كشفت دراسات جديدة أن ثلاث جرعات من لقاحات كورونا أو حتى جرعتين، ستكون كافيةً لحماية غالبية الناس من خطر المرض الشديد والوفاة على المدى الطويل، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية الإثنين 21 فبراير/شباط 2022.
الصحيفة قالت إنه بينما يكافح الناس حول العالم من أجل إيجاد سبل للتعايش مع فيروس كورونا في المستقبل القريب؛ يظل السؤال التالي مطروحاً: متى سيحتاجون إلى جرعةٍ أخرى من اللقاح؟ والإجابة هي ليس قبل بضعة أشهر، وربما سنوات، بحسب مجموعةٍ من الدراسات الجديدة.
الجرعة الرابعة ليست ضرورية
قال جون ويري، مدير معهد علم المناعة بجامعة بنسلفانيا: "بدأنا نلحظ تراجعاً في الإقبال على الجرعات الإضافية"، ورغم أنّ الأشخاص الأكبر من 65 أو المعرضين لخطر المرض الشديد قد يستفيدون من الحصول على جرعةٍ رابعة من لقاحات كورونا، لكنها ليست ضروريةً لغالبية الناس بحسب ويري.
إذ يمكن لمتحور أوميكرون أن يتفادى الأجسام المضادة- وهي الجزيئات المناعية التي تمنع الفيروس من إصابة الخلايا- التي يتم إنتاجها بعد جرعتين من لقاح كوفيد.
لكن الجرعة الثالثة من لقاحات كورونا التي تصنعها فايزر-بايونتيك أو مودرينا تُحفّز الجسم على إنتاج مجموعةٍ أكثر تنوعاً من الأجسام المضادة؛ مما قد يصعب مهمة غزو أي متحور من الفيروس للجسم، وذلك بحسب أحدث دراسة نُشِرَت على الإنترنت في يوم الثلاثاء 15 فبراير/شباط.
فقد قالت الدكتورة جولي ماك إلراث، طبيبة الأمراض المعدية وأخصائية المناعة في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان بسياتل: "أصبح الناس يتمتعون الآن بمناعةٍ إضافية لحمايتهم في حال تعرضوا لمتحورٍ آخر مثل أوميكرون".
الأهم من ذلك هو أن بقية أجزاء جهاز المناعة يمكنها تذكر وتدمير الفيروس على مدار عدة أشهر، إن لم يكن سنوات، وفقاً لأربع دراسات على الأقل نُشِرَت في أكبر الدوريات العلمية على مدار الشهر الماضي.
هذا ما اكتشفه الباحثون
إذ وجدت الأبحاث أن الخلايا التائية فعالةٌ ضد أوميكرون وغيره من المتحورات بنسبة 80%، ويجري إفراز هذه الخلايا المناعية المتخصصة بعد التمنيع بأربعة أنواع من لقاحات كورونا، خاصة فايزر ومودرينا وجونسون ونوفافاكس.
كما أردف الباحثون أنه من المرجح أن تتمكن الخلايا التائية من الهجوم بنفس القوة على أي متحور جديد؛ نظراً لمدى اختلاف طفرات متحور أوميكرون عن المتحورات السابقة.
إذ قالت ويندي بيرغرز، عالمة المناعة بجامعة كيب تاون التي قادت إحدى الدراسات المنشورة في دورية Nature العلمية: "قد تدوم استجابات الذاكرة المناعية لسنين. ومن المحتمل أن تكون استجابة الخلايا التائية طويلة الأمد للغاية".
يُذكر أن الأجسام المضادة ترتفع بعد كل جرعة من لقاحات كورونا- أو بعد كل إصابة بالفيروس-، قبل أن تتراجع بنهاية المطاف في غضون أسابيع أو شهور.
تخزين لقاحات كورونا ذكرى عن الفيروس
تستطيع الأجسام المضادة التعرف على جزءين أو ثلاثة من الأجزاء الأساسية للبروتين الشوكي، وهو النتوء الموجود على الجزء الخارجي من فيروس كورونا حتى يمكنها من الالتصاق بالخلايا البشرية.
لكن الخلايا التائية ترصد أجزاءً أكثر بكثير على هذا البروتين؛ ولهذا من المستبعد أن تفشل هذه الخلايا في حال ظهور طفرات أخرى على الفيروس.
كما تخزن لقاحات كورونا ذكرى عن الفيروس داخل الخلايا البائية، التي يمكنها إنتاج دفعات جديد من الأجسام المضادة في غضون أربعة أو خمسة أشهر بعد الإصابة الجديدة بالفيروس.
فيما تساعد كماشة الخلايا التائية والبائية هذه على تفسير سبب إصابة العديدين بعدوى أوميكرون، رغم تلقيهم جرعتين أو ثلاثاً من اللقاح، لكن نسبةً قليلة للغاية منهم هي التي تمرض بشدة.
يقول أليساندرو سيتي، أخصائي المناعة في معهد لا جولا للمناعة، الذي قاد دراسة الخلايا التائية الجديدة المنشورة في دورية Cell: "ستشهد انخفاضاً في معدلات الأجسام المضادة بمرور الوقت، ولكن وجود ما يكفي من خلايا الذاكرة البائية والتائية سيساعدها على العودة إلى العمل بسرعةٍ نسبية".
عمل الأجسام المضادة لأشهر
كشف الباحثون في العام الماضي أن مدرسة النخبة التي تُدعى المركز الجرثومي والموجودة داخل العقد الليمفاوية، حيث تتدرب الخلايا البائية، تظل نشطةً لمدة 15 أسبوعاً على الأقل بعد الجرعة الثانية من لقاحات كورونا.
في دراسةٍ مُحدّثة نشرتها دورية Nature، كشف نفس الفريق أن خلايا الذاكرة البائية تستمر في النضج بعد مضي ستة أشهر على التطعيم، كما أن الأجسام المضادة التي تفرزها تستمر في التمتع بالقدرة على رصد التحورات الجديدة.
بينما وجد فريقٌ آخر في أحدث الدراسات أن الجرعة الثالثة تخلق مجموعةً أكثر ثراءً من الخلايا البائية مقارنةً بالجرعة الثانية، كما أن الأجسام المضادة التي تفرزها تتعرف على مجموعةٍ أوسع من التحورات.
إذ كشفت التجارب المعملية أن تلك الأجسام المضادة تمكنت من القضاء على متحورات بيتا، ودلتا، وأوميكرون. وفي الواقع، استطاعت أكثر من نصف الأجسام المضادة المرصودة بعد شهرٍ من الجرعة الثالثة أن تقضي على أوميكرون، رغم أن اللقاح لم يكن مصمماً من أجل هذا المتحور تحديداً.
كما قال مايك نوسنزويغ، أخصائي المناعة بجامعة روكفلر، الذي قاد الدراسة: "إذا حصلت على جرعتك الثالثة؛ فسوف تصبح لديك استجابةٌ سريعة وخاصةً حين يتعلق الأمر بأوميكرون، مما يفسر سبب تحسن صحة الحاصلين على الجرعة الثالثة بشكلٍ أفضل".