قرَّرَ عددٌ متزايد من الروس مغادرة بلادهم بعد قرار الرئيس فلاديمير بوتين الهجوم على أوكرانيا؛ خوفاً من تضررهم جراء العواقب الاقتصادية والسياسية لهذه الخطوة، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 3 مارس/آذار 2022.
في هذا الإطار، يقول المواطن أليكسي تروبيتسكوي إنه كان عليه الفرار فور استيقاظه، حين ألقى نظرة على هاتفه صباح الهجوم الروسي على أوكرانيا، مضيفاً: "نهضت وراجعت الأخبار غير مصدِّقٍ ما يجري، وأدركت أنني يجب أن أغادر في أسرع وقت ممكن".
عقب ذلك، اشترى تروبيتسكوي، الذي يدير مدرسة للغة الإنجليزية في العاصمة موسكو، تذكرة سفر إلى سريلانكا في اليوم نفسه الذي بدأ فيه الهجوم، وقال: "كان من الواضح لي أن الهجوم الرهيب سيغيّر روسيا إلى الأبد".
بينما استطرد تروبيتسكوي قائلاً: "آمل أن أعود إلى البلد الذي أحبه، لكن ليس من الواضح تماماً ما الذي سيحدث بعد ذلك (..)، مستقبلي سُلِبَ مني. لن يكون البلد هو نفسه أبداً".

كانت روسيا قد شهدت مؤخراً حملة قمع كبيرة ضد المعارضين للهجوم، إذ اعتُقِلَ أكثر من 7.500 شخص حتى الآن في احتجاجات مناهضة للحرب بجميع أنحاء البلاد، وفقاً لموقع المراقبة المستقل OVD-Info، وأُجبِرَت العديد من المنافذ الإعلامية المستقلة في البلاد على الإغلاق.
لكن أولئك الذين يغادرون يخشون أيضاً من الشكوك الاقتصادية التي تواجهها البلاد الآن، فقد انهارت الأسواق المالية والروبل الروسي هذا الأسبوع بعد أن فَرَضَ الغرب عقوباتٍ قاسية، وشهدت موسكو أيضاً نزوحاً جماعياً للشركات الغربية، وضمن ذلك شركات إيكيا وأبل ونايك.
هجرة جماعية
تعقيباً على ذلك، أكد أندريه كوليسنيكوف، كبير الزملاء في مؤسسة كارنيغي، أنه كان من المتوقع أن تشهد روسيا هجرة جماعية لـ"القوة العاملة الجيدة" التي ستشعر بـ"غياب مستقبل" لهم في البلاد.
فيما غذت الهجرة الجماعية شائعات بأن السلطات قد تعلن الأحكام العرفية قريباً، عندما كان من المُفتَرَض أن يعقد مجلس الاتحاد ومجلس الشيوخ بالبرلمان الروسي، اجتماعاً غير مُجدوَل يوم الجمعة 3 مارس/آذار.

كانت آخر مرة دعا فيها مجلس الاتحاد إلى اجتماع غير مجدول في 22 فبراير/شباط، عندما وافق المجلس على طلب فلاديمير بوتين استخدام القوة العسكرية خارج البلاد، قبل يومين من الهجوم على أوكرانيا. وقال مجلس الاتحاد إنه سيجتمع رسمياً؛ لمناقشة حزمة إجراءات لمواجهة الأزمة رداً على العقوبات الغربية.
بدوره، نفى المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في إيجاز للصحفيين يوم الخميس 3 مارس/آذار، التكهُّنات بشأن تطبيق الأحكام العرفية. وقال مصدرٌ كبير يعمل في أحد المطارات الرئيسية الثلاثة بموسكو، إنه يعتقد أنه من "غير المُرجَّح" أن تُغلَق الحدود.
نقص حاد في الرحلات الجوية
إلا أنه مع تصاعد التكهنات، واجه أولئك الذين يسعون للمغادرة نقصاً حاداً في الرحلات الجوية بعد أن أغلقت الدول الغربية مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية الروسية. ورداً على ذلك، أغلقت موسكو مجالها الجوي في اتجاه معظم الدول الغربية.
في حين بيعَت رحلات الطيران إلى يريفان وإسطنبول وبلغراد بالكامل في الأيام المقبلة، بينما سُعِّرَت تذكرة ذهاب فقط إلى دبي بأكثر من 4 آلاف دولار، مقارنةً بـ334 دولاراً في الأوقات العادية، وفقاً لمجمع الرحلات Skyscanner. ونفدت تذاكر القطارات من سان بطرسبورغ إلى هلسنكي ليومي الخميس والجمعة 3 و4 مارس/آذار.
في غضون ذلك، قال بعض الرجال الذين غادروا روسيا قبل أيام، إنهم استُجوِبوا على نطاقٍ واسع، على الحدود الروسية من قِبل السلطات.
من جانبها، حثت رئيسة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، زملاءها الروس على التزام الهدوء، وذلك وسط تزايد حالة عدم اليقين.
بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، قام بعض كبار المسؤولين في الحكومة الروسية بإجلاء أسرهم، على الرغم من الجهود التي يبذلها المسؤولون لترويج الشعور بالاستقرار.
إذ قالت ابنة مسؤول روسي رفيع المستوى التقى بوتين في عدة مناسبات: "غادرت عائلتنا بالكامل خارج البلاد في وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع". وأضافت: "لقد نُصِحنا بالمغادرة في أسرع وقتٍ ممكن".