دعا رئيس الوزراء الليبي وزير الدفاع عبد الحميد الدبيبة، الأحد، إلى بناء "جيش يكون ولاؤه لله ثم للوطن وليس لشخص أو مدينة أو لأي جهة كانت"، مشدّداً على أن أمن واستقرار بلاده "هدف لا بديل عنه، وسندفع الغالي والرخيص لإنجازه".
جاء ذلك في كلمته باحتفالية للجيش بمناسبة تخريج نحو 200 منتسب من القوات المساندة التي شاركت في عمليتي "البنيان المرصوص" (ضد داعش في عام 2016) و"بركان الغضب"، والتي انتهت بصد الجيش هجوم ميليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس عام 2020.
هذا الحفل حضره، بالإضافة إلى الدبيبة، رئيس الأركان العامة للجيش محمد الحداد، وأمراء المناطق العسكرية.
فيما قال الدبيبة، في كلمته: "شعارنا دائماً نعم للسلام ولا للحروب. نعم للبناء والاستقرار ومدنية الدولة.. حماية بلادنا وأمن حدودها لن يكون إلا بسواعد أبناء الوطن".
"بناء الجندي الوطني"
من جهته، قال آمر اللواء 111 معزز عبد الله المحروق: "عازمون ومصممون على بناء الجندي الوطني الملتزم بعقيدة المؤسسة العسكرية الليبية"، لافتاً إلى أن تخريج هذه الدفعة يعطي "الثقة والقدرة للمؤسسة العسكرية العريقة التي أسسها الآباء والأجداد وهي صامدة وباقية بالرجال الوطنيين".
يشار إلى أنه في يوليو/تموز الماضي، أكد الدبيبة، خلال اجتماع مع رئيس أركان الجيش، ضرورة تنظيم المؤسسة العسكرية.
أما في أبريل/نيسان الماضي فشهدت مدينة الخمس الليبية، حفل تخريج طلاب عسكريين منتسبين لقوة مكافحة الإرهاب، دربتهم القوات التركية في إطار مذكرة التعاون العسكرية المبرمة بين البلدين في 2019.
كانت تركيا وليبيا وقعت، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، مذكرة تفاهم حول تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
"الدستور أولاً"
في سياق ذي صلة، لفت الدبيبة، خلال كلمته أمام مؤتمر دعم الدستور تحت شعار "الدستور أولاً"، الذي عُقد في أحد الفنادق بطرابلس، إلى أن مشكلة ليبيا تكمن في عدم وجود دستور حقيقي تجرى الانتخابات على أساسه.
فيما استطرد قائلاً: "إننا في أشد الحاجة اليوم لدستور يحمي الوطن والمواطن وانتخابات برلمانية ورئاسية وفق هذا الدستور"، داعياً "كل الأطراف لدعم الاستحقاق الدستوري كأساس للعملية الديمقراطية.. تمسكوا بالاستحقاق الدستوري الانتخابي".
في حين حضر هذا المؤتمر نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ونائب رئيس مجلس النواب فوزي النويري، وعميد بلدية طرابلس إبراهيم الخليفي، وعدد من السفراء على رأسهم السفير التركي كنعان يلماز، إضافة إلى وزراء ومسؤولين في الحكومة الليبية.
بدوره، قال عبد الله اللافي: "تأجلت الانتخابات لأن العوامل التي عملنا على توفيرها لم يهتم بها أحد.. إننا في حاجة لتوفير هذه العوامل والاجتهاد في ذلك"، مشدّداً على أن أول العوامل هو "دستور مستفتى عليه شعبياً ليكون الإطار الشامل لكافة القوانين وليوصف الصلاحيات والمدد الممنوحة للسلطات، وتوفير الجانب الأمني".
استقرار ليبيا
فيما قال النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة مسعود عبيد، إن استقرار ليبيا لن يتم إلا بـ"اعتماد دستور دائم للبلاد.. لا توجد عراقيل تمنع إنجاز هذا الاستحقاق، ويجب أن يتم عرض مشروع الدستور للاستفتاء في أقرب وقت، وأن تجرى الانتخابات بناء عليه".
كان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قد دعا قبل أسبوع إلى "تشكيل لجنة من 30 مثقفاً وكاتباً وأكاديمياً مختصاً بالقانون الدستوري، تساندهم خبرات دولية عربية وأجنبية لصياغة دستور توافقي في مدة لا تزيد عن شهر من مباشرة مهامها".
على إثر ذلك، اعتبرت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا، دعوة صالح إلى تشكيل لجنة أخرى لصياغة دستور توافقي "تجر البلاد إلى مزيد من التأزم".
كان الليبيون قد انتخبوا، في فبراير/شباط 2014، 60 عضواً في هيئة تأسيسية لصياغة الدستور، لقبت بـ"لجنة الستين"، وفي يوليو/تموز 2017، اعتمدت اللجنة بأغلبية الثلثين مشروع الدستور، بينما لم يتم الاستفتاء عليه حتى اليوم لأسباب مختلفة.
يذكر أنه جراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية حول قانون الانتخاب، ودور القضاء في العملية الانتخابية، تعذر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كانت مزمعة في 24 ديسمبر/كانون أول الماضي.
يشار إلى أن ليبيا عانت لسنوات من صراع مسلح وانقسام في المؤسسة العسكرية، جراء منازعة ميليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر (الذي يتركز تواجده في الشرق الليبي) للحكومات المعترف بها دولياً على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
ورغم نجاح الجهود الدولية والإقليمية والمحلية في توحيد العديد من المؤسسات الليبية مؤخراً، إلا أن الانقسام ما زال يسود المؤسسة العسكرية.