أعربت شخصيات حزبية وحكومية في لبنان، الإثنين 24 يناير/كانون الثاني 2022، عن حزنها لقرار سعد الحريري، رئيس الوزراء الأسبق، زعيم "تيار المستقبل"، "تعليق" عمله في الحياة السياسية، فيما قطع عشرات الشباب حركة السير على طرق في بيروت بحاويات نفايات وإطارات مشتعلة، رفضاً لتلك الخطوة.
كان زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، النائب وليد جنبلاط، أول المستنكرين؛ إذ قال إن "قرار الحريري محزن جداً، ونفقد به ركيزة للاستقلال والاعتدال"، معتبراً أن تعليق نشاطه السياسي "يعني إطلاق يد حزب الله والإيرانيين" في لبنان.
من جهته، وصف رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، على "تويتر"، قرار الحريري بأنه "صفحة حزينة للوطن ولي شخصياً"، مُعرباً عن تفهمه للملابسات التي دفعت الأخير إلى الإقدام على تلك الخطوة.
فيما قال عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" البرلمانية، النائب فيصل الصايغ: "بكل أسف وحزن، استُكملت اليوم حلقة جديدة في عملية اغتيال الشهيد رفيق الحريري"، بحسب ما نقلته وكالة الإعلام الرسمية عنه.
الصايغ أردف: "يبقى الأمل والعزم والرهان أن نحافظ مع المخلصين على إرث الرئيس الشهيد (رفيق الحريري)، ونواصل حمل راية مشروعه بأبعاده اللبنانية والعربية والوطنية والإنسانية".
في حين اكتفى رئيس حزب "التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، بالقول على "تويتر": "تيتَّم الوطن اليوم والمختارة (مقر جنبلاط) حزينة وحيدة".
كما قطع عشرات الشباب حركة السير على طرق رئيسية في العاصمة اللبنانية بيروت بحاويات نفايات وإطارات مشتعلة؛ رفضاً لإعلان الحريري، مطالبين إياه بالاستمرار في العمل السياسي.
وفق شهود عيان، تم قطع حركة السير على طريق الكولا وفردان وكورنيش المزرعة وقصقص والمدينة الرياضية، إضافة إلى أوتوستراد الناعمة المؤدي إلى الجنوب بالاتجاهين.
"تعليق العمل السياسي"
في وقت سابق من يوم الإثنين، أعلن الحريري "تعليق" عمله في الحياة السياسية، وعدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، وعدم التقدم بأي ترشيحات من التيار للانتخابات.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، عقده في بيت الوسط، ببيروت، ونقلته مباشرة وسائل إعلامية، ويعد القرار هو الأول من نوعه منذ دخول الحريري الحياة السياسية عام 2005.
الحريري برر موقفه -بينما غلبت ملامح الحزن والخيبة عليه- بالقول: "إنني مقتنع بأنه لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".
فيما أضاف: "وأُعلن تعليق العمل بالحياة السياسية ودعوة عائلتي في تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها، وعدم الترشح للانتخابات النيابية (المقررة في 15 مايو/أيار 2022)، وعدم التقدم بأي ترشيحات من تيار المستقبل أو باسم التيار"، مؤكداً أن قرارهم هو "تعليق أي دور أو مسؤولية مباشرة في السلطة والسياسة بمعناها التقليدي".
إلا أن الحريري، الذي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات، شدّد على "أننا سنبقى من موقعنا كمواطنين، متمسكين بمشروع الشهيد رفيق الحريري (والده ورئيس الوزراء الأسبق) لمنع الحرب الأهلية والعمل من أجل حياة أفضل لجميع اللبنانيين".
"زلزال سياسي"
هذه الخطوة شكلت زلزالاً سياسياً في البلاد عقب الانهيار المالي الذي تشهده البلاد منذ عام 2019.
في حين تتهم عواصم إقليمية وغربية وقوى سياسية لبنانية إيران بالهيمنة على مؤسسات الدولة في لبنان، عبر حليفتها جماعة "حزب الله" اللبنانية (شيعية)، وهو ما تنفي صحته كل من طهران والجماعة.
يشار إلى أن سعد هو نجل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي اغتيل في 14 فبراير/شباط 2005، واتُّهم النظام السوري وحزب الله الشيعي باغتياله.
وطوال فترة ما قبل عام 2005 لم يكن الحريري معروفاً في الأوساط اللبنانية، لكن بعد اغتيال والده ترأس "تيار المستقبل".
كما انتخب الحريري نائباً عن بيروت لأول مرة في ربيع 2005، وبعدها أعيد انتخابه نائباً في 2009 و2018.
يذكر أنه قبيل تشكيل حكومة نجيب ميقاتي الحالية في سبتمبر/أيلول الماضي، كان الحريري مكلفاً بتشكيل الحكومة، لكنه قدم اعتذاره بعد أشهر على تكليفه إثر خلافات سياسية مع الرئيس عون حول التشكيلة الحكومية.
منذ عامين، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية.