أقر المستشار الأمريكي السابق لحكومة الإمارات وصاحب الزيارات المتكررة للبيت الأبيض خلال العام الأول للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في منصبه، جورج نادر، بالذنب لدوره في مساعدة الإمارات على ضخ ملايين من الدولارات للتأثير بطرق غير مشروعة في النظام السياسي الأمريكي خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
موقع The Intercept الأمريكي قال، الأحد 16 يناير/كانون الثاني 2022، إن المدعين الفيدراليين كشفوا في مذكرة الحكم التي تعود إلى ديسمبر/كانون الأول أن نادر وافق قبل أشهر على الإقرار بالذنب في إحدى التهم المتعلقة بارتكاب جناية الاحتيال على الحكومة الأمريكية.
إذ قام مستشار الحكومة الإماراتية السابق بتوجيه تبرعات بملايين الدولارات إلى حملة هيلاري كلينتون وإخفاء المصدر الأجنبي للأموال، وهذه هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن إقرار نادر بهذا الاتهام، وفقاً لموقع The Intercept فيما لم يرد محامي نادر على طلب للتعليق.
تآمر إماراتي عن طريق جورج نادر
بحسب مذكرة الحكم الصادرة عن الادعاء العام الأمريكي، فإن جورج نادر قد تآمر لإخفاء مصدر الأموال "من منطلق الرغبة في حشد التأثير السياسي بالنيابة عن حكومة الإمارات وتعزيز مصالح موكِّله".
أضافت المذكرة أن نادر تلقى أموال التبرعات غير القانونية من الإمارات وبمقتضى ذلك، فإن هذا الملف يوثِّق المرة الأولى التي تتهم فيها الحكومة الأمريكية صراحةً الإمارات، حليفها الوثيق، بالسعي بطرق غير قانونية للتأثير في مسار المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية.
يقول الموقع الأمريكي إنه في ضوء ذلك، فإن إقرار جورج نادر بالذنب يسلِّط الضوء من جديد على جهود الإمارات وحاكمها، ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، للتأثير في انتخابات عام 2016 والعمل على تشكيل السياسة الأمريكية لاحقاً في الخليج.
كما تشير مذكرة الادعاء إلى أن نادر ومعه أحمد "أندي" خواجة، رجل الأعمال اللبناني الأمريكي، سعيا أيضاً إلى ضخ الأموال للوصول إلى "الشخصيات الرئيسية" في حملة ترامب، وأن خواجة تبرع بمليون دولار للجنة تنصيب ترامب. ولا توضح الوثيقة المصدرَ الذي جاءت منه هذه الأموال.
دعم حملة هيلاري كلينتون
يزعم المدَّعون أن مجموع ما حوَّله جورج نادر من عمله في الإمارات إلى خواجة، الرئيس التنفيذي لشركة معالجة مدفوعات في لوس أنجلوس، بلغ ما يقرب من 5 ملايين دولار.
كما تتناول مذكرة الحكم بالتفصيل جهود نادر وخواجة لإخفاء مسار الأموال وإظهارها كما لو أنها جزء من عقود عمل عادية بينهما.
حسب الموقع الأمريكي، فقد شمل هذا المبلغ الصادر عن حكومة الإمارات أكثر من 3.5 مليون دولار مُنحت إلى اللجان السياسية الديمقراطية العاملة في حملة انتخاب كلينتون، بحسب الادعاء الأمريكي الذي اتَّهم نادر وخواجة و6 آخرين بالعمل معاً لإخفاء أصول الأموال.
بينما لم يقدِّم الادعاء بياناً علنياً يكشف ما حدث مع بقية المبلغ المتبقي البالغ 1.4 مليون دولار، الذي يُقال إن جورج نادر قد حوَّله إلى خواجة.
على أثر إقرار نادر بالذنب، اعترف خمسة من الرجال الثمانية المتهمين في القضية بالذنب أيضاً، ومن المقرر أن يمثل متهمان آخران للمحاكمة هذا العام.
أما خواجة فقد فرَّ من الولايات المتحدة بعد صدور لائحة الاتهام، وذكرت وكالة The Associated Press في عام 2020 أنه محتجز في ليتوانيا، نقلاً عن مسؤولين بالشرطة هناك ومحام ليتواني موكَّل عنه.
نادر تلقى تعليمات من ولي عهد أبوظبي
يتطلع الادعاء إلى الحكم على جورج نادر بالسجن خمس سنوات في هذه القضية، ويطالبون بعدم البدء فيها إلا بعد أن يُتمَّ عقوبته البالغة 10 سنوات التي يقضيها حالياً بتهمة حيازة مواد إباحية للأطفال وإحضار قاصر إلى الولايات المتحدة "لغرض المشاركة في جريمة جنائية ذات طبيعة جنسية".
إذ زعم ممثلو الادعاء أن نادر تلقى تعليماته من ولي عهد الإمارات، وأنه أطلعَ محمد بن زايد بانتظام على خطواته، أثناء السعي للتقرب من كلينتون.
في مرحلة ما، اشتكى خواجة من أن نادر والإمارات لم يُرسلا بعد الأموال اللازمة لتغطية تكاليف حملةٍ كان ينظمها من أجل جمع التبرعات لكلينتون.
فيما كتب جورج نادر في الردِّ عليه، أنه سيُرسل رسالةً نصية "حسب تعليمات سموه"، مستخدماً الاختصار لعبارة "صاحب السمو"، في إشارة واضحة إلى محمد بن زايد.
بعد أيام قليلة كان نادر يستعد للقاء كل من هيلاري كلينتون، والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وسأل مسؤولاً إماراتياً، من شبه المؤكد أنه محمد بن زايد، عما إذا كان بإمكانه الاجتماع به قبل مغادرته.
قال في رسالته: أسافر صباح السبت للحاق بأختنا الكبرى [من المفترض أن الإشارة إلى هيلاري كلينتون] وزوجها: سأراه يوم الأحد وهي في [مكان كذا] يوم الثلاثاء، سيدي! وأودُّ لو أتيح لي أن أقابلكم غداً إن كان ذلك مناسباً لسيادتكم… ونتطلع إلى توجيهاتكم وتعليماتكم ومباركتكم!".
يُذكر أن جورج نادر لم يضخ التبرعات في حملة كلينتون الانتخابية فحسب، بل شق طريقه أيضاً لدعم حملة ترامب المنافسة لها نيابةً عن عملائه في الخليج.
إذ أشار التقرير الوارد عن روبرت مولر، المستشار الأمريكي الخاص، في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، إلى أن نادر، الموصوف بأنه "مستشار كبير" لمحمد بن زايد، أجرى "محاولات للتواصل" مع كلتا الحملتين.