خصصت اليابان عشرات الملايين من الدولارات من أجل أبحاث واختبارات تهدف من ورائها إلى إنتاج مدفع كهرومغناطيسي يطلق قذائف أسرع من الصوت، وذلك ضمن مساعيها لامتلاك القدرة على التصدي للصواريخ فائقة السرعة التي تنشرها كوريا الشمالية والصين وروسيا في مناطق قريبة منها، وذلك حسبما جاء في تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الخميس 13 يناير/كانون الثاني 2022.
في غضون ذلك، جاء الصاروخ قصير المدى الذي أطلقته كوريا الشمالية على بحر اليابان، الإثنين 10 يناير/كانون الثاني، ليكون محفِّزاً جديداً لطوكيو على المضي قدماً في مشروعها لإنتاج السلاح القادر على إطلاق قذائف تفوق سرعتها سرعة الصوت.
فيما يقول خبراء إن حضور كيم قد يكون مؤشراً على حدوث تطوُّر في تكنولوجيا الصواريخ، وقد تفاخرت التقارير الرسمية بالتطور التقني للصاروخ ونجاحه في اجتياز الاختبار الأول في سبتمبر/أيلول والثاني في الأسبوع الماضي.
اليابان مُصرة على إنتاج هذا السلاح
كانت الولايات المتحدة أوقفت أبحاثها التي كانت مخصصة لإنتاج مدفع كهرومغناطيسي في المستقبل، بعد أن خلصت إلى أن الفوائد المحتملة غير كافية لتسويغ التكلفة الهائلة.
لكن طوكيو استمرت في تطوير هذه التكنولوجيا استناداً إلى اعتقادها أن القذائف التي سيكون المدفع الكهرومغناطيسي قادراً على إطلاقها تمنحها فرصةً أكبر للتصدي للصواريخ الأسرع من الصوت لدى خصومها، رغم أن الأخيرة أشد سرعةً ويمكنها المناورة في الجو والإفلات من أنظمة الدفاع.
لا تتمتع الصواريخ الأسرع من الصوت بالسرعة الفائقة فحسب، بل يمكنها حمل رؤوس حربية نووية، وتحظى أيضاً بقدرة كبيرة على المناورة عند الاقتراب من هدفها، ما يجعل أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية تواجه صعوبة كبيرة في اعتراضها.
ميزانية ضخمة
في غضون ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، الإثنين 10 يناير/كانون الثاني، أن صاروخها الأسرع من الصوت نجح في مناورته اللولبية وأصاب هدفاً في البحر على بُعد 1000 كيلومتر من نقطة الانطلاق.
هذه بالتحديد هي الثغرة الدفاعية التي يرمي المدفع الكهرومغناطيسي إلى سدِّها.
بناءً على ذلك، أعلنت وزارة الدفاع اليابانية، الشهر الماضي، تخصيص 6.5 مليار ين ياباني (56.4 مليون دولار أمريكي) من ميزانية السنة المالية المقبلة، للعمل على تطوير هذا المدفع، وقالت الوزارة في بيانها: "سنستمر في الأبحاث المتعلقة بتطوير المدافع الكهرومغناطيسية التي تتيح إطلاق وابل من القذائف الاعتراضية بسرعة أولية فائقة، لأنها تتيح لنا مواجهة التهديدات التي تفرضها الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت".
يُذكر أن إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية كانت قد أوقفت حركة الطيران الجوي عدة دقائق في مطارات عديدة بالساحل الغربي من الولايات المتحدة ضمن الخطوات الاحترازية التي اتخذتها عند الإبلاغ عن اختبارات إطلاق الصاروخ، على الرغم من أن الأراضي الأمريكية لم تكن مهددة في هذا المدى الصاروخي المحدود.
كيف يعمل هذا السلاح الجديد؟
يتكون المدفع الكهرومغناطيسي من شقَين أو قضيبَين، يجري تحميل مقذوف موصَّل بالكهرباء بينهما.
بعد ذلك، يُمرَّر تيار كهربائي قوي عبر قضيب واحد، من خلال المقذوف، ويعود التيار في عكس الاتجاه عبر القضيب الآخر، وهو ما يخلق مجالاً مغناطيسياً قوياً يطلق القذيفة من المدفع بسرعة تفوق سرعة الصوت.
الهدف الذي تسعى إليه الأبحاث التي تعمل على تطوير المدفع الكهرومغناطيسي هو الحصول على سلاح يمكنه إطلاق قذائف تصل سرعتها إلى 2000 متر في الثانية أو أكثر، أي نحو 6 أضعاف سرعة الصوت، وتتفوق سرعتها على سرعة قذيفة الدبابة التي تبلغ 1700 متر في الثانية. وقد نجحت الاختبارات التي تجريها اليابان على المدفع الكهرومغناطيسي في الوصول بسرعة المقذوف إلى 2297 متراً في الثانية.
من الناحية النظرية، فإن هذا المدفع يمكنه إطلاق وابل من المقذوفات من إحدى السفن التي تبحر بسرعة كبيرة وعلى مدى بعيد، وهو ما يزيد قدرتها على اعتراض الصواريخ الأسرع من الصوت. وقد أجرت الصين والهند بالفعل أبحاثاً في تكنولوجيا المدافع الكهرومغناطيسية.
ومع ذلك، لا تزال هناك شكوك حول جدوى هذه المدافع، خاصة في ظل تكلفتها الهائلة. كما أن العوائق تشمل صعوبة الحصول على التصميم الهندسي المناسب لأسطوانة المدفع، وإدارة الحرارة المتولدة، وتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة لتوليد النبضات الكهرومغناطيسية.