كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، أن ثلاثة ملفات أساسية كانت سبباً في تأجيل القمة العربية، التي كان من المنتظر عقدها بالجزائر في شهر مارس القادم.
ووفق المصادر ذاتها، فإن الملف الفلسطيني كان أبرز نقاط الخلاف بين القاهرة والجزائر، بينما رفضت الرياض والدوحة رفضاً قاطعاً، مشاركة ممثل لدمشق في القمة، فيما اعترضت الإمارات العربية المتحدة على مناقشة ملف التطبيع وإدراجه في البيان الختامي للقمة.
وكان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، قد أجرى مؤخراً زيارات مكوكية للدول العربية الأساسية؛ من أجل التوافق حول جدول الأعمال والبيان الختامي، لكنه لم يستطع التوصل إلى أرضية اتفاق مع نظرائه في مصر والإمارات وقطر والسعودية.
وأعلن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، حسام زكي، الخميس 20 يناير/كانون الثاني الجاري، تأجيل القمة العربية، موضحاً في تصريحات إعلامية، أنه لن يتم عقد القمة قبل شهر رمضان المقبل.
ولم يُفصح المتحدث، عن الموعد الجديد، واكتفى بالقول إنه سيتم الإعلان عن موعد القمة المرتقبة خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء الذي سيُعقد بتاريخ 9 مارس/آذار المقبل.
خلاف مصري جزائري
لا تنظر القاهر بعين الرضى لتحركات الجزائر في الملف الفلسطيني، لاسيما بعد أن أعلنت الأخيرة جمعها الفصائل في لقاء موحّد، من أجل رصِّ الصفوف لمواجهة التطبيع وإعادة الملف الفلسطيني إلى الواجهة.
وتعتبر القاهرة تحكّمها في خيوط الملف الفلسطيني إحدى أبرز نقاط قوتها بالمنطقة، لذلك لا تنوي التفريط في الملف بسهولة لصالح الجزائر التي تبدو منافساً جدياً للقاهرة، لاسيما أنها تحظى بثقة الفصائل ولا تربطها علاقة مباشرة مع إسرائيل عكس مصر التي فقدت ثقة الفصيل الأكبر حماس، بسبب التنصل من الالتزام ببنود التهدئة الأخير.
وحسب مصادر "عربي بوست"، فإن زيارة وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الأخيرة للقاهرة تطرقت إلى هذه النقطة، إذ أكدت الجزائر أنها لا تريد أن تحل مكان أحد، لكنها تحاول أن تساعد على لمّ شمل الفلسطينيين فقط لا أكثر ولا أقل.
ولا تريد القاهرة أي مفاجأة في القمة العربية بخصوص الملف الفلسطيني، إذ تريد الاطلاع على كل كبيرة وصغيرة في اجتماعات الجزائر، بينما ترى الأخيرة أن ذلك ليس من حقها.
سوريا.. المشكلة الكبرى
ومن أسباب تأجيل القمة العربية أن المملكة العربية السعودية ترفض هي ودولة قطر رفضاً قاطعاً مشاركة ممثل عن دمشق في قمة الجزائر، إذ ترى الدوحة أن أسباب تجميد عضوية سوريا في القمة العربية مازالت قائمة.
ولم يستطع لعمامرة خلال زيارته كلاً من الرياض والدوحة، إقناع المسؤولين هناك بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، رغم أنه كان يحمل دعماً مهماً من القاهرة وأبوظبي.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أكد في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، أن بلاده متمسكة بعدم مشاركة سوريا في قمة الجزائر قائلاً: "لم نر أي تقدم أو تطور في سلوكيات هذا النظام، حيث لم يتخذ خطوات جدية لإيجاد حل سياسي في البلاد".
وأضاف قائلاً: "إذا لم يحدث ذلك فلا منطق من تطبيع العلاقات مع هذا النظام، ولا أعتقد أننا في موقف يسمح لنا بأن نسمح للنظام السوري بأن يحضر القمة العربية، وهذا كان موقفنا ونحافظ عليه، ونأمل أن تدرك الدول العربية أن هذه الأسباب لا تزال موجودة"، على حد تعبيره.
وبالمقابل علّقت المستشارة الخاصة للرئيس السوري، لونا الشبل، في 18 يناير/كانون الثاني الجاري، على إمكانية مشاركة دمشق في قمة الجزائر، بالقول إن "عضوية سوريا بالجامعة العربية جُمّدت وفق قرار مخالف لقوانينها، وسنعود إليها فور التراجع عن ذلك".
الجزائر: القمة لم تؤجل
قال بيان للخارجية الجزائرية، السبت 22 يناير/كانون الثاني الجاري، إن اتأجيل القمة العربية غير صحيح كما يتم تداوله، لأن موعدها لم يحدد أصلاً.
وأكد وزير الخارجية رمطان لعمامرة، أمام سفراء البلدان العربية المعتمدين لدى الجزائر، في اجتماع عقد بمقر وزارة الخارجية، التزام الرئيس تبون مواصلة عملية التشاور والتنسيق مع قادة الدول العربية وبمعية قيادة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، تكملة للاتصالات المباشرة التي تجمعه دورياً مع العديد من نظرائه العرب وكذا تلك التي تتم عبر مبعوثه الخاص.
وأضاف الوزير أن الأهداف المتوخاة من هذا المسار الذي استهلته الجزائر وفق مقاربة تشاركية، تتمثل خصوصاً في التوصل إلى صيغ توافقية حول أبرز المواضيع التي ستُطرح أمام القمة العربية المقبلة، وضمن ذلك تحديد التاريخ المناسب لعقدها.
وعن موعد القمة العربية، كشف لعمامرة أن تبون يعتزم طرح موعد يجمع بين الرمزية الوطنية التاريخية والبعد القومي العربي ويكرس قيم النضال المشترك والتضامن العربي.
وأشار المتحدث، إلى أن هذا التاريخ الذي يُنتظر اعتماده من قبل مجلس الوزراء العرب، بدورته العادية المرتقبة في شهر مارس/آذار المقبل، بمبادرة الجزائر وتأييد الأمانة العامة للجامعة، من شأنه أن يسمح أيضاً باستكمال مسلسل المسار التحضيري الجوهري والموضوعي بما يسمح بتحقيق مخرجات سياسية تعزز مصداقية ونجاعة العمل العربي المشترك.
تأجيل القمة العربية
فضلاً عن العقبات الكبرى التي كانت سبباً رئيسياً في تأجيل القمة العربية بالجزائر، هناك عقبات أخرى لم تستطع الدول العربية المؤثرة الاتفاق على إدراجها في البيان الختامي.
ووفق مصادر "عربي بوست"، فإن الرياض أصرّت على إدراج إدانة إيران بسبب تدخلاتها في المنطقة العربية، وهو ما تحفظت الجزائر بشأنه بالنظر إلى علاقاتها المتميزة مع طهران.
ومن بين العقبات أيضاً الفشل في التوصل إلى اتفاق حول تمثيل طرابلس والخرطوم اللتين تعيشان وضعاً سياسياً صعباً، لاسيما بعد انفراط عقد مجلس السيادة في السودان وتأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”