احتدمت حدة التوتر والخلافات بين الدول الغربية وروسيا، الجمعة 12 فبراير/شباط 2022، بشأن احتمالية قيام موسكو بشنّ غزو كبير من المرجح أن يبدأ بهجوم جوي ضد أوكرانيا، فيما اتهمت روسيا الغرب بنشر معلومات "كاذبة"، بينما ارتفعت أسعار النفط 3% لأعلى مستوى له منذ سبع سنوات.
حيث قالت الولايات المتحدة، الجمعة، إن روسيا حشدت ما يكفي من القوات بالقرب من أوكرانيا، وهو ما يعني أنها باتت الآن قادرة على بدء صراع مسلح.
فبحسب موقع "الحرة" الأمريكي، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، إن الغزو الروسي لأوكرانيا "قد يحدث في أي وقت"، ودعا مواطنيه إلى مغادرة البلد الأخير "فوراً".
سوليفان شدّد على أن بلاده ترى علامات لتصعيد روسي بما في ذلك وصول قوات جديدة إلى الحدود الأوكرانية، مضيفاً: "الغزو الروسي قد يحدث في أي لحظة حتى في ظل الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين المقرر انتهاؤها في 20 فبراير/شباط الجاري".
4 مدمرات أمريكية
من جهتها، أعلنت البحرية الأمريكية إرسال 4 سفن مدمرة إلى أسطولها السادس المسؤول عن منطقة أوروبا، لافتة إلى أن السفن انطلقت من ولايتي فيرجينيا وفلوريدا، وأن إرسالها ليس رداً على أي خطوة روسية، إنما بهدف توفير المزيد من المرونة للأسطول السادس.
فيما قالت البحرية، في بيان، إنها أرسلت كلاً من مدمراتها "سوليفانس"، و"غونزاليز"، و"دونالد كوك"، و"يو إس إس ميتشر"، إلى منطقة عمليات أوروبا، بهدف دعم أسطولها السادس، والحلفاء في الناتو.
سحب الدبلوماسيين الأوروبيين
بدوره، ذكر موقع "بوليتيكو" الإخباري أن رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى أوكرانيا السفير ماتي ماسيكاس، قال في رسالة بريد إلكتروني بعث بها إلى الموظفين الدبلوماسيين في البلاد: "أريد أن يغادر جميع الموظفين الأجانب أوكرانيا في أقرب وقت، باستثناء أولئك الذين لهم أولوية قصوى".
كانت بعض الدول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل قد طلبت، خلال الساعات القليلة الماضية، من مواطنيها مغادرة أوكرانيا "على الفور".
على صعيد آخر، ذكرت مفوضية الاتحاد الأوروبي، في بيان، أن رئيستها أورسولا فون دير لاين، شاركت في مؤتمر عبر اتصال مرئي نظمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، حول روسيا وأوكرانيا، وحضره قادة ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وكندا ورومانيا وبولندا.
البيان أشار إلى أن المؤتمر ناقش الرد على روسيا في حال وقوع هجوم على أوكرانيا، مؤكداً أن الزعماء ناقشوا سبل التعاون في العقوبات الشديدة ضد روسيا.
في حين أطلعت فون دير لاين، بايدن وبقية الزعماء على الوضع الأخير فيما يتعلق بالعقوبات القطاعية والفردية، مجددة تأكيدها أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة"، وقالت إن العقوبات ستشمل تصدير منتجات التكنولوجيا العالية بجانب قطاعي المال والطاقة.
وذكرت المفوضية أن الاتحاد الأوروبي يواصل، بالتوازي مع هذه الجهود، العمل مع شركائه لتوفير إمدادات إضافية في حالة انقطاع شحنات الطاقة من روسيا.
كما حضر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ، الاجتماع الذي نظمه بايدن.
فيما جدد الزعماء المشاركون في الاجتماع، تأكيدهم أن "العدوان" الروسي المحتمل سيكون له "ثمن باهظ"، وأنهم بجانب ذلك مستعدون للحوار مع موسكو، بحسب بيان للحلف.
"خطر حقيقي"
في السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن ستولتنبرغ قوله: "هناك خطر حقيقي ونحن مستعدون للعديد من السيناريوهات المختلفة"، وذلك فيما يتعلق بالزيادة العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا.
ستولتنبرغ استطرد قائلاً: "بينما نستعد للأسوأ، نعمل أيضاً بقوة من أجل حل سياسي وسلمي"، مؤكداً أنه "لا يزال من الممكن لروسيا أن تتراجع عن التصعيد"، ورحب بالتعزيزات الدفاعية الإضافية من قبل الحلفاء إلى شرق أوروبا.
أما عن التعزيزات الأمريكية المرسلة إلى المنطقة، فقد رحب ستولتنبرغ بالأمر، قائلاً إن ذلك "يرجع جزئياً إلى أن الولايات المتحدة هي الحليف الأكبر إلى حد بعيد، وأنها تساهم بآلاف القوات، ولأنها ترسل بالطبع رسالة قوية جداً عن التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو والأمن الأوروبي".
"الغرب ينشر أكاذيب"
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الروسية، في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، إن الدول الغربية، بمساعدة وسائل الإعلام، تنشر معلومات كاذبة بالإشارة إلى أن موسكو ربما تخطط لغزو أوكرانيا.
الوزارة الروسية أضافت، في بيان على موقعها على الإنترنت، أن الدول الغربية تحاول تشتيت الانتباه عما وصفته بـ"أعمالها العدوانية".
اتصال هاتفي بين بوتين وبايدن
بدوره، أعلن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي جو بايدن سيتحدثان هاتفياً يوم السبت 12 فبراير/شباط، مؤكداً أن الولايات المتحدة هي التي طلبت إجراء الاتصال.
جاء الإعلان عن الاتصال بين بايدن وبوتين بعد أن قالت واشنطن إن روسيا حشدت ما يكفي من القوات بالقرب من أوكرانيا للقيام بغزو واسع النطاق قد يبدأ على الأرجح بهجوم جوي.
كما أوضح بيسكوف أن بوتين سيتحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضاً في نفس اليوم.
النفط يرتفع 3% لأعلى مستوى له منذ سنوات
في غضون ذلك ارتفعت أسعار النفط 3%، الجمعة، عند أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات بعد أن أدى تصاعد المخاوف من قيام روسيا، وهي أحد كبار منتجي الطاقة، بغزو أوكرانيا إلى زيادة المخاوف من قلة إمدادات النفط الخام العالمية.
حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت عند الإغلاق 3.03 دولارات أو 3.3% إلى 94.44 دولار للبرميل، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 3.22 دولار أو 3.6% إلى 93.10 دولار للبرميل.
فيما لامس الخامان القياسيان أعلى مستوياتهما منذ أواخر 2014، متجاوزين المستويات القياسية التي سجلاها، يوم الإثنين، كما سجلا مكاسب للأسبوع الثامن على التوالي وسط مخاوف متزايدة بشأن الإمدادات العالمية مع تعافي الطلب من جائحة فيروس كورونا.
تراجع بورصة وول ستريت بشكل حاد
كما أغلقت بورصة "وول ستريت" على انخفاض حاد، الجمعة، للجلسة الثانية على التوالي مع شعور المستثمرين بقلق من تفاقم التوتر.
إذ انخفضت معظم مؤشرات القطاعات الأحد عشر الرئيسية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بقيادة قطاع التكنولوجيا. وصعد مؤشر قطاع الطاقة مع ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوى لها منذ سبع سنوات.
بينما هبطت أسهم آبل وأمازون وإنفيديا ومايكروسوفت وأثرت بشكل أكبر من أي قطاعات في تراجع ستاندرد آند بورز 500.
بحسب بيانات أولية، تراجع المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بواقع 85.76 نقطة أو 1.90 ليغلق عند 4418.32 نقطة، في حين خسر مؤشر ناسداك المجمع 400.02 نقطة أو 2.83% إلى 13784.13 نقطة. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 510.12 نقطة أو 1.45% إلى 34731.47 نقطة.
توتر متزايد بين كييف وموسكو
كانت العلاقات بين كييف وموسكو قد توترت منذ نحو 8 سنوات، على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في "دونباس".
يشار إلى أن روسيا حشدت عشرات الآلاف من قواتها على حدودها مع أوكرانيا، وأرسلت قوات إلى روسيا البيضاء؛ للمشاركة في تدريبات عسكرية، وتريد من حلف شمال الأطلسي التعهد بعدم قبول أوكرانيا مطلقاً في عضويته. ورفض الحلف المطالب الروسية.
في حين تخشى الدول الغربية من أن موسكو تخطط لشن هجوم جديد على كييف، ووجهت اتهامات، مؤخراً، إلى روسيا بشأن حشد قواتها قرب الحدود الأوكرانية، فيما هددت واشنطن بفرض عقوبات على روسيا في حال شنت هذا الهجوم.
إلا أن روسيا تنفي تخطيطها لشنّ أي هجوم، لكنها تقول إنها قد تُقْدِم على عمل عسكري غير محدد إذا لم تتم تلبية قائمة مطالبها الأمنية.