شدد البابا تواضروس الثاني بابا أقباط مصر، على أن فكرة ما يسمى "الدين الإبراهيمي" مرفوضة تماماً وغير مقبولة، مؤكداً أنها تعد تفكيراً سياسياً بهدف "تدمير ثوابت الأديان".
جاء ذلك في مقابلة للبابا مع القناة المصرية الأولى، الجمعة 8 يناير/كانون الثاني 2022، بعد نحو شهرين من رفض مماثل من شيخ الأزهر أحمد الطيب، وسط إشادة على منصات التواصل الاجتماعي، السبت، بحديث البابا.
حيث قال البابا إن "هناك أفكاراً سبقت فكرة الدين الإبراهيمي التي هي فكرة سياسية، مثل أن الأديان كالألوان يمكن تغييرها كما نشاء، وهذا شيء لا يتناسب مع فكرة الدين وكلاهما مرفوض تماماً وغير مقبول".
تواضروس أضاف: "من يفكرون بذلك (دون أن يسميهم) يرون أن الأديان السماوية اليهودية والمسيحية والإسلام حسب التاريخ، منشؤها إبراهيم (أبو الأنبياء)، فقالوا كما يفكر الغرب نرجع له ونحذف المختلف، وهذا أمر غير مقبول في الشرق".
"نتاج تفكير سياسي"
فيما لفت البابا إلى أن "الشرق الأوسط مهد الأديان، وهذه الفكرة (الدين الإبراهيمي) هي نتاج تفكير سياسي الهدف منه كسر ثوابت الدين أي دين، والثوابت هي من تحفظ كيان الإنسان والهوية، وبالتالي ما ينادي به الغرب شيء مرفوض".
من جهته، غرد المحلل الفلسطيني ياسر الزعاترة، السبت، مشيداً بحديث البابا، وقال إن "فكرة الدين الإبراهيمي تأتي في سياق ترويج التطبيع، وشيخ الأزهر رفضها قبل ذلك".
كما غرد الناشط السعودي المعروف تركي الشلهوب مشيداً بحديث البابا.
كان شيخ الأزهر أحمد الطيب قد رفض، في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، "دعوات مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالة واحدة أو دين واحد يسمى بالإبراهيمية أو الدين الإبراهيمي".
حينها أضاف الطيب أن "هذه الدعوى، مثلها مثل العولمة، والأخلاق العالمية وغيرها وإن كانت تبدو في ظاهر أمرها كأنها تدعو للاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته".
بينما استدرك: "إلَّا أنها، هي نفسها، دعوة إلى مصادرة حريات الاعتقاد والإيمان والاختيار".
كانت صحيفة الأهرام المملوكة ناقشت تلك الفكرة آنذاك، قائلة إن "أول من أطلق مصطلح الدين الموحد بغرض سياسي بحت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي علق على العلاقات الإماراتية الإسرائيلية بمصطلح سُمع للمرة الأولى؛ حيث وصف الاتفاق (التطبيعي في عام 2020) بين الجانبين بالإبراهيمي".
الدين الإبراهيمي
كانت توجهات قد ظهرت مؤخراً تُنادي بالإبراهيمية، أو الدين الإبراهيمي، نسبةً إلى إبراهيم عليه السلام، أبي الأنبياء ومجمع رسالاتهم، وملتقى شرائعهم، وما تطمحُ إليه هذه التوجهات من مزج اليهودية والمسيحية والإسلام في رسالةٍ واحدة أو دِين واحد يجتمعُ عليه الناس.
تعد دولة الإمارات أحد أهم مروِّجي الدين الإبراهيمي في الشرق الأوسط، وبرز ذلك من خلال إنشائها العديد من الكيانات والمؤسسات والمؤتمرات والندوات والمبادرات والاتفاقيات التي تدعو إلى الالتفاف حول ما يسمى الديانات الإبراهيمية الثلاث وتقصد بها (الإسلام، والمسيحية، واليهودية).
في عام 2014 أنشأت الإمارات "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" برئاسة رئيس مجلس الإفتاء الشرعي الشيخ عبد الله بن بيه. ويعقد المنتدى بصفة دورية في الشهر الأخير من كل عام.
ولم يكتفِ بن بيه برئاسته للمنتدى بل شارك في "ملتقى المبادرة الإبراهيمية" الذي نظمته الخارجية الأمريكية في 3 ديسمبر/كانون الأول 2020، وخلال كلمة له في الملتقى قال بن بيه: "إن ميثاق حلف الفضول الجديد الذي أصَّلته العائلة الإبراهيمية في 2019 في أبوظبي يمكن أن يشكل مرجعية دينية قوية لهذه الانطلاقة الجديدة".
يشار إلى أنه في النسخة السادسة من منتدى السلم الذي عُقد في أبوظبي في الفترة بين 9 و11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أطلقت الإمارات "ميثاق حلف الفضول الجديد" الذي وقَّع عليه العديد من القيادات الدينية من اليهود والمسلمين والمسيحيين.
أما في 9 فبراير/شباط 2021 أعلنت الإمارات على لسان سفيرها في روسيا محمد أحمد الجابر أنها ستفتتح "بيت العائلة الإبراهيمية" خلال العام 2022، وأنه سيصبح مكاناً للتعلم والحوار والعبادة وسيركز على التقريب بين جميع الأديان.