قال موقع Middle East Eye البريطاني، السبت 5 فبراير/شباط 2022، إن معتقلين مصريين ظهروا في فيديو قبل أسبوع وهم يتعرضون للتعذيب في أحد سجون القاهرة، قد فقدوا الاتصال بذويهم، وسط تخوفات على حياتهم وتوقعات بأن الأجهزة الأمنية تجهزهم للظهور؛ لنفي هذه "المزاعم" التي شكلت فضيحة للسلطات المصرية.
وكان مقطع فيديو قد سُرب ونُشر في 24 يناير/كانون الثاني 2022، يُظهر، على ما يبدو، قيام عناصر من الشرطة المصرية بتعذيب محتجزين في أحد أقسام الشرطة بمحافظة القاهرة، وهو الأمر الذي "يؤكد مدى قدرة الضباط على إلحاق العنف بالمدنيين مع شبه إفلات تام من العقاب"، بحسب ما قالته مؤسسات حقوقية.
فقدوا الاتصال بالعالم الخارجي
بحسب الموقع البريطاني، فقد المصريون المحتجزون في أحد أقسام شرطة القاهرة، المتورط في فضيحة إساءة، كل اتصال بالعالم الخارجي؛ مما أثار مخاوف من تعرضهم للاختفاء القسري.
حيث يُعتقَد أنَّ عشرات المعتقلين انقطعت أخبارهم عن ذويهم، فيما قال أحد المصادر لموقع Middle East Eye إنهم يعتقدون أنَّ المعتقلين نُقِلوا من مركز الشرطة ويُحضَرون لنفي مزاعم التعذيب التي بدأت الفضيحة.
وقال شهود عيان، الجمعة 4 فبراير/شباط، إنَّ قوات الأمن فرضت إجراءات أمنية مشددة بحي السلام، حيث مركز الشرطة، في الأيام الأخيرة؛ مما صعَّب من وصول المدنيين إلى محيط المركز.
وقال مصدر، كان أحد أقربائه محتجزاً في مركز الشرطة وقت نشر مقاطع الفيديو، لموقع Middle East Eye، إنَّ الاتصالات انقطعت مع أفراد عائلته لمدة عشرة أيام.
وأضاف المصدر: "لم أتمكن من الوصول إليه عبر الهاتف أو حتى عن طريق رشوة الحراس. ولم أتمكن من زيارته".
وأوضح المصدر أنَّ مركز الشرطة يسمح كل يوم خميس للأقارب بإحضار الطعام والملابس والأدوية للمحتجزين، لكنهم لم يتمكنوا من زيارتهم طوال يومي الخميس الماضيين.
بدوره، قال مصدر آخر، كان قريبه محتجزاً أيضاً وقت نشر مقاطع الفيديو، إنه "اختفى" رغم أنه لم يظهر في مقاطع الفيديو.
ويخشى المصدر وعائلات السجناء الآخرين من تلفيق تهم كاذبة لأقاربهم المحتجزين بحيازة المخدرات أو البلطجة، على حد قولهم.
وأوضح إسماعيل، أحد سكان حي السلام، لموقع Middle East Eye، أنَّ مركز الشرطة تحوَّل إلى "منطقة عسكرية" بعد نشر مقاطع الفيديو، وأن مسؤولين رفيعي المستوى من جهاز الأمن الوطني جاءوا إلى مركز الشرطة بعد انتشار التقارير.
وأضاف أنَّ العديد من الأشخاص مُنعوا من الاتصال بأقاربهم المحتجزين ولم يتمكنوا من تزويدهم بالطعام.
وقال: "ما زلنا نسمع شائعات عن تعديلات في المناصب شبه محتملة، وأنَّ الضباط المحددين قد يُنقَلون لأنهم كانوا متراخين"، في إشارة إلى الرجال الثلاثة الذين يتهمهم المعتقلون بالإساءة والتعنيف؛ وهم: أحمد بدوي وعلي الكساب وعمرو عزت.
وأكد موقع Middle East Eye أنَّ الضباط الثلاثة هم نقباء شرطة نشطون يعملون في مكتب تحقيقات قسم الشرطة. ونفى أحدهم المزاعم، ورفض آخَر التعليق، فيما لم يرد الثالث على مكالمات الموقع.
وعَلِم موقع Middle East Eye أنَّ السلطات بدأت في الإعداد لتصوير مقاطع فيديو للمحتجزين تجبرهم فيها على دحض مزاعم التعذيب وسوء المعاملة.
وتبث أجهزة الأمن المصرية بانتظام، مقاطع فيديو لنزلاء يدلون باعترافات لاستخدامها أدلة في أثناء المحاكمة. ووثقت جماعات حقوقيةٌ العديد من الحالات التي استندت فيها هذه الاعترافات إلى التعذيب وترهيب المعتقلين للاعتراف بجرائم لم يرتكبوها.
مقاطع أثارت انتقادات
الشهر الماضي، بدا أنَّ مقاطع الفيديو تُظهر سوء معاملة المحتجزين والتعنيف على أيدي قوات الأمن بقسم شرطة السلام أول، الذي يقع في حي السلام الفقير جنوب شرقي القاهرة. لكن الموقع لم يستطع تأكيد الوقت الذي صُوِرت فيه مقاطع الفيديو.
ونشر النشطاء المصريون ووسائل الإعلام العربية مقاطع الفيديو على نطاق واسع. وفيها، يصطف المحتجزون للتحدث إلى الكاميرا وإظهار أدلة على سوء المعاملة.
ولم تصدر وزارة الداخلية بعد بياناً رسمياً بشأن ما كشفت عنه الفيديوهات أو تفتح تحقيقاً في مزاعم التعذيب.
بيد أن عدة صحف خاصة نقلت عن مسؤولين في الوزارة نفيهم "صحة ما تداوله مقطعا فيديو على صفحات الشبكات الاجتماعية لعضو من جماعة الإخوان المسلمين فر إلى الخارج، واللذان زعم فيهما أنَّ بعض المعتقلين في مركز للشرطة تعرضوا للتعذيب".
وزعم المسؤولون أنَّ اللقطات ملفقة "بهدف نشر شائعات وأكاذيب".
وأطلقت صفحات الشبكات الاجتماعية والصحف الموالية للحكومة حملة للدفاع عن الضباط.
حتى إنَّ الضابط علي الكساب حصل على تكريم نيابة عن رئيس التحقيقات من حزب "حكاية وطن"، وهو حزب سياسي مؤيد للدولة ومعظم أعضائه من ضباط الجيش والشرطة السابقين.