قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، في تقرير نشرته الأربعاء 19 يناير/كانون الثاني 2022، إن التعزيزات العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا أعادت إثارة الخلافات فيما يتعلق بالدور الذي يجب أن تضطلع به أوروبا في الدفاع عن نفسها، ومدى اعتمادها على تحالفها مع الولايات المتحدة في حلف الناتو.
حيث بدت تلك الانقسامات بارزة يوم الأربعاء 19 يناير/كانون الثاني 2022، مع استهلال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عودة بلاده إلى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي بخطابٍ مفعم بالحماسة دعا فيه أوروبا إلى اتخاذ مسارها الخاص وتولي زمام نفسها.
إعادة تسليح أوروبا
إذ قال ماكرون في خطابه الذي ألقاه بجلسة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ: "يتطلب أمن قارتنا (إعادة تسليح استراتيجية) لأوروبا لكي تصبح قوة سلام وتوازن، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالحوار مع روسيا".
كذلك فقد دعا الرئيس الفرنسي إلى تأسيس "نظام جديد للأمن والاستقرار"، مشيراً إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي "يجب أن تصوغ هذا المقترح، ثم تشاركه مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي، ثم تعرضه على روسيا للتفاوض".
في المقابل، لم تلق تصريحات ماكرون استحساناً كبيراً لدى ممثلي الدول الشرقية للاتحاد الأوروبي، فقد بدوا قلقين من أن يعني تطوير أوروبا قدرات دفاعية منفصلة إضعافاً لمظلة الحماية الأمنية التي يوفرها الناتو بدعم من الولايات المتحدة.
حيث قال إدجارز رينكيفيكس، وزير خارجية لاتفيا: "لا يجوز أن نكون في وضع يتناقض فيه موقف الاتحاد الأوروبي مع الموقف الذي يتخذه الناتو. ودعونا نتحدث بصراحة، الطريقة التي تدير بها الولايات المتحدة هذا العمل -وما تنطوي عليه تلك الإدارة من شفافية وتنسيق- شيء ينبغي حقاً الإشادة به".
تعزيز القدرات الخاصة في مجال الدفاع
يذكر أنه وعلى مدار السنوات الماضية، أخذ ماكرون يدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز قدراتها الخاصة في مجال الدفاع، والآن تمنحه رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي أداة جديدة لنشر دعوته. ومع ذلك، فإن هذه الخطط لطالما لم تلقَ كثيراً من الحماسة لدى ألمانيا والاقتصادات الأوروبية الكبرى الأخرى، التي بدت سعيدة بعد أن تستمر الولايات المتحدة في أخذ زمام المبادرة عن الدول الأوروبية في ردع العدوان الروسي على الجناح الشرقي للكتلة.
ففي اجتماع عقد قبل أيام في مدينة بريست الفرنسية، قال وزراء الخارجية الأوروبيون إنهم ما زالوا منفتحين على الحوار مع روسيا، لكنهم شددوا على أن ردهم على أي تطورات في الأزمة الأوكرانية يلتزم التنسيق الوثيق مع الناتو والولايات المتحدة، والدفاع عن "المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها الأمن الأوروبي".
في سياق متصل تنقل صحيفة WSJ عن أشخاص شاركوا في المناقشات قولهم إنه لم يكن هناك إجماع على الدور الذي يجب أن يضطلع به الاتحاد الأوروبي، ولا بشأن المطالب الأوروبية التي ينبغي أن تتخذ مساراً مستقلاً عن الناتو في المفاوضات بموسكو.
جهود أوروبا لحل أزمة أوكرانيا
كانت الجهود التي بذلها الأوروبيون لحل الأزمة اصطدمت بجدار من الرفض الروسي. فقد تجاهلت موسكو دعوات باريس وبرلين لإعادة إطلاق محادثات "نورماندي" للسلام حول أوكرانيا، والتي تشارك فيها فرنسا وألمانيا مشاركة مباشرة. ويقول مسؤولون أوروبيون إن الكرملين يحاول تهميش القوى الأوروبية والتفاوض مباشرة مع واشنطن.
في غضون ذلك، فإن دولاً أوروبية، مثل بولندا وليتوانيا وإستونيا، لديها شكوك تحول دون مشاركتها الدول الكبرى بأوروبا -خاصة فرنسا وألمانيا- في وجهات نظرها المتشددة حول التعامل مع روسيا. وترى حكومات تلك الدول أن رأيها يحظى بثقل أكبر داخل الناتو، وأنها قد تجد بين دول التحالف الأطلسي مزيداً من الحلفاء الذين يشابه تفكيرهم رؤيتها حيال التفاوض مع روسيا.
في هذا السياق، قال مسؤول حكومي بولندي: "نحن نتطلع حقاً إلى إبقاء هذا الأمر في زمام الناتو. ونعتقد أن هذا [الاختلاف بين خطاب الاتحاد الأوروبي والناتو] يرسل إشارات مختلطة".