طالب نواب في الحزب الديمقراطي الأمريكي وخبراء سياسيون مقرَّبون من الرئيس الأمريكي جو بايدن بتوضيح طبيعة الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة حالياً للتحالف الذي تقوده السعودية في حربها مع الحوثيين في اليمن، وذلك بعد عودة عمليات التحالف الجوية والقصف الذي شهدته اليمن في الأيام الأخيرة ردا على استهداف مطار أبوظبي.
وفي تصريحات لموقع Middle East Eye البريطاني الجمعة 21 يناير/كانون الثاني 2022، قال رو خانا، النائب الديمقراطي في الكونغرس وأحد أشد المنتقدين لحرب اليمن، إن البيت الأبيض يجب أن يُنهي كل أنواع الدعم العسكري المقدَّم للتحالف الذي تقوده السعودية على الفور، والالتفات بدلاً من ذلك إلى "التركيز على السبل الدبلوماسية" لإنهاء الصراع الدموي.
أضاف خانا: "هذا التصعيد الخطير الذي تشهده اليمن حالياً يجب أن يتوقف. فعلى مدى سنوات، كان التحالف الذي تقوده السعودية يقصف المناطق المدنية والبنية التحتية في اليمن، وزادت ضرباته حدةً مؤخراً. وفي المقابل، شهدنا في وقت سابق من هذا الأسبوع هجوماً مروعاً للحوثيين بالطائرات المسيرة والصواريخ أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين في الإمارات".
كما أشار النائب الديمقراطي إلى أن التحالف شن مؤخراً ضربات جوية على مرافق لمعالجة المياه، ما أسفر عن حرمان أكثر من 120 ألف يمني في صنعاء من مياه الشرب النظيفة.
وأشار رو خانا إلى أنه: "لإنهاء هذه الحرب يجب استخدام النفوذ الأمريكي على التحالف الذي تقوده السعودية، وإنهاء الدعم العسكري الأمريكي، للتركيز بدلاً من ذلك على السبل الدبلوماسية الرامية إلى تأمين حل سياسي، وتوفير مساعدات الإغاثة اللازمة لتجاوز إحدى أشد الأزمات الإنسانية وطأة في العالم".
وتأتي هذه الجهود من النواب الأمريكيين في ظل ضغوط تبذلها الإمارات على إدارة واشنطن لإعادة تصنيف جماعة الحوثي على قائمة الإرهاب، وذلك بعد استهدافها مطار أبوظبي بقصف صاروخي قبل أيام.
إعلان إنهاء الدعم
يشار إلى أنه بعد وقت قصير من تولي بايدن منصب الرئاسة الأمريكية العام الماضي، أعلن في خطاب– حظي بإشادة كبيرة من الديمقراطيين- أنه سيُنهي "الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية الهجومية في حرب اليمن".
لكن الآن، وبعد مرور عام على رئاسة بايدن، لا يزال من غير الواضح على وجه التحديد ما الذي ينطوي عليه هذا الإعلان بإنهاء "الدعم الهجومي".
ولعدة أشهر، ظلت الأسئلة مطروحة فيما يتعلق بتفاصيل القرار، مثل طبيعة التفريق بين العمليات الهجومية والعمليات الدفاعية، وما هي أنظمة الأسلحة التي تندرج تحت كل فئة منهما.
كان 41 عضواً في الكونغرس الأمريكي تقدموا في فبراير/شباط 2021 بعريضة تطالب بايدن بالكشف عن أنواع المساعدة العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة للسعودية في الحرب اليمن خلال عهد ترامب، وأي من هذه المساعدات سيستمر، والطريقة التي ستحدد بها إدارته تصنيف "العمليات الهجومية".
لكن في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وافق بايدن على بيع أسلحة للرياض بقيمة 650 مليون دولار، شملت 280 صاروخ جو-جو من طراز "إيه آي إم 120 أمرام" AIM-120C جاهزة للاستخدام والإطلاق من الطائرات المقاتلة للسعودية.
وأثارت عملية البيع، التي وصفت بأنها ذات صبغة دفاعية، حفيظة بعض الديمقراطيين، الذين أشاروا إلى أن استمرار صفقات الأسلحة مع السعودية -أياً كان تصنيفها- لن يؤدي إلا إلى تأجيج الصراع.
ودعا بيتر ديفازيو، وهو نائب ديمقراطي آخر في الكونغرس وأحد المعارضين لحرب اليمن، البيتَ الأبيض إلى "إنهاء مشاركته في هذه الحرب فوراً"، وانتقد "الإعلان الغامض" الذي أشار فيه بايدن إلى عزمه على إنهاء الدعم "الهجومي" الأمريكي للتحالف.
وقال ديفازيو: "في بداية ولايته، تعهد بايدن بإنهاء الدعم الأمريكي لما يُسمى بالعمليات (الهجومية) في هذه الحرب، لكنه لم يحدد أبداً ما الذي يعنيه بهذا الإعلان الغامض في الواقع. والنتيجة أنه بعد مرور عام من هذا الإعلان، تواصل الولايات المتحدة دعمها المباشر لهذه الحرب".
من جهة أخرى، قال حسن الطيب، المدير التشريعي لسياسات الشرق الأوسط في لجنة الأصدقاء الأمريكية للتشريعات الوطنية، إن سياسة إدارة بايدن في اليمن "غير فعالة"، كما أن البيت الأبيض لم ينجح في السيطرة على الوضع.
وأضاف الطيب: "ما دمنا نقدم المعلومات الاستخباراتية وقطع الغيار وعمليات الصيانة ونبيع الأسلحة، بصرف النظر عما إذا كانت ذات طبيعة هجومية أو دفاعية، أو كانت تسمى هجومية أو دفاعية، فإننا سنشهد مزيداً من العنف".
وهو ما أيَّدته تريتا بارسي، نائبة الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي، إذا قالت إن استراتيجية الإدارة الأمريكية الحالية غير فعالة، ولم تؤد إلا إلى "تعميق الصراع" مع زيادة الحوثيين لحدة ردِّهم على التصعيد السعودي.
وأضافت بارسي: "على مدار العام الماضي، رأينا [بايدن] وقد عاد سريعاً إلى النمط القديم للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وهو النمط الذي يقوم على الانحياز إلى أحد الأطراف، والتورط في الصراعات الخاصة بدول أخرى، وبيع المزيد من الأسلحة".