تتقدّم القوات الكردية، الأربعاء 26 يناير/كانون الثاني 2022، "ببطء" داخل سجن يتحصّن فيه عناصر مسلحون من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، منذ ستة أيام في الحسكة شمال شرق سوريا، تزامناً مع اشتباكات متقطعة في محيطه.
كان أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم الموجودين داخل سجن "الصناعة" وخارجه قد شاركوا في هجوم منسّق بدأ مساء الخميس، 20 يناير/كانون الثاني 2022، على المرفق الذي تشرف عليه الإدارة الذاتية الكردية في مدينة الحسكة، في عملية تعدّ "الأكبر والأعنف" منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات.
قوات "سوريا الديمقراطية" وبدعم من التحالف الدولي، تعمل بقيادة واشنطن على استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
الوكالة نقلت عن المرصد السوري لحقوق الإنسان قوله إن قوات "سوريا الديمقراطية" وقوات "الأساييش" الكردية، تواصل "عمليات التمشيط والتفتيش ضمن مهاجع في السجن" ومحيطه، حيث دارت ليلاً اشتباكات متقطعة بين الطرفين.
الاشتباكات المستمرة منذ الخميس الفائت أوقعت داخل السجن وفي محيطه 181 قتيلاً، وفق آخر حصيلة للمرصد، 124 منهم من عناصر التنظيم و50 من القوات الكردية، إضافة إلى سبعة مدنيين.
يتحصن السجناء المسلّحون وبينهم عدد من مقاتلي التنظيم الذين تمكنوا من الدخول خلال الهجوم، في القسم الشمالي من السجن، بينما تضم أقسام أخرى سجناء من التنظيم ممن شاركوا في العصيان، واحتجاز عدد من حراس السجن والعاملين فيه، وتعمل القوات الكردية على التقدّم تباعاً في تلك الأقسام.
بحسب المرصد السوري، أسفرت عمليات التمشيط والمداهمة عن تحرير 32 من العاملين في السجن منذ الإثنين الفائت، وكان عدد منهم قد ظهروا في شريط فيديو بثّه التنظيم على حسابات جهادية إثر شنّه الهجوم.
من جانبه، أحصى مسؤول المكتب الإعلامي في قوات "سوريا الديمقراطية"، فرهاد شامي، تسليم "أكثر من 850 إرهابياً من المعتقلين الذين نفذوا العصيان وكذلك من المهاجمين أنفسهم" منذ بدء الهجوم، بحسب ما قاله للوكالة الفرنسية.
بالموازاة مع ذلك، توجّه القوات الكردية نداءات إلى عناصر التنظيم من أجل "الاستسلام الآمن" وفق شامي، رافضاً الحديث عن "تفاوض" معهم.
إلا أن مدير المرصد رامي عبد الرحمن أكّد للوكالة الفرنسية، اليوم الأربعاء، أنّ قيادياً سورياً في صفوف التنظيم يتولى التفاوض مع الجانب الكردي لإنهاء حالة التمرّد وتأمين الطبابة لعدد كبير من جرحى التنظيم، فيما تلقى هذه الخطوة معارضة المقاتلين الأجانب.
بدوره، قال مسؤول كردي رفيع للوكالة -لم تذكر اسمه- إن "الموضوع منتهٍ عسكرياً"، موضحاً أن "سبب التريّث في الهجوم هو وجود أطفال قصر، وللخروج بأقل الخسائر البشرية"، وفق قوله.
يُعد سجن الصناعة في حي غويران من بين أكبر مراكز الاعتقال التي تشرف عليها الإدارة الذاتية، وكان يضمّ قرابة 3500 مقاتل من التنظيم، بينهم نحو 700 فتى، غالبيتهم ممن تمّ القبض عليهم خلال آخر المعارك التي خاضتها قوات "سوريا الديمقراطية" ضد التنظيم قبل دحر "دولة الخلافة" عام 2019.
جددت حادثة السجن مطالب "الإدارة الذاتية الكردية" للمجتمع الدولي بالتدخل سريعاً، لتقديم الدعم من أجل الحؤول دون إعادة تنظيم الجهاديين لصفوفهم، وقال مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" عبد الكريم عمر: "هذه القضية مشكلة دولية وليس بإمكاننا مواجهتها وحدنا".