كشف موقع Intelligence Online الاستخباراتي الفرنسي، الجمعة 7 يناير/كانون الثاني 2022، أن الرئيس السابق لجهاز "المخابرات العامة" التابع للنظام السوري، علي مملوك الذي أصبح لاحقاً رئيس ما يسمى "مكتب الأمن الوطني"، ابتعد عن المشهد العام، وتوارى على ما يبدو، عن الأنظار خلال الأشهر الأخيرة.
بحسب الموقع ذاته، فإن مسؤوليات "مملوك" المتنوعة، التي تألفت سابقاً من قضايا خارجية، مثل المصالحة الإقليمية وعودة سوريا إلى الهيئات الدولية، بجانب القضايا الداخلية التي على شاكلة المفاوضات مع الأكراد، وغيرها، صارت متراكمة أمام ناظري رئيس النظام بشار الأسد، الذي أكد أنه يعد الشخص الوحيد الذي يسيطر فعلياً على الهيكل المعقد للاستخبارات.
كانت شائعات قد أشارت، في يوليو/تموز 2019، إلى أن "مملوك" أُقيل من منصب "رئيس مكتب الأمن الوطني" وخلفه نائبه اللواء محمد ديب زيتون. لكن المراسلات الرسمية واصلت الإشارة إليه بصفته رئيس مكتب الأمن الوطني حتى بعد هذا التاريخ.
أما في مارس/آذار 2020، فشوهد "مملوك" مع بشار الأسد وهما يستقبلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في العاصمة دمشق. غير أنه منذ ذلك الحين، اختفى اسم "مملوك" من المراسلات القادمة من القصر الرئاسي، برغم أن ذكره كان اعتيادياً في إطار زياراته العديدة إلى الخارج وعدم الإعلان عن مغادرته منصبه.
إخفاق في الأردن
كما أكد الموقع الاستخباراتي أن "مملوك"، الذي كان دائماً حريصاً على السفر إلى الخارج، شوهد لآخر مرة علناً في بغداد خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي. وكان قد تولى مسؤوليات تتعلق بالخلاف بين سوريا والأردن، وهو قضية تعامل فيها سراً مع نظرائه في دائرة المخابرات العامة الأردنية اللواء عدنان الجندي، ثم اللواء أحمد حسني.
بخلاف ذلك، كان "مملوك" نشطاً في هذا التواصل مع الجانب الأردني في أثناء اندلاع الثورة السورية، رغم قطع العلاقات الدبلوماسية رسمياً بين دمشق وعمّان، "لكن المؤسف بالنسبة له أن وزير الدفاع السوري علي عبد الله أيوب، وعملاءه في جهاز الاستخبارات العسكرية، حصدوا ثمار عمله الشاق عندما سافروا إلى عمّان في 19 سبتمبر/أيلول الماضي، ليمهدوا الطريق أمام أول مكالمة هاتفية بين الأسد والملك عبد الله الثاني، في 3 أكتوبر/تشرين الأول"، وفقاً للموقع الفرنسي.
في حين تابع الموقع: "صحيحٌ أن هناك حاجةً لمعالجة عدد من القضايا الإقليمية، من ضمنها المصالحة مع الإمارات وعودة سوريا إلى الإنتربول وإلى الجامعة العربية، لكن مملوك لا يضطلع على ما يبدو بأي دورٍ في محادثات ما بعد الصراع التي تنخرط فيها سوريا".
غائب في القاهرة
فيما أردف: "مع أنه كان دائماً يزور القاهرة، لم يُدعَ مملوك إلى المنتدى العربي الاستخباراتي الثاني، الذي ترأسه عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية. وحضر بدلاً منه الشركسي حسام لوقا، مدير إدارة المخابرات العامة في النظام السوري".
كذلك، لفت إلى أن "لوقا" الذي وصفه بالنجم الصاعد في سماء دوائر الاستخبارات السورية، وضع الخطوط الأمامية والتحركات المتعلقة بمواجهة قوات سوريا الديمقراطية، ذات الأغلبية الكردية، والمدعومة من تحالف تقوده الولايات المتحدة، مؤكداً أن "لوقا صار الآن مسؤولاً عن تولي المفاوضات مع أكراد سوريا".
هذه المفاوضات، التي توقفت الآن، كان يقودها حصرياً علي مملوك، الذي كان يمثل سوريا في محادثات توسطت فيها روسيا، وفقاً لموقع Intelligence Online.
يشار إلى أنه في 11 مايو/أيار عام 2015، انتشرت شائعة تفيد بمحاولة علي مملوك، الانقلاب على نظام الأسد كالنار في الهشيم، وذلك بعد أن نشرت صحيفة The Telegraph البريطانية تقريراً عن تلك المحاولة، على لسان أحد المقربين من الأسد، والذي رفض ذكر اسمه.
حينها اتُّهم مملوك- بحسب ما أوردته الصحيفة- بإجراء محادثات سرية مع المخابرات التركية ودول أخرى تدعم المعارضة السورية، إضافة إلى إجراء محادثات مع شخصيات منفيَّة من سوريا مثل عمّ الرئيس السوري، رفعت الأسد.
إلا أن الإعلام السوري الرسمي أنكر تلك الشائعات، وحمَّل الإعلام الخليجي مسؤولية نشرها، وظهر علي مملوك فيما بعد إلى جانب بشار الأسد بدمشق في أثناء لقائهما مع رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجردي.
وعلى الرغم من تأكيد صحف مثل The Guardian البريطانية هذه الشائعات، فلا أحد يعلم ماذا حدث فعلاً خلف كواليس اختفاء علي مملوك عن الأنظار في تلك الفترة.