دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، السلطات التونسية، الثلاثاء 11 يناير/كانون الثاني 2022، إلى الإفراج الفوري عن نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري والمسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي الموضوعين قيد الإقامة الجبرية.
حيث قالت المفوضية، في بيان، إن "التطورات الأخيرة في تونس عمقت انشغالنا بتدهور أوضاع حقوق الإنسان، ويجب على السلطات إما الإطلاق الفوري لسراح نور الدين البحيري وفتحي البلدي، أو توجيه تهم قضائية لهما وتقديمهما للمحاكمة، بشكل يضمن حقوقهما".
فيما أضافت أن "عملية اعتقال كل من البحيري والبلدي تذكرنا بممارسات لم تحدث منذ أيام (الرئيس الراحل زين العابدين) بن علي، من اختطاف قسري ومحاكمات عشوائية".
كما تابعت: "نحن منشغلون بهذا التدهور في تونس، والتوظيف غير النزيه لقوانين مكافحة الإرهاب، وارتفاع أعداد المدنيين الماثلين أمام القضاء العسكري".
بينما لم يصدر عن السلطات التونسية تعقيب فوري على بيان المفوضية.
في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية مطلعة لقناة الجزيرة القطرية، إن وزير الداخلية التونسي، توفيق شرف الدين، أحال عدداً من القيادات الأمنية على التقاعد الوجوبي.
"اختطاف البحيري"
كانت حركة "النهضة" (صاحبة أكبر كتلة برلمانية بـ53 نائباً من أصل 217) حمّلت، مؤخراً، الرئيس قيس سعيّد ووزير الداخلية، المسؤولية المباشرة عما اعتبرتها "عملية اختطاف" القيادي البحيري.
تعد هذه المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات التونسية باعتقال أحد قيادات حركة النهضة، وهو الأمر الذي ربما يسهم أكثر في تأزم المشهد السياسي بالبلاد.
من جهته، أعلن شرف الدين، في 3 يناير/كانون الثاني الجاري، أن البحيري والبلدي وُضِعا قيد الإقامة الجبرية لتهم تتعلق بـ"شبهة إرهاب" ترتبط باستخراج وثائق سفر وجنسية تونسية لسوري وزوجته بـ"طريقة غير قانونية".
فيما نقلت السلطات التونسية، قبل أيام، البحيري (63 عاماً) إلى قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي "الحبيب بوقطفة" في بنزرت؛ إثر تدهور صحته جراء إضرابه عن الطعام، رفضاً لاحتجازه منذ 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
لكن حركة "النهضة" وعائلة البحيري وهيئة الدفاع عنه رفضوا صحة هذا الاتهام، ووصفته بـ"المسيس"، مطالبين بالإفراج الفوري عنه.
يشار إلى أن البحيري محامٍ وسياسي، وشغل منصب وزير العدل بين عامي 2011 و2013، ثم أصبح وزيراً معتمداً لدى رئيس الحكومة بين 2013 و2014.
إجراءات استثنائية
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، جراء إجراءات استثنائية للرئيس سعيد، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
أما في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس سعيّد عن رزنامة مواعيد للخروج من "المرحلة الاستثنائية"، تبدأ بما سمّاه "الاستشارة الشعبية الإلكترونية"، وتنتهي يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 بانتخابات مبكرة، وتنظيم استفتاء يوم 25 يوليو/تموز 2022.
إلا أن معارضين لسعيد يؤكدون أن إجراءاته الاستثنائية عززت صلاحيات الرئاسة على حساب البرلمان والحكومة، وأنه يسعى إلى تغيير نظام الحكم إلى رئاسي، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
على إثر ذلك، ترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).