تتعرض الأراضي الإماراتية لهجمات متعددة من جماعات مسلحة منذ فترة ليست بالبعيدة، آخرها كان في 2 من فبراير/شباط 2022، عندما أعلن المركز الإعلامي لجماعة أنصار الله التابعين للحوثيين في اليمن، أن تنظيماً عراقياً يُسمى "ألوية الوعد الحق" تبنى عملية استهداف الإمارات العربية المتحدة بطائرات مسيرة، حيث أطلقت 4 طائرات مسيرة إلى منشآت في العاصمة الإماراتية أبوظبي، فيما أكدت واشنطن الاستجابة لطلب إماراتي بنشر طائرات أمريكية لمساندة وزارة الدفاع الإماراتية بالرد عن الهجمات المسلحة.
من هو فصيل ألوية الوعد الحق؟
بحسب خبير في جهاز المخابرات العراقية تحدث في تصريح خاص لـ"عربي وبست" فإن: "ألوية الوعد الحق، هي فصيل عراقي يتمتع بعلاقات رصينة مع كتائب حزب الله، وتقع تحت السيطرة المباشرة لـ "فيلق القدس" التابع لـ(الحرس الثوري الإيراني)".
وأضاف المصدر الأمني: إن الوعد الحق هي جماعة واجهة، تنفّذ عمليات عسكرية حركية، وعمليات خارجية ضد السعودية والإمارات، وسبق أن قال الفصيل إنه مسؤول عن شن هجمات ضد دول الخليج أو هدد بشنها بحجة التطبيع مع إسرائيل وضرب دول الخليج للمقاومة الجهادية.
وأكد "بحسب معلوماتنا الاستخبارية والبيانات التي وصلنا إليها بالتعاون مع بقية الأجهزة الأمنية، اكتشفنا أن "ألوية الوعد الحق" تركز في هجماتها المسلحة على دول الخليج كجزء من الضغط الإيراني على المنطقة، فالحرس الثوري الإيراني يحاول تقسيم نشاطه العسكري بحسب اختلاف المناطق، معتمداً على استراتيجية ضرب الدول من مناطقة مختلفة خارج إيران، بهدف تشتيت الوصول إلى القيادة التي تصدر الأوامر العسكرية".
تصريح وزارة الدفاع الإماراتية
وزارة الدفاع الإماراتية قالت في وقت سابق من مساء أمس الأربعاء إنها اعترضت ودمرت 3 طائرات دون طيار اخترقت المجال الجوي للبلاد فجر اليوم نفسه، وأكدت الوزارة في بيان على تويتر أنها "على أهبة الاستعداد والجاهزية للتعامل مع أي تهديدات"، وأنها "تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الدولة من أي اعتداء"، حسب تعبير البيان. وأضاف البيان أنه تم تدمير الطائرات المذكورة "بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان"، من دون أن يحدّد المنطقة التي حاولت الطائرات استهدافها.
إيران تستخدم العراق كمنطقة للحرب بالوكالة
تواصل فريق موقع "عربي بوست" مع الباحث السياسي صابر العبيدي، وتحدث بالقول "إن إعلان فصيل مسلح عراقي مسؤوليته عن هجمات على الإمارات تطور خطير وله دلالات عديدة، أهما دخول إيران في المواجهة في المنطقة"، مشيراً إلى أنها "تشعر بأن الاتفاق النووي لن يحصل قريباً، وقد تتوقع ضربة إسرائيلية قريبة على طهران، لذلك تستغل إيران نفوذها العسكري في العراق لضرب خصومها في المنطقة، ثم تستنكر بطريقة دبلوماسية الهجمات".
وأضاف العبيدي: "ترى إيران أن التحالفات الجديدة في المنطقة تشكل تهديداً مباشراً على أمنها القومي، لذلك كانت لغتها الدبلوماسية واضحة وصريحة لتشيت التحركات العسكرية والالتفاف على العقوبات الأمريكية، لذلك أشركت (ألوية الوعد الحق) في ضرب الإمارات بالطائرات المسيرة".
وبيّن في حديثه "إن زيارة رئيس الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الماضية إلى أبوظبي، وإعلان الأخيرة بحث دعم عسكري وأمني من إسرائيل عقب الهجمات الحوثية التي وقعت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، دفعت طهران، إلى الإيعاز لميليشياتها في المنطقة بمهاجمة الإمارات، عن طريق نفوذها العسكري من العراق".
خلاف إيراني – خليجي بسبب الملف اليمني
يبدو أن النزاع الإقليمي بين الفريق الأول (السعودية والإمارات) والفريق الثاني إيران، يتصاعد بعد سنوات طويلة من الأزمة اليمنية وعدم قدرة الأطراف المتنازعة على حسم ملف إدارة اليمن عسكرياً وسياسياً، والبيان الذي أصدره فصيل "ألوية الوعد الحق" أوضحَ بشكل صريح استمرار الضربات العسكرية لحين تصفية الحسابات الإقليمية.
وفقاً للمحلل العسكري محمد الخزاعي، في تصريح خاص لـ"عربي بوست" تحدث عن أسباب تصاعد المناوشات بين الجانبين الخليجي والإيراني تكمن في اتهام أطراف إيران لتدخل دول الخليج في الشؤون اليمنية وضرب المقاومة الجهادية، وهذا ما لا تسمح به إيران وتعتبره تجاوزاً على توسعها في اليمن.
كما تابع الخزاعي: "يبدو أن ألوية الوعد ستتسمر في توجيه ضرباتها على الإمارات حتى ترفع يدها عن اليمن، وربما ستكون الضربات القادمة أقسى وأكثر خطورةً وستهدد الأمن القومي الإماراتي، ما سيسبب مشاكل في استقطاب الاستثمارات الأجنبية".
وأشار: "المحور الإمارتي الذي يرسم سياسات الجانب الخليجي في أزمة اليمن، يحاول تصعيد الموقف ضد ميليشيات الحوثي، حيث ستجدد الإمارات حملاتها العسكرية ضد مناطق الحوثي بدعم من المجتمع الدولي برفقة التحالف الدولي".
وحذّر المحلل السياسي من تحول العمليات العسكرية إلى المناطق المدنية، وارتفاع معدلات الضربات الصاروخية واستهدافها للمنشآت الصناعية والتجارية، وهذا سيخلق أزمة كبيرة في المنطقة.
تحليلات لأسباب الهجمات الأخيرة على الإمارات
أثار إعلان فصيل عراقي تابع لإيران مهاجمة الإمارات دعماً للحوثيين، تساؤلات عدة حول دلالات وأبعاد هذا التطور الخطير، فبعد أيام من هجمات حوثية مركزة استهدفت منشآت حساسة في الدولة، تظهر اليوم ميليشيا جديدة في المنطقة، وهو ما يعني أن الحرب ضد الخليج دخلت منحى آخر له دلالات متعددة.
بحسب تحليلات من خبراء مختصين في السياسية الإقليمية تحدثوا لموقع "عربي بوست" فإن من يرى هذه التطورات، سيجد رداً إيرانياً على فشل نزع فتيل التوتر في الخليج العربي، وتخوفات طهران من العلاقات الإماراتية الخليجية مع دولة الإحتلال الإسرائيلي، وبين من يرى ذلك ردة فعل من قبل الحوثيين إثر عودة الإمارات إلى مسرح العمليات في اليمن.
وأضاف عدد من الخبراء: "وبين الخيارين ثمة خيار ثالث، يرجح أن ما جرى ويجري من تطورات خاصة على الساحة الإماراتية، يعود إلى جملة من الأسباب والسياسات الخاطئة لنظام أبوظبي في دول المنطقة، والتي أفضت إلى نتائج سلبية أوصلت البلاد إلى مرحلة أمنية خطيرة لم تشهدها الإمارات منذ تأسيس الدولة".
وأشاروا إلى أن "السياسات الخاطئة التي انتهجتها أبوظبي في حرب اليمن، بغية تحقيق أهداف سياسية وخروجها عن أهداف التحالف العربي بقيادة السعودية، كانت أحد أبرز النتائج السلبية التي أفرزتها الحرب بعد سبع سنوات من التدخل في اليمن".
تبرز الأحداث الأخيرة جملةً من الصراعات الإقليمية بين أبوظبي وطهران، حيث يسعى الطرفان لتصفية الحسابات السياسية عسكرياً وأمنياً، ولكن هذه المرة تصاعدت الخلافات ووصلت إلى مدى بعيد يهدد أمن الدولتين في المنطقة، وهذا ما لا ترغب به الإدارة الأمريكية، بالتالي ربما ستمضي الإمارات وإيران نحو التهدئة لحين التفاوض على ملف العراق واليمن، لذلك ستتكثف المفاوضات في الفترة القادمة لتجنب تحويل المعركة إلى الأراضي المدنية، لأن ذلك سيتسبب بتهديد الأمن القومي ويثير أزمات خانقة في الخليج.