يخضعونهم لتحقيقات ويجبرونهم على تلاوة القرآن.. تقرير يفضح برنامجاً بريطانياً يستهدف الأطفال المسلمين

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/15 الساعة 20:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/15 الساعة 20:48 بتوقيت غرينتش
مسلمون في بريطانيا/ مواقع التواصل

حذر تقريرٌ جديد حول استراتيجية "بريفنت" (Prevent) المثيرة للجدل، التي تتبعها المملكة المتحدة بدعوى مكافحة الإرهاب، من أن نطاق تطبيق برنامج الاستراتيجية داخل المدارس في أعقاب خدعة "حصان طروادة برمنغهام"، قد أدى إلى استهداف الأطفال بطرقٍ ترقى إلى كونها انتهاكات حقوقية ضد هؤلاء الأطفال، وذلك حسبما نشر موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 15 فبراير/شباط 2022.

نُشر تقرير مشروع The People's Review of Prevent، وذكر أدلة جديدة تشير إلى أن وزارة الداخلية البريطانية تواصل الاعتماد على تصنيف المجتمعات المسلمة في عملية تخصيص موارد برنامج بريفنت، إذ إن حوالي ثلاثة أرباع المسلمين في إنجلترا وويلز يعيشون في مناطق مثلت "أولويةً" للبرنامج وموارده. 

تجدر الإشارة إلى أن مشروع The People's Review of Prevent تديره منظمة Prevent Watch المستقلة التي تحظى بتمويلها من المجتمعات وتدعم الأشخاص والمجموعات التي تأثرت سلباً ببرنامج بريفنت.

استهداف للأطفال المسلمين في بريطانيا

يصف التقرير استراتيجية بريفنت بأنها "غير ناجعة، وغير متكافئة، وتمييزية" ضد المسلمين.

كما يشير إلى أن الاستراتيجية التي تنتهجها المملكة المتحدة تقوض المبادئ التي تدعو إلى الترويج لها، مثل التسامح وحرية التعبير، ويقول إنها كانت "موجهة في معظمها إلى الأطفال والشباب، حيث تجسد انتهاكاً لحقوقهم".

كذلك، يذكر التقرير أمثلة تضمنت صبياً يبلغ من العمر ثمانية أعوام يقول إنه طُلب منه تلاوة القرآن أثناء مقابلة مع شرطيين من مكافحة الإرهاب، وهو اختبار خضع له بدون علم أبويه بعد إحالته إلى برنامج بريفنت من مدرسته.

إلى جانب ذلك، يورد التقرير في استنتاجه: "يجب سحب بريفنت من أجل الأطفال والشباب ومن أجل نظامنا الديمقراطي. إن هدفه (أيديولوجي) وسحبه لن يحمل أي أثر ضار على الأمن الوطني".

كراهية المسلمين

بحسب موقع Middle East Eye، أُجري تقرير People's Review of Prevent عن طريق ليلى أيت الحاج، مديرة منظمة Prevent Watch، وجون هولموود، الأستاذ الفخري في السوسيولوجيا بجامعة نوتنغهام، وتدعمه جماعات حملات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع الإسلامي.

يصف التقرير نفسه بأنه "بديل" عن مراجعة برنامج بريفنت من جانب الحكومة نفسها عن طريق وليام شوكروس، الذي تأجل كثيراً والذي يُتوقع نشره في الأسابيع القليلة القادمة.

في أعقاب تعيين شوكروس في يناير/كانون الثاني 2021، قالت منظمات بارزة تعمل في مجالات حقوق الإنسان والحريات المدنية، إنها سوف تقاطع هذه المراجعة لأن شوكروس "أعرب صراحةً عن آراء تدل على كراهية الإسلام" في الماضي عندما كان مدير مؤسسة Henry Jackson Society، إحدى المؤسسات الفكرية للمحافظين الجدد. 

انتقد التقرير أيضاً لجنة المساواة وحقوق الإنسان في المملكة المتحدة لإخفاقها في التحقيق في شكاوى الإسلاموفوبيا التي تحيط ببرنامج بريفنت، والشواغل المتعلقة بالاستراتيجية، وهي شواغل أثارها محققو الأمم المتحدة المعنيون بحقوق الإنسان.

قالت مقررة الأمم المتحدة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، فيونوالا ني أولين، إنها تمنت أن يحث نشر التقرير على فتح "نقاش أوسع وضروري بشأن عمل بريفنت في المملكة المتحدة".

وأوضحت أن التقرير "يؤكد الحاجة الماسة للتعامل مباشرة مع الشواغل العميقة من التمييز ووصمة العار وتجريم الأفراد بحكم الواقع، ولا سيما الأطفال، وانتهاكات الخصوصية، والتدخل في حرية ممارسة المرء معتقداته الدينية، والتأثير السلبي على الحق في التعليم والصحة والمشاركة في الشؤون العامة لأفراد مستهدفين، وهم المسلمون بصفة أساسية".

في حديثها خلال فعالية حول نشر التقرير، دعت ليلى الاتحادات والهيئات المهنية التي تمثل المعلمين وموظفي القطاع العام الآخرين المكلفين بإصدار إحالات إلى برنامج بريفنت، بما في ذلك العاملين في مجالات الرعاية الصحية النفسية والاجتماعية، بأن يقرّوا بالضرر الذي يسببه البرنامج.

ما كشفته فضيحة حصان طروادة برمنغهام

يشير التقرير إلى العلاقة بين خدعة حصان طروادة برمنغهام وبدء تطبيق الواجب الإلزامي Prevent Duty في 2015، وهو واجب قانوني يطلب من موظفي القطاع العام، ومن بينهم المعلمون والأطباء، أن يولوا "الاهتمام الواجب لمنع الأفراد من الانجرار نحو الإرهاب".

فقد أدى هذا الإلزام إلى توسيع نطاق تطبيق استراتيجية بريفنت، لتشمل المدارس وأماكن رعاية الأطفال، مثل الحضانات، بجانب إدخال مطلب من المدارس يدعو إلى الترويج لما تسمى "القيم البريطانية الأصيلة"، التي حُددت بأنها تشمل "الديمقراطية، وحكم القانون، وحرية الأفراد، والاحترام المشترك، والتسامح مع أصحاب الديانات والمعتقدات المختلفة".

قال التقرير إن وضع القيم في إطار يصفها بأنها "بريطانية" كان يرقى إلى كونه دعوة إلى تأسيس "منهج قومي"، وإن ذلك الأمر كان "انقسامياً بالضرورة" ومعادياً للأقليات الإثنية والدينية.

كما ذكر التقرير أمثلة لتأثير خدعة حصان طروادة برمنغهام داخل المدارس، بما في ذلك شهادة معلمة في مدرسة ابتدائية قالت إن قصص الأطفال التي تروي الحكايات الخيالية بطريقة تعكس تنوع الثقافات والديانات المختلفة أُزيلت من صفها.

عندما استفسرت من كبير المعلمين عن سبب إزالتها، أُبلغت بأن طاقم التدريس لم يعد من الممكن له استخدام كتب أو موارد تدفع بـ"رواية إسلامية". 

كذلك أُبلغ أعضاء طاقم التدريس الآسيويون بأنهم لا يجب عليهم الجلوس معاً أثناء الغداء "بسبب (برنامج) بريفنت والاندماج"، وذلك حسبما قالت المعلمة.

شبكة مراقبة

قال التقرير إن الواجب الإلزامي المفروض بموجب برنامج بريفنت قوض بصورة أساسية حقوق الأطفال من خلال إخضاعهم لـ"شبكة مراقبة استثنائية" التي جعلت الأمن الوطني أولوية تسبق رفاههم.

ذكر أمثلة لأطفال أجريت معهم مقابلات عن طريق شرطة مكافحة الإرهاب دون علم أبويهم، وبدون أي ضمانات أو حمايات قانونية كانت ستُمنح لهم في أي تحقيقات جنائية.

كشف التقرير كذلك عن أدلة جديدة حول نطاق وصول برنامج بريفنت في المجتمعات المسلمة.

فقد حصل على قائمة من وزارة الداخلية تفيد بوجود مناطق ذات أولوية لبرنامج بريفنت تصل إلى 44 منطقة، وهي مناطق تحصل على تمويلات وموارد إضافية من أجل تلبية متطلبات البرنامج، وهو ما كشف عن أن 73% من المسلمين في إنجلترا وويلز يعيشون في هذه المناطق، وفي المقابل يُخصص حوالي ثلث البرنامج إلى الأمة بأكملها.

بحسب أحدث إحصاءات وزارة الداخلية البريطانية، أُحيل 4915 شخصاً إلى برنامج بريفنت في إنجلترا وويلز خلال العام المنتهي في مارس/آذار 2021. وكان 969 شخصاً من هؤلاء تقل أعمارهم عن 15 عاماً، فيما تراوحت أعمار 1398 شخصاً منهم بين 15 عاماً و20 عاماً.

وبلغ عدد الإحالات المتعلقة بالإسلاموية 1064 إحالة، أو 22% من الإحالات، برغم أن التعداد السكاني للمسلمين في إنجلترا وويلز يبلغ حوالي 5% فقط من إجمالي تعداد السكان.

وضمت الإحالات 1229 إحالة بسبب التطرف اليميني، بينما صُنفت 2522 إحالة بأنها "مختلطة، أو متزعزعة، أو غير واضحة".

لكن التقرير قال إن أضراراً كبيرة يتسبب فيها برنامج بريفنت قبل وصول أي حالة إلى مرحلة الإحالة، وهو ما كان يرقى إلى كونه "اهتماماً مزعجاً من جانب الحكومة بالتدقيق في الحياة الخاصة".

تحميل المزيد