أمر رئيس الحكومة المكلف من البرلمان الليبي، فتحي باشاغا، مؤسسات في البلاد بعدم التعامل مع أي قرارات صادرة عن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي اعتبرها "منتهية الولاية"، فيما تم الإعلان عن إطلاق سراح اثنين من وزراء حكومة باشاغا بعد احتجاز إحدى الجماعات المسلحة لهما.
جاء ذلك في تعميم وجهه باشاغا، فجر الجمعة 4 مارس/آذار 2022، إلى كل من محافظ مصرف ليبيا المركزي والنائب العام ورؤساء ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد وجهاز المخابرات العامة ومصلحة الطيران المدني، وذلك بعد ساعات من تأديته اليمين الدستورية رئيساً للحكومة الجديدة.
حيث جاء في تعميم باشاغا الذي نُشر عبر حساب الحكومة على فيسبوك: "نُعلِمكم بانتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية وعدم الاعتداد بأي قرارات أو تعليمات صادرة عنها".
فيما وجَّه تعليماته أيضاً بـ"فتح المجال الجوي الليبي لحركة الطيران المدني اعتباراً من تاريخه".
تأمين وحماية مقار حكومة باشاغا
كان باشاغا قد وجَّه، الخميس، خطاباً إلى مؤسسات أمنية، وطلب منها "تأمين وحماية مقار الوزارات والمرافق والمنشآت الحيوية للدولة، ورفع حالة التأهب والاستعداد؛ لمنع أي خروقات أمنية تمس بأمن العاصمة وسلامة المدنيين".
في حين شمل هذا الخطاب مدير مديرية أمن طرابلس، وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والإدارة العامة للعمليات الأمنية، والإدارة العامة للدعم المركزي، والإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية، وقوة العمليات الخاصة.
وجاءت تعليمات باشاغا، بعد تعميم صدر عن الدبيبة بصفته وزيراً للدفاع، يقضي بالتعامل مع أي تشكيلات أو سيارات مسلحة تتحرك دون إذن مسبق من الوزارة، وأكدت حكومته أنها "ستعتبر أي محاولة لاقتحام مقراتها هجوماً على مقرات حكومية وادعاء صفة غير رسمية، وستتعامل مع ذلك وفق القانون".
إطلاق سراح وزيرين
في غضون ذلك، قالت حكومة باشاغا، الجمعة، إن جماعة مسلحة مرتبطة بحكومة الدبيبة أفرجت عن اثنين من وزرائها بعد احتجازهما لفترة قصيرة.
كان مكتب فتحي باشاغا قال إن الوزيرين احتُجزا، الخميس، في أثناء سفرهما براً لحضور جلسة أداء اليمين بشرق البلاد بعد تعليق الرحلات الجوية الداخلية.
بينما أعلنت المطارات استئناف الرحلات، الجمعة، وقال مكتب باشاغا إنه تم إطلاق سراح وزيري الخارجية والثقافة في حكومته.
لكن لم يتسنَّ على الفور الوصول إلى الجماعة المسلحة للتعليق على مزاعم احتجاز الوزيرين أو إطلاق سراحهما.
خلافات متصاعدة
كان مجلس نواب طبرق قد كلف، في 10 فبراير/شباط الماضي، باشاغا، بتشكيل حكومة جديدة، لكن الدبيبة يتمسك باستمرار حكومته، استناداً إلى مخرجات ملتقى الحوار الليبي (الاتفاق السياسي)، الذي حدد مدة عمل السلطة التنفيذية الانتقالية بـ18 شهراً، تمتد حتى 24 يونيو/حزيران 2022.
وفي كلمة متلفزة له الثلاثاء، قال باشاغا إن حكومته ستتسلم مهامها في العاصمة طرابلس "بشكل سلمي"، مؤكداً أهمية "المصالحة"، ومشدداً على أن حكومته "لم تأتِ للانتقام أو تصفية الحسابات".
عقب ذلك، أعلنت حكومة الدبيبة، في بيان، أنها مستمرة في مهامها، متهمةً مجلس النواب بـ"التزوير" في النصاب المحدد لمنح الثقة، مشدّدة على أنها ستعتبر أي محاولة لاقتحام مقراتها "هجوماً على مقرات حكومية، وادعاء صفة غير رسمية، وستتعامل مع مثل هذه التحركات وفق صحيح القانون".
جاءت خطوة مجلس النواب بعد أن تعذَّر إجراء انتخابات رئاسية، في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية حول قانوني الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية.
مخاطر نشوب قتال جديد
إلا أن إعلان برلمان طبرق فتحي باشاغا رئيساً للوزراء يفاقم صراعاً على السلطة مع حكومة الدبيبة، ويزيد وفق مراقبين مخاطر نشوب قتال جديد أو حدوث انقسامات.
كان الدبيبة قد أعلن، في 21 فبراير/شباط الماضي، خطة لإجراء انتخابات برلمانية والاستفتاء على مسودة مشروع الدستور بالتزامن، قبل 24 يونيو/حزيران المقبل.
بينما لم يتم الاتفاق حتى الآن، على تاريخ جديد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يأمل الليبيون أن تُسهم في إنهاء نزاع مستمر منذ سنوات في بلدهم الغني بالنفط.
يشار إلى أن ليبيا عانت لسنوات صراعاً مسلحاً وانقساماً في المؤسسة العسكرية، جرّاء منازعة ميليشيا حفتر للحكومات المعترف بها دولياً على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
ورغم نجاح الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في توحيد العديد من المؤسسات الليبية مؤخراً، فإن الانقسام ما زال يسود المؤسسة العسكرية.