قال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، الأحد 13 فبراير/شباط 2022، إنه "لا حوار مع الانقلاب"، مطالباً بعزل الرئيس قيس سعيّد لأنه "أصبح غير شرعي"، داعياً المعارضة لإعداد البديل.
جاء ذلك في كلمة للمرزوقي من العاصمة الفرنسية باريس عبر الفيديو في الوقفة الاحتجاجية التي ينفذها بالعاصمة تونس، حراك "مواطنون ضد الانقلاب – المبادرة الديمقراطية" (شعبية)، لمساندة استقلال القضاء ورفض قرارات سعيد المعلن عنها منذ 25 يوليو/تموز 2021.
حيث قال المرزوقي: "ليس هناك أي حل مع الانقلاب إلا نهايته"، مضيفاً: "أنا رجل الحوار وأحب الحوار، ولكن التجربة أثبتت أنه لا حوار مع الاستعمار، ومع الصهيونية، ومع الفصل العنصري، ومع الاستبداد".
فيما شدّد المرزوقي على أنه "يجب عزل الرئيس الذي أصبح غير شرعي"، على حد قوله.
كما طالب بـ"اجتماع كل الديمقراطيين في تونس أولاً (يقصد المعارضة)، لقيادة هذه المرحلة الدقيقة والصعبة لإسقاط الانقلاب وثانياً لإعداد البديل".
لاحقاً، كتب المرزوقي عبر صفحته بموقع فيسبوك: "الرسائل التي لم أستطع إيصالها للمتظاهرين رغم كل محاولات المشرفين لتطويق التشويش المقصود، من هنا فصاعداً سيصبح كلام المستبد عن الشعب مضحكاً لأنكم أنتم الشعب وليس ما يوجد في خياله وأنتم أكبر تكذيب عندما لا يتوقف عن الحديث باسمكم"، لافتاً إلى أن "هدف شعب المواطنين واحد لا يتغير: العزل والمحاكمة".
في حين استطرد قائلاً: "يجب قيادة المعركة ضد الانقلاب إلى نهايتها، وهذا يتطلب رصّ الصفوف تحت راية الدستور"، مردفاً: "كل الذين وراء هذا الدخيل على الوطنية والثورة يعرفون أنه غير كفء وغير سوي والإعداد لاستبداله قد يكون أكثر تقدماً مما نتصور".
فيما اختتم حديثه بالقول: "لذلك على الجبهة الديمقراطية أن تتشكل بسرعة، وأن تعد البديل، إذ لا بديل إلا لدولة القانون والمؤسسات تحت راية الدستور في خدمة الحقوق والحريات لكل التونسيين والتونسيات".
احتجاجات حاشدة
في وقت سابق من يوم الأحد، شارك الآلاف في وقفة بالعاصمة تونس مساندة لاستقلال القضاء، ورافضة لقرارات قيس سعيد الأخيرة، وسط تعزيزات أمنية.
من جهتهم، رفع المحتجون في الوقفة، التي جرت بشارع محمد الخامس في العاصمة، شعارات من بينها "دستور حرية كرامة وطنية" و"يسقط يسقط الانقلاب" و"أنقذوا الديمقراطية" و"أوفياء أوفياء لدماء الشهداء" و"القضاء مستقل" و"الشعب يريد عزل الرئيس".
كانت الرئاسة التونسية قد أعلنت، السبت، أن سعيد وقع مرسوماً باستحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وذلك بعد إعلانه قبل أيام أن المجلس الحالي أصبح من الماضي.
تفاصيل هذا المرسوم الذي نشرته الجريدة الرسمية، الأحد، كشفت أنه يتضمن نصاً يحظر إضراب القضاة، وآخر يعطي الرئيس "الحق في طلب إعفاء كل قاض يخلّ بواجباته المهنية".
"إغلاق قوس الانقلاب"
بدوره، قال عضو الهيئة التنفيذية لحراك "مواطنون ضد الانقلاب" الحبيب بوعجيلة في كلمة خلال الوقفة: "نحن الآن في مرحلة المبادرة الديمقراطية التي تقدم نفسها بديلاً للحكم بعد إغلاق قوس الانقلاب".
بوعجيلة تابع: "المبادرة الديمقراطية توجه اليوم 3 رسائل، نقول لأبناء شعبنا، نحن نملك رؤية لإعادة الالتحام بين الشارع السياسي والشارع الشعبي الذي له انتظارات اجتماعية واقتصادية".
في حين أردف: "كما نوجه رسالة للرأي العام الدولي، نحن مبادرة ديمقراطية تقدم نفسها اليوم لحكم البلاد، ولها رؤية بديلة للانقلاب، عندما يسقط الانقلاب لن تسقط تونس في الفراغ" .
أما الرسالة الثالثة حسب بوعجيلة، فهي "إلى ما تبقى من عقل الدولة، بعد سبعة أشهر نعتبر أن سعيد لم يضع الدولة في مرحلة الدولة الفاشلة أو المستحيلة، إنما في وضعية الدولة المنحلة".
السيطرة على القضاء
كان الرئيس التونسي قد أعلن مساء الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، حل المجلس الأعلى للقضاء بشكل رسمي، فيما عبَّرت جهات محلية ودولية عن بالغ قلقها جرّاء تلك الخطوة التي يرى البعض أنها تؤذن ببدء صراع جديد حول سعي الرئيس للاستئثار بالسلطة منفرداً.
والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة، من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية، وهو إحدى الهيئات الحكومية القليلة المتبقية التي لا تزال تعمل باستقلالية عن الرئيس.
كان المجلس الأعلى للقضاء قد أعلن، في بيان أصدره قبل أيام، رفض حله في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك، بجانب رفض العديد من الهيئات القضائية والأحزاب السياسية، حل المجلس.
يشار إلى أن المواد بين 112 و117 من الدستور تنص على مهام المجلس وصلاحياته ومكوناته وطرق انتخاب أعضائه وتعيينهم. وأُجريت أول انتخابات للمجلس في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016.
في أكثر من مناسبة، انتقد سعيد ما قال إنه طول مدة التقاضي في بعض القضايا، واتهم المجلس بأن الترقيات فيه تتم "بناءً على الولاءات".
يأتي ذلك في الوقت الذي يتهم فيه معارضون سعيّد بمحاولة السيطرة على القضاء بعد أن جمع بقية السلطات في يده، وهو ما ينفيه.
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.
إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس أعلنت رفضها لهذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.