كشف استطلاع رأي عن أرقام "مقلقة" بشأن تفضيل الفرنسيين تولي الجيش حكم البلاد، وقالت صحيفة The Times البريطانية إن واحداً من كل أربعة فرنسيين سيكون سعيداً إذا تولى الجيش حكم البلاد، وإن اثنين من كل خمسة فرنسيين يرحبون بتعيين "رجل قوي" غير منتخب زعيماً على رأس السلطة في فرنسا.
الصحيفة البريطانية قالت في تقريرها، الثلاثاء 25 يناير/كانون الثاني 2022، إن نتائج استطلاع الرأي تكشف ما آلت إليه الديمقراطية الفرنسية من هشاشة في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية، في ظل تنامي خطاب الكراهية وصعود أسهم بعض مرشحي اليمين المتطرف.
إذ من المقرر أن تُجرى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية في 10 أبريل/نيسان المقبل، على أن تُجرى جولة الإعادة بعد أسبوعين إذا لم يفز أي مرشح بأغلبية الأصوات، وسط توقعات بإمكانية فوز الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون بفترة ثانية، لكن مهمته لن تكون سهلة.
تنامي الشعبوية في فرنسا
تسلط نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة OpinionWay لمصلحة معهد الدراسات السياسية بباريس Cevipof، على انعدام الثقة المتزايد بالمؤسسات الديمقراطية، وتشير إلى أن فرنسا أصبحت أرضاً خصبة لتنامي الشعبوية، إذ يرى 65% من المشاركين في التصويت، البالغ عددهم 10500 شخص، أن الطبقة السياسية في البلاد "فاسدة في عمومها".
كما يلفت الاستطلاع إلى الطبيعة الهشة للديمقراطية في بلد لطالما اتسم تاريخه بالتقلبات بين الانتفاضات الشعبية والقمع الاستبدادي الذي فرضته شخصيات مثل الإمبراطور نابليون الثالث أو المارشال فيليب بيتان، الذي تعاون نظامه مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.
بينما قال نحو 27% من المصوتين في الاستطلاع إنهم يؤيدون إدارة الجيش للبلاد، وهي نسبة تزيد بنحو 7% على نظيرتها في مايو/أيار من العام الماضي، عندما نُشرت عريضة موقعة من عسكريين متقاعدين وحاليين في القوات المسلحة يحذرون فيها من أن الانقلاب العسكري ربما يصبح ضرورة تحتاج إليها البلاد لوقف موجة الجرائم التي نسبها البيان إلى المهاجرين المسلمين.
الفرنسيون يريدون "رجلاً قوياً"
سُئل المصوتون في الاستطلاع عما إذا كانوا يؤيدون فكرة أن يحكم الدولة "رجلٌ قوي دون برلمان أو انتخابات"، وكشفت النتائج عن تأييد نحو 39% من المشاركين لهذه الفكرة، في ارتفاع بنحو 5%عن نظيرتها في مايو/أيار الماضي.
بينما قال نحو 52% من المصوتين في فرنسا إنهم يؤيدون تولي حكومة من الخبراء بدلاً من اختيار حكومة منتخبة.
في جزء آخر من الاستطلاع، قال 57% من المشاركين إن الديمقراطية الفرنسية عاجزة عن أداء وظائفها، وهي نسبة أعلى بنحو 8% عما كانت عليه في مايو/أيار الماضي.
لكنها أقل بنحو 13% مما كانت عليه في عام 2018، عندما غُمرت البلاد بالاحتجاجات ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كان حينئذ شخصية قادمة من تيار الوسط تولَّت السلطة قبلها بعام وحملت وعود التجديد لسياسات البلاد ودحر الشعبوية، لكن نتائج استطلاع OpinonWay لعلها تشير إلى أن ماكرون فشل في الوفاء بوعوده إلى حد بعيد.
أرقام تصب في صالح ماكرون
بالإضافة إلى ذلك، صنَّف نحو 33% من المصوتين في فرنسا أنفسهم في تيار اليمين السياسي أو أقصى اليمين، في مقابل نحو 23% صنفوا أنفسهم في تيار اليسار السياسي أو أقصى اليسار.
بينما أبدى المشاركون في العموم تأييدهم لسياسات التنظيم الحكومي للاقتصاد وتشديد التدابير المناهضة للهجرة. وقال نحو 63% من المشاركين إن البلاد "تضم أعداداً أكبر من اللازم من المهاجرين"، وانتقد 61% من إجمالي المشاركين الدين الإسلامي بدعوى أنه ينطوي على "تهديد" للبلاد.
حسب الصحيفة البريطانية فإن من المثير للمفارقة أن هذه النتائج تصب في مصلحة ماكرون، الذي يُرجح أن يصوِّر نفسه خلال الحملة الانتخابية على أنه الحصن الحامي للبلاد في مواجهة التهديد الشعبوي المتزايد الذي يمثله متنافسون آخرون على الرئاسة مثل مارين لوبان، رئيسة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، وإريك زمور، الإعلامي المُعادي للإسلام.
إذ يقول منظمو الاستطلاع إن هذه الاستراتيجية نجحت مع ماكرون في حملته السابقة قبل خمس سنوات، وقد تنجح مرة أخرى، مشيرين إلى أن استطلاعات الرأي، وإن كشفت عن تزايد في تأييد الحركة الشعبوية في فرنسا، إلا أن غالبية الناخبين عادة ما يُحجمون عن انتخاب أحد قادتها رئيساً للبلاد.