عطاءات التصدير بتخفيض عن السعر الحالي للبرميل بلغ 28 دولاراً. ونشرت الشركة بياناً في بداية الأسبوع الحالي قالت فيه إنها سوف تحوِّل الأرباح التي تحققها من التداول إلى المنظمات الخيرية التي تساعد ضحايا الحرب.
لكن قدرة أوروبا على الحصول على بدائل للغاز الطبيعي الروسي في المدى القصير تعد محدودة للغاية.
ارتفاع الأسعار
ويهدد الارتفاع الأخير في أسعار النفط بمزيد من تفاقم التضخم، وسيزيد ارتفاع النفط بمقدار 100 دولار أو أكثر في الصراع بين روسيا وأوكرانيا الأمر أكثر سوءاً.
وسيدفع الأوروبيون الثمن الأكبر في الصراع، ذلك لأن أوروبا تعتمد على روسيا بشكل أساسي في إمدادات الغاز الطبيعي. وارتفعت تكاليف التدفئة في أوروبا في الخريف الماضي مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي الآجلة.
وحذرت ألمانيا من أنها ستدرس وقف خط أنابيب "نورد ستريم 2″، وهو مشروع خط أنابيب للغاز الطبيعي يمتد من موسكو إلى ألمانيا، إذا هاجمت روسيا أوكرانيا. وهذا من شأنه أن يحد من إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
في المقابل، تشحن روسيا كميات متواضعة نسبياً من النفط إلى الولايات المتحدة، بإجمالي 200 ألف برميل فقط يومياً، وهذا يمثل 3% فقط من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط البالغ 6 ملايين برميل.
مع ذلك، فإن النفط الخام هو سلعة يتم تداولها عالمياً وتستند الأسعار عند المضخات في محطات الوقود إلى أسعار النفط العالمية، وبالتالي فإن صدمة النفط في أي مكان سيتردد صداها في كل مكان.
ليس ذلك فحسب، بل إن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في الخارج ستكون له آثار مضاعفة كبيرة. ذلك لأن أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة للغاية ستجبر بعض محطات الطاقة والمصانع في أوروبا وآسيا على التحول من الغاز إلى النفط. بعبارة أخرى، سيرتفع الطلب على النفط.