بعد إحباط 3 عمليات انتحارية في أسبوع واحد.. هل يتسبب الوضع الأمني في لبنان في تأجيل الانتخابات؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/02 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/02 الساعة 14:27 بتوقيت غرينتش

أحبط وزير الداخلية اللبناني بسّام المولوي، الأسبوع الفائت، ثلاث عمليات انتحارية صرّح بأنّها منسوبة لـ"داعش" في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. يأتي هذا الحدث قبل أشهر قليلة من استحقاق الانتخابات النيابية التي من المقرّر أن تقام في مايو/أيار 2022؛ ليكون السؤال المطروح والمتداول: هل هذه العمليات والكشف عنها هدفه تأجيل أو إلغاء الانتخابات؟

الانتخابات

عادة ما تتسارع الأحداث الأمنية، قبل موعد الانتخابات النيابية على الساحة اللبنانية، وكشف الخلايا الإرهابية في هذا التوقيت تم تفسيره بطرق عدّة.

يشدّد المولوي على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وقال ذلك في مؤتمر الكشف عن هذه الخلايا. ومن وجهة نظر وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل، فأوضح لـ"عربي بوست" أن شعبة المعلومات لطالما كانت تكثّف جهودها للكشف عن هذه العمليات، وليست بجديدة.

وتابع شربل بالقول إنّ مثل هذه الأمور لا تهدّد الانتخابات؛ حيث لم يحصل أي تفجير أو اغتيال، أو حدث أمني كبير يبرّر التأجيل، مشيراً أن الحالة الوحيدة التي قدّ تؤجّل الانتخابات تتعلّق بالوضع والشأن الداخلي للبنان.

الجدير ذكره أن هذه العمليات قد تسمّم الجو السياسي والأمني، لكن لا يقتصر الحذر بتأجيل الانتخابات، إنّما الخوف من تأجيل الانتخابات الرئاسية التي ستفرض الفراغ الحكومي والرئاسي. وحينها، يكون لبنان قد دخل نفقاً مظلماً، وفقاً لمروان شربل علماً بأنه ليحصل ذلك، لا بدّ من توفّر سبب قاهر.

من جهته، أفاد المحلّل السياسي جوني منيّر لـ"عربي بوست" بأن تأجيل الانتخابات النيابية صعب جداً في هذه الفترة، فهناك ضغط خارجي لضرورة إجرائها في موعدها. واستطرد منيّر قائلاً إنّ الواقع الأمني والسياسي اليوم يختلف عن العام 2015؛ حيث كان لبنان منغمساً بالعقبات الأمنية الخطيرة في منطقة عرسال البقاعية التي تقع على الحدود السورية. أثناء هذه الفترة، كان واضحاً أن هناك تحضيراً لحدث أمني لعرقلة الحياة السياسية.

وما يحصل اليوم، عبارة عن "ذئاب منفردة" يمكن كشفها وضبطها وما زال الأمر تحت السيطرة، طالما أن شعبة المعلومات وقوى الأمن الداخلي يستطيعان لجم الأمور.

بالمقابل، يشدد مرجع دبلوماسي عربي أنه بدا خلال الساعات الماضية أنّ جهات ما قد استفادت من قيام فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بتفكيك مجموعة إرهابية، كانت تُخطّط لتنفيذ عمليات إجرامية في الضاحية الجنوبية، عبر الزعم بأنّ حادثاً من هذا القبيل لا يجدر أن يكون يتيماً، وقد وُظّف هذا الجو في إطار تنمية الشكوك حول مصير الانتخابات النيابية المُقبلة في موعدها المحدد.

ويرى المصدر أنه على مسافة زمنية قصيرة من الانتخابات، وفي خضم صراع أمني قضائي وسياسي تعيشه البلاد، يأتي الإعلان عن كشف هذه الشبكة الإرهابية. ولهذا الكشف أهداف عدة. وإذا لم تنجح هذه الأساليب الأمنية في تأجيل الانتخابات، تبرز أهداف أخرى، منها العودة إلى زمن ما قبل انتخابات العام 2018، حيث جرت معركة فجر الجرود ومواجهة داعش في جرود عرسال الحدودية الملاصقة لسوريا، وقد تحكم ذلك بمسارات سياسية عدة، أبرزها التحالفات، وعدم خوض تيار المستقبل المعركة الانتخابية بجدية في مواجهة حزب الله، وصولًا إلى إعلان سعد الحريري أنه لا يهتم بالسياسة بل بالاقتصاد.

إذا حصلت الانتخابات، تكون وظيفة الإعلان عن مثل هذه العمليات الأمنية وضع السنّة في خانة النبذ السياسي مجدداً. وعليهم أن يكونوا إما متطرفين فينفض الآخرون من حولهم، وإما أن يخافوا ويخرجوا من المعادلة، وإما أن يقدّموا فروض الطاعة، متلافين إعلان مشروع سياسي واضح وكامل. وبعبارة واحدة: إخراجهم من السياسة.

توقيف اللواء عثمان

عدم ورود تأجيل الانتخابات النيابية لا يعني أن توقيت الإعلان عن الخليّة الإرهابية ليس مختاراً ومدروساً، بعد يوم من المؤتمر الصحفي، كان لدى مدير عام شعبة المعلومات اللواء عماد عثمان جلسة عليه حضورها أمام مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، المحسوبة على فريق رئيس الجمهورية السياسي ميشال عون (التيار الوطني الحر).

سبب استدعاء عثمان للتحقيق من قبل القاضية عون يتعلّق بعرقلة تنفيذ مذكّرة التوقيف بحقّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المتّهم باختلاس ودائع الناس من المصارف اللبنانية، ليكون عمق الخلاف بين الطرفين سياسياً فهو مناكفة بين تيار المستقبل من جهة والذي يترأسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، والتيار الوطني الحرّ برئاسة النائب جبران باسيل من جهة ثانية.

لذا، يعتقد المحلل السياسي جوني منيّر أن انعقاد المؤتمر الصحفي من شأنه حماية اللواء عثمان بتوصيف المشهد البطولي، وبالتّالي تأجيل التحقيق وعدم حضوره الى الجلسة، وذلك حصل.

هدية لحزب الله؟

توالت عمليات كشف المخدّرات، وتحديداً الكبتاغون منها، التي كانت تهرّب إلى بعض الدول الخليجية والأفريقية، وكان المتّهم الأول بذلك حزب الله.

ونتيجة لذلك، يعتبر المستشار السابق لرئيس الحكومة اللبنانية الدكتور خلدون الشريف أن ما حصل نوع من التسويق الانتخابي؛ إذ إنه جزء من "البازارت الانتخابية" حسب قوله. فيكون بذلك قدّم المولوي هديّة انتخابية وتسويقية لحزب الله تمنحه "دفعة" إلى الأمام في الانتخابات المقبلة.

ويعلّل الشريف موقفه بالرجوع إلى تفاصيل المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزير المولوي حين قال إنّه تم إلقاء القبض على 4 عناصر متّهمين بهذه العملية الإرهابية، ليقول بعدها إنّ بعض التحقيقات، تبيّن أن اثنين من المقبوض عليهم براءة، والاثنين الآخرين ثبتت عليهم التهمة؛ لذا، يعتقد الشريف أنه كان يجب على المولوي الانتظار حتى الانتهاء من التحقيقات، ومن ثمّ سرد الوقائع كما هي بشفافيّة.

ومن وجهة نظر منيّر، فإن الاستعجال في عقد المؤتمر الصحفي رغم محدودية المعطيات سببه حماية اللواء عثمان فقط، ويستبعد وجود ربط بين الحادثة ودعاية حزب الله الانتخابية.

إسرائيل والحزب في الميدان الانتخابي

بالمقابل، وفي وجهة نظر مختلفة يرى المحلل السياسي إيلي القصيفي أنّ الهدف من استعراض حزب الله منذ أيام لقوته الجوية عبر المسيرات، لا يقتصر على موجبات سياسات إيران الإقليمية. فالحزب الذي يُظهر يوماً بعد يوم استشراساً سياسياً وانتخابياً قبل نحو ثلاثة أشهر على موعد الانتخابات النيابية، يوظّف كلّ طاقاته وأدواته العسكرية والأمنيّة والسياسية لتعبئة جمهوره وحلفائه بغية الفوز في هذه الانتخابات.

وبحسب القصيفي، فإن الحزب يحاول تهيئة مناخ سياسي ونفسيّ مواتٍ لحملته الانتخابية التي يهدف فيها إلى تحقيق هدفين: أوّلهما حثّ "بيئة المقاومة" على الاقتراع بكثافة للوائحه، وثانيهما توحيد حلفائه في لوائح مشتركة. وهو ما يفسّر حرص الحزب على إظهار نفسه في موقع قوّة إقليمي وداخلي، بالتوازي مع رفعه السقف السياسيّ للمعركة الانتخابية إلى أقصاه، وصولاً إلى اعتبارها بمنزلة "حرب تمّوز سياسيّة".  

في الواقع، يبالغ الحزب في تضخيم حجم المعركة الانتخابية ضدّه، في حين أنّ خصومه التقليديّين ما يزالون متفرّقين، لا بل يخوضون المعركة الانتخابية بعضهم ضدّ البعض الآخر في ظلّ القانون الانتخابي "الخبيث" والمجعول لهذه الغاية تحديداً.

تحميل المزيد