أعلنت الرئاسة التونسية، في ساعة متأخرة من مساء السبت 12 فبراير/شباط 2022، أن الرئيس قيس سعيد أصدر مرسوماً يقضي باستحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء، يحل محل مجلس القضاء المُنحل.
جاء ذلك خلال لقاء جمع سعيّد بليلى جفّال، وزيرة العدل، وبحضور رئيسة الحكومة نجلاء بودن، بقصر قرطاج، وفق بيان للرئاسة التونسية.
البيان نقل عن سعيد "تأكيده احترامه لاستقلالية القضاء، وأن السيادة للشعب، وأن الفصل بين الوظائف هو لتحقيق التوازن بينها".
أضاف البيان أن سعيد قال إن "من يرى الظلم سائداً ويسكت عن الحق والعدل يصير مشاركاً في هذا الظلم، لذلك تم حلّ المجلس الأعلى للقضاء واستبداله بآخر مؤقت؛ لوضع حدّ لحالات الإفلات من العقاب، فالمحاسبة العادلة أمام قضاء عادل واجب مقدّس، إلى جانب أنه أحد المطالب المشروعة للشعب التونسي".
كان الرئيس التونسي قد أعلن الخميس 10 فبراير/شباط 2022، عن نيته إصدار مرسوم رئاسي يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء وتعويضه بآخر.
من جانبه، يرفض المجلس الأعلى للقضاء حله "في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك"، وقال المجلس الخميس الماضي، إنه بتركيبته الحالية هو "المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية" في البلاد، وإن أي مجلس آخر "سيكون باطلاً ومنعدم التأثير قانوناً".
يُعد المجلس الأعلى للقضاء هيئة دستورية مستقلة، من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.
أثار قرار سعيد حل المجلس الأعلى للقضاء غضباً بالبلاد، وفي أحدث تحرّك ضد القرار، دعت جمعية القضاة التونسيين، السبت 12 فبراير/شباط 2022، عموم القضاة إلى التعبئة والانخراط في التصدي لأي "استهداف" للسلطة القضائية والنضال من أجل استقلالها و"عدم إخضاعها" للسلطة التنفيذية.
الجمعية المستقلة أعلنت في بيان، عن "تكوينها خلية أزمة؛ للتشاور حول إدارة المرحلة القادمة وتنسيق التحركات المقبلة"، وطالبت سعيّد بـ"التراجع عن قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، والإذن لوزير الداخلية برفع الحصار فوراً عن مقر المجلس".
كذلك، حمّلت الجمعية سعيّد المسؤولية الكاملة عن "حفظ الملفات الخاصة بالقضاة وكافة التسجيلات والمحامل الإلكترونية، الموجودة بالمجلس"، واعتبرت أن "إعلان حل المجلس بصفته مؤسسة دستورية مستقلة يعد تدخلاً مباشراً في السلطة القضائية وإلغاء لضمانات وآليات استقلال القضاء وفقاً للدستور والمعايير الدولية".
يأتي هذا بينما تشهد تونس أزمة سياسية حادة، منذ 25 يوليو/تموز 2021، حين بدأ الرئيس سعيّد بفرض "إجراءات استثنائية"، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
رفضت غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس هذه الإجراءات، واعتبرتها "انقلاباً على الدّستور"، بينما أيدتها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.