عزَّز المغرب في السنوات الأخيرة إنفاقه العسكري بشكل كبير، وتجلى ذلك من خلال التفوق النوعي الذي أصبحت تملكه الرباط في مجال سلاح الجو، انعكس على مجريات العمليات التي تنفذها شرق الجدار الأمني داخل الأراضي المغربية.
ومن خلال رفع ميزانيات الإنفاق العسكري تسعى الرباط لتقليص الفوارق بينها وبين الجزائر، وعدم ترك الفرصة لأي تفوق عسكري للجارة الشرقية، خاصة في ظل التصعيد غير المسبوق بين البلدين.
تطوير السلاح البحري في المغرب
وعلم "عربي بوست" أن القوات المسلحة المغربية تتجه في الفترة القادمة من هذه السنة إلى تعزيز ترسانتها على مستوى الوحدات البحرية، في محاولة لتجاوز محدودية الأسطول المغربي مقارنة بالجزائر، وكذلك تقادم القطع التي يملكها المغرب.
وسجلت مصادر لـ"عربي بوست" أن سنة 2022 ستعرف دخول عدد من الاتفاقيات بين المغرب وبين مصدرين دوليين حيز التنفيذ، تمكن هذه الاتفاقيات الرباط من تجديد قطعها البحرية، وتعزيز تسلح وحدات البحرية الملكية.
ووفق المصادر ذاتها، فإن البحرية الملكية وضعت استراتيجية جديدة، تشمل في مستوى أول تجديد الأسطول، إذ إن المغرب يملك بوارج قديمة، وإن محاولات إصلاحها وتحديثها بعد الدراسة أظهرت أنها ستكلف قيمة شراء سفن حربية جديدة.
وتابعت أن المغرب مثلاً يمتلك عدداً من الزوارق الحربية، دخلت الخدمة في بداية الثمانينات، كزوارق الصواريخ المخصصة للمطاردة في المياه الإقليمية من طراز Lazaga Class، حيث شرع المغرب في إزالة أسلحته تمهيداً لتغيير وظائفها.
وأفادت أن الأمر لا يتوقف على هذا النوع من الزوارق، بل كذلك يشمل جميع مكونات السلاح البحري، عملاً بمقتضيات تجديد ترسانة الأسلحة المغربية.
وبخصوص المستوى الثاني في الاستراتيجية، زادت المصادر ذاتها أن الرباط تسعى من خلاله إلى تعزيز القدرات البحرية المغربية، سواء على مستوى مراقبة الحدود البحرية، أو امتلاك سفن وزوارق ذات قدرات كبيرة في عمليات الدفاع والمناورة.
واعتبرت أن واحداً من القضايا ذات الأولوية بالنسبة بالمغرب في هذه المرحلة، هي تجاوز النقص الكبير في سلاح البحرية، مقارنة مع الجزائر، خاصة بعد المناورات التي استعملت فيها الجزائر أحدث ما تملكه من أسلحة بحرية، لاسيما الغواصات.
وشدّدت على أن المغرب، فتح الباب لمفاوضات تشمل كل ما يتعلق بسلاح البحرية، سواء بطائرات المراقبة البحرية، أو زوارق التمشيط، أو زوارق الصواريخ، والسفن المضادة للغواصات، وصولاً إلى الحديث عن إمكانية اقتناء غواصة أو اثنتين.
سوق مفتوحة
مصادر "عربي بوست" شددت على أن المغرب لا يضع شروطاً ولا حدوداً في البحث عن الشراكات والعقود، فالرباط تعمل وفق أهداف، وهدفها أن تصل لعدد من الصفقات لحاجاتها الدفاعية العاجلة في سلاح البحرية نهاية العام الجاري.
وسجلت أن الرباط من أجل كل هذا شرعت في البحث عن شركاء دوليين لتحقيق هذه الأهداف، التي وضعت لها سقفاً زمنياً متمثلاً في نهاية السنة الجارية 2022.
وأوضحت أن المغرب وضع لائحة بأهم الدول التي يعتزم حسم صفقات التسليح البحري معها، ويتعلق بصفة أولية بكل من إسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولاندا، وتركيا، دون نسيان الولايات المتحدة الأمريكية.
وراج في الأسابيع الأخير خبر عزم المغرب على اقتناء اثنين من الغواصات الهجومية الفرنسية "سكوربيون"، التي تعد من الجيل الجديد من الغواصات، ويقترب سعرها من نصف مليار يورو، على أساس أن يحصل على فرصة "تمويل مرن" نظراً للوضعية الاقتصادية.
وكانت الصحافة المغربية قد كشفت نية الرباط الحصول على سفينة حربية إسبانية من شركة "نافانتيا"، بلغت قيمة الصفقة 150 مليون يورو بحسب وسائل لإعلام إسبانية.
وفي غمار بحث المغرب عن تعزيز قواته البحرية، زار قائد الجيوش الفرنسية الرباط، حيث تناول الجانبان صفقات سلاح بحرية، تمثلت في رغبة المغرب في الحصول على قطعتين Offshore Patrol Vessel حيث تتنافس الشركتان CMN وKership.
في مستوى ثالث، أجرت القوات البحرية المغربية تمارين بحرية مشتركة مع نظيرتها الإيطالية، في ديسمبر/كانون الأول 2021، كانت مناسبة للحديث عن رغبة الرباط في اقتناء 3 فرقاطات من "فريم"، التي تتميز بقدرتها على حمل صواريخ مضادة للغواصات، وقدرتها أيضاً على حمل صواريخ الدفاع الجوي.
وفي مستوى آخر، انفتحت الرباط على عروض تركيا، الحديثة نسبياً في سوق السلاح، إذ نشر موقع "تاكتيكال ربورت"، أن البحرية الملكية المغربية أجرت مفاوضات مع شركة Golcuk Shipyard التركية، لاقتناء قاذفات للصواريخ من طراز كيليش 2 وفرقاطة خفيفة.
ووفق الموقع ذاته، فقد أجرت البحرية الملكية المغربية محادثات مع الشركة التركية لشراء 15 سفينة، بما في ذلك 10 ARES 35 FPBs و5 ARES 80 SAT، لتعزيز معركة خفر السواحل في المملكة ضد الهجرة غير الشرعية.
وسجل الموقع أن ARES 35 FPB، تملك منصة مثبتة جيداً تتمتع بقدرة فائقة على السرعة تتجاوز 35 عقدة بحرية، وتتوافق وخصائص الانزلاق مع الظروف البيئية القاسية، ويبلغ طولها الإجمالي 11.90م.
وفي السياق ذاته لا يمكن القفز على القطع البحرية الهولندية من نوع "سيكما" التي يعتمد عليها المغرب، والتي يسعى إلى مزيد من الحصول على خدماتها كذلك.
إلى ذلك تعمل الرباط على تعزيز تنوع طائراتها المخصصة لمراقبة الحدود البحرية، لذلك دخلت في مباحثات متقدمة مع كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا.
هذا وأثارت المناورات العسكرية الجزائريةـ الروسية البحرية، التي جرت في سبتمبر/أيلول، انتباه المسؤولين المغاربة الذين قرروا رفع وتيرة التسلح في مجال القوات البحرية، خاصة بعد التصعيد الخطير وغير المسبوق من طرف الرئاسة الجزائرية والمجلس الأعلى للأمن، وقيادة الجيش، الذين هددوا المغرب بشكل علني ومباشر.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”