ذكرت صحيفة The Washington Post الأمريكية، الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني 2022، أن عاصفة ثلجية في الشرق الأوسط تركت عديداً من اللبنانيين والسوريين يهرعون من أجل العثور على أساليب تساعدهم على النجاة، وذلك من خلال حرق الملابس القديمة والبلاستيك في بعض الحالات، وحتى روث الأغنام؛ كي يحصلوا على التدفئة في ظل انخفاض درجات الحرارة وزيادة حدّة الفقر.
بدأت العاصفة، التي حملت اسم "هبة"، مساء الثلاثاء 18 يناير/كانون الثاني، ويُتوقع أن تصل إلى ذروتها غداً الخميس 20 يناير/كانون الثاني، وقد تسبب انهيار الاقتصاد اللبناني وانهيار العملة اللبنانية في زيادة أعداد الأسر اللبنانية التي تعجز عن تحمل ثمن الوقود اللازم لتدفئة منازلها في الشتاء.
وضع مأساوي
يقول الناشط الاجتماعي بسيم الأطرش: "الموقف صعب جداً جداً"، تحدث الأطرش من مدينة عرسال اللبنانية القريبة من الحدود السورية، التي تغطيها الثلوج في الوقت الحالي، والتي تستضيف واحداً من أكبر تجمعات اللاجئين السوريين في البلاد، والذين يصل عددهم إلى 50 ألف شخص، وأغلبهم يعيشون في خيامٍ مهلهلة.
كما أوضح الأطرش أن اللاجئين السوريين، إضافة إلى بعض اللبنانيين الذين سقطوا تحت براثن الفقر منذ الانهيار المالي للبلاد بدءاً من أكتوبر/تشرين الأول 2019، يفتقرون إلى وقود الديزل والمدافئ، فضلاً عن أن انقطاعات الكهرباء المستمرة تجعل المدافئ الكهربائية عديمة الفائدة.
قبل أن يضيف قائلاً: "إنهم يحرقون أي شيء كي تظل مدافئهم تعمل، من البلاستيك إلى الملابس القديمة". وفي وقت سابق من هذا الشهر، ماتت أُم سورية وأطفالها الثلاثة في أثناء نومهم بعد استنشاق الأبخرة السامة الناتجة عن حرق الفحم، وذلك من أجل تدفئة غرفتهم في إحدى القرى جنوب لبنان.
فيما قرر مواطن لبناني يدعى نديم عطية، يعيش في بيت يرتفع 750 متراً عن مستوى البحر، أن يتبرع ببعض الحطب إلى الأسر المعوزة بعد أن سمع عن شدة برودة الطقس المرتقبة، واستخدم عطية موقع تويتر للإعلان عن تبرعاته: طنٌ من الحطب. يكفي هذا الحطب من خمس إلى ست عائلات خلال الأيام الثلاثة المنتظرة الأشد برودة.
يقول عطية: "لقد خزنت حطباً خلال الصيف ولدي كمية معقولة. فلماذا لا أشاركها مع الناس المحرومين؟"، ويبحث عطية عن وظيفة بعد أن فقد عمله في إحدى الدول الخليجية قبل عامين.
يخشون أن يتجمدوا حتى الموت
يصل سعر طن الحطب إلى خمسة أضعاف الحد الأدني للأجور، أي يباع مقابل 3 ملايين ليرة لبنانية (120 دولاراً)، فيما يصل سعر 20 لتراً من وقود الديزل الآن لنحو 300 ألف ليرة لبنانية، أي عشرة أضعاف سعره قبل 3 سنوات.
في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي سوريا، حيث شُرد 3 ملايين شخص، عزز ياسين الياسين خيمته بأقمشة ودعائم إضافية، في ظل تعاظم سوء الأحوال الجوية.
فيما يعيش الياسين في الخيمة مع زوجته وابنه وابنتيه، ولم يستطع تحمّل ثمن الحطب ولا وقود التدفئة، ولذا سوف يحرق روث الأغنام الجاف الذي كوَّمه منذ الصيف الماضي.
يقول الياسين في حديثه مع صحيفة The Washington Post عبر الهاتف من داخل خيمته المحاطة بالجبال التركية بالقرب من الحدود التركية: "كل ما نملكه من أجل حمايتنا هو الأقمشة والبطانيات". وأوضح أن من يتلقون العملة الصعبة من أقاربهم في الخارج، هم فقط من يستطيعون تحمّل ثمن وقود الديزل والحطب من أجل التدفئة.
في السياق نفسه، ذكرت مجموعة تقديم المعونة الدولية CARE International أن درجات الحرارة يُتوقع أن تنخفض في الأردن ولبنان وسوريا إلى ما دون الصفر، مما يحمل مخاطر على حياة الملايين الذين يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر بالفعل.
جوليان فيلدفيك، مديرة منظمة CARE بسوريا، صرح في هذا الخصوص قائلاً: "الناس يستطيعون رؤية أنفاسهم بينما يستلقون فوق مراتبهم الرقيقة، وسوف ترى أطفالاً يرتدون الشباشب والقمصان الممزقة. العائلات تخشى أن تتجمد حتى الموت".