كشفت صورٌ حديثة التُقطت عبر الأقمار الصناعية، أن كوريا الشمالية أنشأت بالقرب من حدودها مع الصين قاعدة صواريخ يمكن استخدامها لتخزين أسلحة وصواريخ يطال مداها الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك وفق ما قالت صحيفة The Times البريطانية في تقرير نشرته يوم الخميس 10 فبراير/شباط 2022.
جاءت هذه الصور في تقرير صادر عن "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" (CSIS) في واشنطن، ويتناول التقرير بالتفصيل الميزات التي تتوفر عليها قاعدة "هويجونغ ني"، التي تقع مخابئها المحصنة تحت الأرض، وعلى مسافة 26 كيلومتراً فقط من الحدود الصينية.
تخزين صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية
في الوقت نفسه، ينقل التقرير عمّا سمّاها "مصادر مطلعة"، ربما تكون من الاستخبارات الأمريكية، مزاعم بأن بيونغ يانغ ستستخدم هذه القاعدة لتخزين أقوى أسلحتها وصواريخها القادرة على حمل رؤوس نووية.
في حين أورد التقرير المنشور على موقع Beyond Parallel التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والمتخصص في متابعة شؤون كوريا الشمالية، أن "قاعدة هويجونغ ني من المحتمل أن تضم وحدةً (بحجم فوج عسكري)، مجهزة بصواريخ باليستية عابرة للقارات (ICBM)".
أضاف التقرير: "عندما يحدث ذلك ستكون هذه الوحدة ضلعاً أساسياً فيما يُفترض أنه استراتيجية الصواريخ الباليستية المتطورة لدى كوريا الشمالية، وفي توسيع نطاق الردع الحالي على المستويين الاستراتيجي ومستوى القدرة على توجيه الضربات" بعيدة المدى.
تمويه من جانب كوريا الشمالية على القاعدة
كما تُظهر الصور الواردة أن مدخل القاعدة مُغطى بالأشجار ونباتات أخرى للتمويه، وأن القاعدة تتكون من مخبأ كبير تحت الأرض، بطول 375 متراً على الأقل، يتفرع منه مخبآن مزوَّدان بـ"مرافق محصنة لفحص الصواريخ"، وملاجئ كبيرة معزَّزة جدرانها بطبقات من الخرسانة والرمل، والتي يُتوقع أن تستخدم لتزويد الصواريخ بالوقود وتسليحها وصيانتها.
يقول التقرير إن "كل ملجأ من هذه الملاجئ المحصنة يبلغ طوله نحو 35 متراً، وله فتحة عرضها 25 متراً في كل طرف، ومغطَّى بالرمل والصخور ونباتات مزروعة عند فوهته. وهكذا فإن طول هذه الفتحات وعرضها يسمح باستيعاب جميع الصواريخ الباليستية المعروفة حالياً، وغيرها من الصواريخ التي يسعى الجيش الكوري الشمالي للحصول عليها".
يُذكر أنه خلال الحرب الكورية بين عام 1950 إلى عام 1953، دمَّر القصف الجوي ما يقدر بنحو 85% من المباني في كوريا الشمالية، ومنذ ذلك الحين عمل النظام الحاكم في كوريا الشمالية على بناء ما يصل إلى 8 آلاف مخبأ ونفق تحت الأرض لإخفاء أسلحته الاستراتيجية، ومنها الصواريخ الباليستية".
لكن علاوة على التحصينات المادية والتعزيزات الثقيلة للجدران، تتمتع القاعدة بنوع آخر من الحماية، وهو قربها من الحدود الصينية، إذ المتوقع ألا يقدم القادة الأمريكيون والكوريون الجنوبيون على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، على سبيل المثال، لاستهداف هذا الموقع، خشية أن تخطئ طريقها إلى الأراضي الصينية، وتجر بكين إلى صراع مع الطرف المسؤول عن ذلك.
بدء بناء القاعدة منذ 20 عاماً
في الوقت نفسه، يزعم التقرير أن العمل في بناء هذه القاعدة بدأ لأول مرة منذ 20 عاماً، وأنها قاعدة واحدة من 20 قاعدة أخرى مماثلة لم تعترف بيونغ يانغ قط بإنشائها، لكن من الجلي أن الاستخبارات الأمريكية على علم بها، وفقاً لما قاله جوزيف بيرموديز، الباحث الرئيسي في التقرير والخبير في الشؤون الاستخباراتية.
تأتي هذه الاكتشافات في وقت يتصاعد فيه القلق من المخاطر التي ينطوي عليها برنامج الصواريخ الخاص بكوريا الشمالية وخططها المستقبلية، لا سيما أن كوريا الشمالية أجرت إلى هذه اللحظة من عام 2022 تجارب إطلاق صاروخية، يتجاوز عددها إجمالي التجارب الصاروخية التي أجرتها في عام 2021 بأكمله.